* حلَّ موسم الذبح العظيم.. قبل بِضعة أسابيع،
* وذبح الذابحون «خرفانهم»، أو ما شاؤوا من الأنعام.
* فنِعْم الذبائح، مسخّرَة للذبح، مسفوكة دماؤها، حلالاً وبالحق، لا اعتداءً، ولا بغيا، ولا تجاوزا، او طغياناً.
* ونِعْم الذبيح، المفتدى، عليه من الله سلام، وعلى أبيه، ثم على كل التُّقاة، المعتبرين، المخلصين.
* وهكذا: جعل الله، ذابحاً وذبيحاً.
وخلق الله انساناً.. وخلق الله خرفاناً.
وجعل لكلٍ مكاناً، وغايةً، ومُرتقى.
* وما ينبغي لأحد أن يخلط الأوراق، ويتبادل الأماكن، ويلعب ب (المراتب)، والأدوار.
* سأل احدهم «عالماً» فقال: أذا جاء يوم النَّحر، وأخذتُ «خروفي» إلى المذبح، هل أمشي أمامَه، أو خلفه، أو على أحد جانبيه. أجابه العالم: يا بُني، لا تكن «خروفاً» وأمْش، حيثما شئت.
* استغرقت، السائل قضايا «البروتوكول»، و«الاتيكيت»، وآداب المشي يوم الذبائح، ونسي، او تناسى ان القضية الأساسية يوم الذبح، هي «الخروف».
* ونشرت مجلة «صباح الخير» المصرية منذ عهد بعيد «كاريكاتيراً» يمثل حماراً يمشي يوم عيد الأضحى، في حشْد كبير من «الخرفان»، فيعلق احدهم قائلاً: انظروا إلى هذا «الحمار» حقاً، كيف يخاطر بحياته.
* والعذر له طبعا أنه «حمار»، ولو لم يكن حماراً، لما صاحب خرفاناً، تمشي إلى مذابحها في يوم ذبحها المعلوم.
* فما العذر اذن للآخرين، إذْ «يستخْرِفون»؟
* إن «البلاء» مبعث حزن وأسى، وسبب تقطيب وجزع، فإذا قالوا إن شرَّ البلاء ما يضحك، فلعلّه شيء يشبه تبادُل الأدوار، بين «الإنسان» و«الخروف» او اختلاط الأوراق بين شعوب وقطعان، أو تداخل «المراتب» بين كرامة الآدمي وذلة البهيمة.
* تروى لنا بعض كتب التاريخ بأن التَّتار دخلوا بغداد في يوم من أيام بؤسنا وهواننا وتَبَعْثرِنا و«استخرافِنا» وبلغَ الهوان و«الاستخراف» مبلغه، الأسيف، فكان الرجل من «التتار» يمر بجمع من «المسلمين» فلا يكون معه شيء يذبحهم به، فكان يستوقفهم ويطلب منهم ان ينتظروه حيث هم، حتى يأتي بما يذبحهم به، ثم يذهب ويعود فيجدهم منتظرين مستسلمين صامتين فيذبحهم.
* «الخرفان» لا تنتظر ذبحها إلا مُقيدةً أو مشغولةً، بالعُشب أو البرسيم، ولا يثير ذلك المنظر بكاءً كأنه ضحك أو ضحك اسوأ من البكاء.
* أمَّا «الاستخراف»، فذلٌّ ومهانة وبلاهةٌ، واستخذاء، وهزلٌ، تبكي منه إلى ان تضحك عليه، أو تضحك عليه إلى ان تبكي منه، وهذا هو شرُّ البلية الذي يُضحك.
* اذا نظرت يوماً حوْلك فرأيت قطعاناً تبحلق في مذابح اخوانها، أو بني عمومتها، وسمعت فحسب ثغاءً وهمهمةً فلا تحسبن أنك ترى خرفاناً:
* انهم «مستخرفون» في زمان الذبح الذليل المهين.
* لم ينالوا حتى طُهْرَ «الخروف» وكرامته وبراءته.
* لا سقاك الغيثُ إذا الغيث هَمَا، يا زمان الذبح في ساحات «المسْتَخْرِفين».
* ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
|