Monday 24th march,2003 11134العدد الأثنين 21 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هدير الـ B52 لا يمنع «بنقلة» جدة من الصراخ «سمك سمك» هدير الـ B52 لا يمنع «بنقلة» جدة من الصراخ «سمك سمك»
أسعار أسماك جدة ثابتة والبحر لا يزال بذات الكرم

* جدة خالد الفاضلي:
تدق ساعة مدينة جدة (الرابعة فجراً) حينما يخرج من البحر صيادون يطوون أشرعتهم، يسحبون سنانيرهم، ويلقون بخيرات البحر في أحضان سوق السمك (البنقلة) دون ان يحجبهم تشنج ملامح وجوه مذيعات القنوات الفضائية وهم يلملمون بالصوت والصورة فاجعة تهافت (كروز) وملحقاتها على قلب بغداد وأخواتها.
يضع الصيادون هدايا البحر على منصات البيع (دكات) بين أيادي رجال مهمتهم الصراخ القوي قبل شروق الشمس من أجل تسويق وبيع أسماك وجمبري في مزاد حر مفتوح بالجملة والمفرق، متاح للأفراد والمؤسسات، ولم يخطر في بال أي منهم أن يجعل الحرب البعيدة سبباً لرفع الأسعار حتى الدلالون يحصلون على ذات ال 5% من العائدات، تماما كما يفعلون قبل صراخ صفارات الإنذار على الكويت وبغداد كما أن أحاديث وظروف الحرب لم تحم بنقلة جدة من طغيان الصيد المستورد بنسبة 60%، والآتي من مياه اليمن ودول الخليج العربي، رغم اتساع مساحات نتاج الصيد المحلي الممتدة بجوار ساحل البحر الاحمر من جيزان، مروراً بالبرك، القحمة، ثول، ذهبان، ينبع، املج، الوجه، ثم ضبا.
يتزامن صوت محركات ال B52 مع صوت محركات القوارب ليلاً، يقودها صيادون يبحرون في تجاويف ظلام البحر الأحمر، يصطادون أرواح السمك والرزق الحلال، في حين يشق ذات الظلام قادة ال B52 في طريقهم لاصطياد قلب بغداد، وارواح أبرياء، والكل يعود للأرض مع بزوغ الفجر، ففي الوقت الذي تعود فيه ال ال B52 خفافا بعد أن اصطادوا أبنية بغداد بقنابل وصواريخ تنزلق على خيوط الليزر، أو وسائد الكترونية ترسلها الأقمار الصناعية، يعود صيادو بنقلة جدة (ثقالاً) مع إطلالة الفجر الباكر محملين بما اصطادوا بوسائلهم التقليدية الثلاث الصيد بالجلب (طعم يوضع في أعلى السنارة لإغواء السمك)، أو بفرد الشوار (الشبك)، أو استخدام خدعة القراقير (الصخاوي) مع اعتمادهم الأكثر على خيوط السنارة، (لأن تضاريس قاع البحر الأحمر وانتشار الشعاب المرجانية فيه تحول دون التوسع في استعمال طريقتي الشبك والقراقير الاكثر تناسباً مع الصيد في مياه الخليج العربي)، إذن كل يصيد ويعود بطريقته.
ويتدثر في ركن غير بعيد كهل بزي حجازي، يعرف بمسمى رئيس الصيادين، ويهتم بالاشراف والتنظيم ومراقبة الأسعار بالتعاون مع أمانة جدة، يعود بالامر إليه 25 دلالاً يعملون في (البنقلة)، يمتلكون (دكات) يعرضون عليها السمك والجمبري مع صلاة الفجر مباشرة إلى الساعة الثامنة والنصف صباحاً موعد انتهاء مزاد الأسماك أو (الحراج) بينما يستغرب (سليمان الثقفي) من سؤال هل زادت الأسعار بسبب حرب العراق؟ ويرد بلهجته العامية (ليش الأسعار تزيد، يا خوي حنا بأمان)، ويستمر البيع التقليدي والصفقات الصغرى في أطراف السوق طيلة اليوم.
يأتي منتصف الليل، ويأخذ البحر بين أحضانه رجال وقوارب يسعون في ظلمات البحر بحثا عن الرزق بقلوب تبحر نحو الغرب في ذات الوقت الذي تطير على ارتفاع 50 ألف قدم اسراب ال B52 نحو الشرق، ومع ذلك لا يزال اليوم مثل الأمس من كل جوانب السعر وكمية الصيد، ويستمر سمك (الناجل) يزهو بسعر 40 ريالا لكل كيلوجرام منه، بينما يتبعه (الهامور) ب (30) ريالا ثم (الشعور) كما هو ب 25 ريالا دون ان تمس ظروف الحرب محافظ الداخلين أو الخارجين من بنقلة جدة.
حملت (الجزيرة) على يدها سؤال (هل تغير شيء؟)، ولفت به أركان (البنقلة) وعادت بجواب متشابه من كل الزوايا (كل شيء لم يتغير) حتى مشاكل صيادي وسماسرة السمك السعوديين لا يزالون يشكون من ضياع ملامح المكان تحت سطوة السمك المستورد و(البائع) المستورد أيضاً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved