أسلحة ذكية في حرب شرِّيرة

تناثرت جثث ضحايا الحرب في شمال وجنوب العراق، ففي الشمال كان هناك قرابة المائة منها قصفتهم الطائرات وهم نائمون، أما في الجنوب فقد لقي 70 شخصاً مصرعهم في القصف الأمريكي البريطاني بينهم أسرة تتكون من خمسة أفراد.
هذا هو بعض المعلوم حتى الآن عن ضحايا هذه الحرب المأساوية، ولا بد أن هناك أسراً كاملة مدفونة تحت الأنقاض عندما هوت ألف من الصواريخ الفتاكة في ليلة واحدة على العاصمة العراقية بغداد.
ومع كل هذه الأهوال فلا يوجد ثمة ما يشير إلى وقف هذا الجنون بل إن العسكريين يبدون وكما أنهم قد فرغوا لتوّهم من تمهيد الأجواء لمعارك أشدّ شراسةً.. فهناك حديث عن ضربة استهلالية تمهيدية فجر الخميس الماضي تلاها قصف مكثف ومركز، ما يشير إلى أن القصف الاستهلالي لم يكن مركَّزاً رغم أنه تم بمئات الصواريخ من نوع كروز.
ولأن هذه الحرب تستخدم فيها أحدث ما انتجته المصانع الغربية من الأسلحة، فإن الخسائر المرتقبة والتي حدثت حتى الآن هي كبيرة وفادحة على الرغم من حرص القادة الغربيين على أن ما لديهم من أسلحة دقيقة وذكية، لكننا نشير إلى أن ذكاءه من النوع المدمر الذي خَلَّف 70 قتيلاً في البصرة وحدها، وفي لمح البصر، بينما قلت قنابلهم قرابة المائة في جبال الشمال العراقية..
ولعلَّ الحديث عن أسلحة ذكية بينما تسيل الدماء الناجمة عنها في كل مكان هو إمعان في استفزاز الضحايا وأسرهم بل والعالم أجمع.. وكان ينبغي أن يتوجه هذا الذكاء، وهو إنساني في المقام الأول، إلى تجنيب البشرية حرباً أخرى بدلاً من التلذذ بتجريب الصواريخ الفتاكة على أناس عزل بينهم الأطفال والنساء وكبار السن من الرجال.
إن منتهى الذكاء ذلك الذي يتوجه إلى تأمين سلامة البشر من مثل هذا الجنون وكانت الفرصة متاحة لتجنب هذه الحرب، وكانت هناك إجراءات تسير على الأرض وأعمال مستمرة منها بصفة خاصة عمل المفتشين الدوليين، لكن ومن جانب آخر كان هناك إصرار على إشباع رغبات انتقامية جامحة غطت بسطوتها على كل تلك الجهود الخَيِّرة وفرضت نفسها على مسرح الأحداث وشرعت في إهدار الدماء بطريقة بشعة.