تستضيف مدينة جدة كل عام وعلى مدار عامين متتالين السوق الخيري السنوي الكبير الذي تقيمه المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية المنزلية فرع المنطقة الغربية بعنوان«بساط الريح والذي يعد أكبر سوق خيري يقام سنوياً ويعود ريعه لصالح البرامج والانشطة الخيرية التي تتبناها مؤسسة الرعاية المنزلية.
وقد نجح السوق في ان يثبت اقدامه عاماً بعد عام على خريطة الانشطة الخيرية الفعالة والايجابية التي تتبناها وتقوم بها مؤسسة الرعاية المنزلية، والتي تأسست في العشرين من شهر صفر لعام 1418هـ برئاسة حرم ولي العهد الأميرة حصة بنت طراد الشعلان، هي المؤسسة الاولى من نوعها على مستوى الوطن العربي التي تهدف إلى مساعدة المرضى طويلي الاقامة بالمستشفيات الذين يعانون من امراض مزمنة وحادة تحتاج إلى رعاية صحية مستمرة بغرض تقديم الخدمة الطبية لهم في منازلهم وبين اسرهم.
مهرجان بساط الريح «2» صورة مشرقة لمعنى التكافل الذي يميز مجتمعنا
في حديث ل «الجزيرة» مع الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز رئيسة المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية المنزلية فرع المنطقة الغربية حول اهم انشطة المؤسسة قالت سموها «ان بساط الريح الاول العام الماضي اشتمل على اليات جديدة في تنظيم وعرض المنتجات المتنوعة، إلى جانب أنه اصبح يمثل سابقة جديدة في تنظيم اليات العمل المشترك بين الجمعيات الخيرية من داخل جدة من خارجها، حيث شهد المهرجان اشتراك عدد من الجمعيات الخيرية من خارج جدة التي يشترك معظمها لأول مرة في مثل هذه المهرجانات التي حازت على قبول واعجاب الكثير من الحاضرات بمنتجاتها المتميزة في المراكز والشركات الخاصة والتجارية والمعنية بأعمال الخير مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية وكله كان تحت مظلة المؤسسة الخيرية للرعاية المنزلية التي شاركت بنجاح كبير ومميز اشتمل على منتجات عضوات المؤسسة.
واضافت سمو الأميرة عادلة «كما اشتمل المهرجان ايضاً على جناح شركة المملكة القابضة- القسم النسائي للمشاريع الخيرية والشؤون الاجتماعية ويمثل هذا الجناح الشراكة بين القسم النسائي وبين الجمعيات الخيرية والقطاعات الحكومية والخاصة المختلفة، كما يعنى هذا الجناح ايضاً بتقديم الدعم المالي والفني للجهات التطوعية الجادة الممثلة في الجمعيات الخيرية المنتشرة في جميع ارجاء المملكة وخارجها وذلك سعياً إلى تخطيط وتنفيذ مشروعات تطوعية وتنموية وتحقيق المنفعة المادية والمعنوية للمستفيدين من خدمات هذه الجهات.
نجاح جديد
* كيف تقيمين سوق بساط الريح. وما الذي تميز به في عامه الثاني؟ وما هو الجديد فيه هذا العام؟
«يعتبر مهرجان بساط الريح 2» امتداداً للنجاح الذي حققه مهرجان العام الماضي الذي كان له اكبر الاثر في دعم المرضى واسرهم، وهذا المهرجان هو الصورة المشرفة لمعنى التكافل الاجتماعي الكبير الذي يتميز به مجتمعنا الإسلامي خاصة وان المؤسسة هي الاولى والوحيدة على مستوى الوطن العربي التي تعنى بصحة المرضى ورعايتهم، لذلك يأتي هذا المهرجان السنوي الكبير لدعم جهود المؤسسة الخيرية في هذا المجال، وهو ما تم ترجمته من خلال المشاعر النبيلة الانسانية وحب الخير تجاه الاخرين والذي يعد المحرك الاساسي وراء هذا الاقبال الشديد من السيدات اللاتي تسعد المؤسسة بزيارتهن وبدعمهن للخير والعطاء الذي يعود اليه ريع المهرجان والمساعدة في تحقيق اهداف المؤسسة الخيرية، ويشارك في بساط الريح وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السعودية والتي تجمع في فرعها دار التربية الاجتماعية للبنات بجدة، ومراكز التأهيل الشامل بجدة، ومؤسسة رعاية الفتيات بمكة المكرمة ومركز التأهيل الشامل بالطائف.
واضافت سمو الأميرة عادلة «يعود ريع هذا المهرجان لصالح اهداف المؤسسة التي تتمثل في توفير الرعاية لمن يحتاجها من المرضى باشراف طبي داخل المحيط المنزلي للمريض، وتلبية احتياجات المرضى في تقديم رعاية صحية لمرضاهم وتقريب المسافة وتحسين التواصل بين ذوي المريض وطاقم التمريض والاطباء، وايضاً نشر الوعي والثقافة الصحية بين افراد المجتمع وتحويله الى عنصر دعم لجهود الدولة في المجال الصحي وعاملا مساعداً لدور القطاعات الصحية، وتخفيف الضغط على الطاقة الاستيعابية السريرية للمستشفيات بتحول المريض من الحالات المزمنة والخاصة الى الاستفادة من برنامج المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية، الى جانب الاتصال والتنسيق مع مراكز اقليمية وعالمية لتوحيد مقاييس الرعاية المقدمة وتطوير مجالاتها وتطبيق برامج حديثة تعزز من قدرات المؤسسة بما يتفق مع ثقافة وعادات المجتمع السعودي.
أهداف خيرية
* سمو الأميرة عادلة من خلال المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية تقومين برعاية مجموعة من الانشطة الهامة والمتميزة.. هل يمكن توضيح أهم أهداف الجمعية ومجالات نشاطها؟
«كانت البداية الطموحة للمؤسسة في 20 من شهر صفر لعام 1418هـ لبناء لبنات على طريق العمل الإنساني الخيري في وطننا الحبيب للرعاية الصحية المنزلية، وكانت هذه النشأة المباركة تحت رعاية حرم ولي العهد صاحبة السمو الأميرة حصة الشعلان، ثم اصبح الحلم حقيقة وترجمت الاحلام والاهداف الطموحة إلى عمل جاد بإنشاء فرع المنطقة الغربية للمؤسسة الذي أشرف برئاسته.
والأهداف الخيرية والاجتماعية للمؤسسة تكمن في تطوير علاقة المريض بمجتمعه من خلال الزيارات المنزلية والرحلات الترفيهية التي تقوم بها المؤسسة بالاضافة إلى توعية الاجيال الصاعدة على مدى أهمية العمل التطوعي في المجتمع من خلال تدريبهم على زيارة المرضى بالمستشفيات وتقديم الهدايا الرمزية التي تسهم في رفع معنويات المريض.
وهناك عدة أهداف للمؤسسة تسعى إلى تحقيقها منها:
الأهداف الطبية: وهذه تتمثل في الزيارات الطبية والطارئة للعمل على تقديم الخدمات الطبية المنزلية المتنوعة لمرضى الامراض المزمنة وامراض الشيخوخة وامراض الجهاز العصبي والتنفسي، كذلك توفير العلاج والمتطلبات الصحية والتأكد من حسن استخدامها، كما تهدف المؤسسة ايضاً الى تقديم برامج التأهيل الطبي للاطفال والكبار من خلال العلاج الطبيعي وتقوية العضلات والتدريب على استعمال التكنولوجيا الطبية والوسائل المساندة والمتاحة للمريض، كما تشمل الأهداف الوطنية الطبية للمؤسسة، أيضاً الاتصال بالمؤسسات الوطنية والعالمية وإعداد برامج توعية عامة للجمهور بغية الوقاية من الأمراض الشائعة ومكافحتها لتعزيز مستوى الوعي الصحي.
أما الأهداف الاجتماعية للمؤسسة فتتمثل في تعريف المجتمع بأهمية ودور الرعاية الصحية المنزلية واهدافها من خلال فعاليات ونشاطات اجتماعية متنوعة بالاضافة إلى اعداد وطباعة النشرات والتغطية الإعلامية في وسائل الإعلام المختلفة، كذلك توعية الأجيال الصاعدة وترسيخ أهمية العمل التطوعي في المجتمع من خلال تدريبهم على زيارة المرافق الصحية للتخفيف عن المرضى ورسم البسمة على وجوههم، وأيضاً جمع التبرعات العينية والمادية للمساعدة في نقل المرضى المستقرة حالاتهم إلى المنزل وللمتابعة العلاجية المستمرة من قبل الرعاية المنزلية الصحية، كما تقوم المؤسسة كذلك بتقديم الدعم المنسق مع أسر المرضى لاستيعاب احتياجاتهم ومدى مقدرتهم على العناية بالمريض.
ولا ننسى ايضا ان المؤسسة تقوم بتقديم العون والمساعدة الاجتماعية للمسؤولين عن المريض من خلال خدمات تسهم في الرفع من عبء الاعمال المنزلية اليومية.
الرعاية الطبية المنزلية
* متى بدأ تاريخ الرعاية الصحية المنزلية؟ وكيف جاءت الفكرة؟
«بدأت الرعاية الصحية المنزلية في منتصف القرن العشرين وأخذت تكتسب دورا كبيراً باعتبارها بديلاً اقتصادياً للرعاية الصحية لمرضى الامراض المزمنة المعالجة في المستشفيات، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهر جلياً مدى الحاجة الملحة للرعاية الصحية المنزلية، ولتقديم خدمة صحية أساسها المجتمع.
أما في المملكة والتي تأخذ دائما بكل ما هو جديد من علوم ومعارف وينعكس اثر ذلك على تطوير وتأهيل بنية المجتمع السعودي، لذلك فقد سارعنا الى تطبيق هذا النوع من الرعاية في بداية التسعينات حيث انشئت المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية في شهر سبتمبر 1997م من أجل تلبية الاحتياجات الصحية والنفسية والاجتماعية للمرضى مع العمل على توفير الدعم المادي والعيني لأفراد عائلات المرضى وذلك لتحقيق مستوى جيد وحياة طيبة وكريمة لهذه العائلات ضمن بيئتهم المنزلية.
1500حالة حتى الآن
* كم عدد المرضى الذين قامت المؤسسة بتقديم العون لهم حتى الآن؟
«استوعبت المؤسسة الخيرية حتى الان أكثر من 497 مريضاًِ وذلك حتى نهاية عام 1999 بزيادة قدرها 85% عن عام 1998، وبذلك بلغ اجمالي الحالات المعالجة ضمن المؤسسة منذ انشائها وحتى العام الماضي 1999«1500» حالة وذلك مع الوضع في الاعتبار أن المريض الواحد قد يعالج أكثر من مرة ولأكثر من حالة خلال فترة التحاقه بالبرنامج، كما تم القيام بأكثر من 5774 زيارة طبية خلال عام 1999، مقارنة ب 2353 زيارة في العام 1998 وذلك نتيجة لتنظيم الوقت والتنسيق بين افراد الفريق التمريضي والتدريب المكثف الذي اكسبهم مهارة في تخفيض عدد ساعات تقييم المريض من 15 ساعة ونصف الى 6 ساعات ونصف.
الأمراض المزمنة والحادة
* هل هناك نوعية معينة من الامراض تتولى المؤسسة رعايتها فقط؟
لاتوجد نوعية معينة أو حالات معينة تتولى المؤسسة رعايتها دون غيرها، فالمؤسسة تعنى وترعى نوعيات وحالات مختلفة من الامراض، ما بين الحادة والمزمنة، والمتأخرة بالاضافة إلى الامراض التخصصية كأمراض الصدر والفشل الكلوي، وقد قامت المؤسسة بشراء معدات والات طبية حديثة من أجل متابعة ومعالجة كل هذه الحالات، وبلغ الان عدد الالات الطبية التي تمتلكها المؤسسة 255 آلة، هذا الى جانب الصيانة والمتابعة المستمرة لهذه الاجهزة والمعدات الطبية مما يجعلها في حالة جيدة بشكل مستمر ويطيل من عمرها.
* ما هي مصادر التمويل الرئيسية للمؤسسة؟
أحب ان اوضح واؤكد ان مصادر وينابيع الخير في المملكة متدفقة وكثيرة والحمد لله، والمؤسسة لديها عدة مصادر للدخل الخاص بالانفاق على هذه الخدمات الطبية المنزلية والانشطة الاخرى التي تقوم بها الجمعية تتمثل فيما يلي:
تقوم المؤسسة ببيع منتجاتها من البروشات والقلادات المكتوب عليها اسماء الله الحسنى، وهذه تمثل مصدراً للدخل المرتفع، والعام الماضي تم جمع مبلغ 550،199 ريال سعودي من بيع مثل هذه القلادات وكانت من تصميم وأهداء السيدة/ نادية الزهير، كما تم تسويق بطاقات معايدة من تصميم الفنانين التشكيليين السعوديين والتي بلغ ريعها 679،133 ريال. وهذه المساهمات من الفنانين التشكيليين تؤكد على تفاعل وتعاون وانصهار المجتمع السعودي كله في العمل الخيري، هذا الى جانب رسوم العضوية بالجمعية، والتي تمثل مصدراً قوياً من مصادر التمويل لها خاصة بعدما وصل عدد العضوات فيها الى 104 عضوة منهن اربع عضوات استشاريات، وبلغت القيمة الاجمالية لتبرع كل هؤلاء العضوات إلى أكثر من 949 الف ريال، كما تنهال التبرعات المادية والعينية من كل عناصر الخير في المجتمع.
الغسيل الكلوي والقدم السكري
* ما أهم الأهداف والخطط المستقبلية التي تسعى المؤسسة الى تحقيقها؟
الطموحات والأهداف كبيرة، وكل يوم يحمل انشطة وافكار جديدة للمؤسسة، فنحن بدأنا هذا العام دراسة امكانية اقامة برنامج للأسر المنتجة وذلك بإعداد دراسة مسحية لاعداد الافراد المستهدفين وانواع المهارات الممكن تطويرها ومستوياتها، ثم التنسيق مع المؤسسات المؤهلة التي يمكن ان تسهم في الرفع من ادائهم من خلال برامج تأهيلية وتدريبية تساعدهم على ايجاد فرص عمل لهم.
كما قمنا بافتتاح مركز المؤسسة الخيرية للرعاية الصحية المنزلية في منطقة جدة ويضم خدمات طبية واجتماعية وتأهيلية، وكل ذلك ينطلق من الهدف الرئيسي للمؤسسة وهو توسيع القاعدة الكبيرة للمرضى المستفيدين من خدماتها، واضافة خدمات طبية وتأهيلية جديدة تغطي احتياجات المرضى في المملكة، كما نخطط في المستقبل بإذن الله إلى توسعة القاعدة الطبية لمرضى بعض الامراض المزمنة مثل القدم السكري، والديلزة الدموية «الغسيل الكلوي» في المنزل، وانقباض التنفس اثناء النوم، كذلك التوسع في عدد المراكز الطبية التابعة للجمعية حتى نتمكن من تقديم الخدمات الطبية الى كل مريض في هذه البلد الطيب.
المرأة السعودية طاقة متدفقة
* في ختام هذا اللقاء سمو الأميرة: كيف تقيمين دور المرأة السعودية ومساهماتها في تقدم ونهضة هذا المجتمع؟
وما حققته في ميدان الاعلام والصحافة حتى الان؟
المرأة السعودية ذات طاقات متدفقة ومستمرة، ولقد نجحت بمشاركة الرجل السعودي في النهضة التي تشهدها بلادنا وخاضت شتى مجالات العمل واثبتت جدارتها ونجاحها، لذلك اسندت اليها مسؤوليات ومهام كبيرة وهامة نجحت في أدائها بجدية والتزام وعلى أفضل وجه.
والمرأة السعودية تلعب دوراً لايقل أهمية وفاعلية عن الرجل السعودي، بل هو دور مواز لدور المواطن في تطوير المجتمع، لذلك فان عدم مشاركتها يعطل عدة قطاعات هامة وحيوية في النهوض بالمجتمع.
- وعن دورها في ميدان الصحافة فما لاشك فيه أن الصحافة النسائية في المملكة بدأت تتحرك وتخرج من حالة الصمت والسكون والركود التي كانت فيها من قبل، ولكن للحقيقة مازالت الصحافة كمهنة بالنسبة للمرأة السعودية في بدايتها نظراً لطبيعة المجتمع السعودي المحافظ، لكن في نفس الوقت لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية ان الاقلام النسائية في الصحافة المحلية والملاحق النسائية المحلية بشكل ملحوظ، واصبحت تتابع وتغطى أهم قضايا المجتمع، لكن الإنسان الطموح سواء رجل أو أمرأة لايقف عند حد معين بل يسعى دائماً للتطور والتحسين للارتقاء بمستوى ادائه.
ولا يمكنني التعميم بأن الصحافة النسائية تقدم كل ما هو مثمر وهام للمرأة والأسرة السعودية، فبعضها حقق تميزاً في الطرح ومواكبة العصر، وعرض المشاكل بجدية وصراحة، وبعضها الآخر مازال راكداً وليس له أي دور فعال أو ايجابي.
|