|
العمل حق مشروع لكل مواطن، داخل وطنه وبين مجتمعه، وهذه تعد مكتسبات وطنية مُسلماً بها، ولا يمكن المساومة عليها أو حتى إحباطها مهما كلف الأمر ذلك، وفي الوقت نفسه لا يفترض الممانعة من استقطاب وتوظيف غير المواطنين كلما دعت الحاجة إليهم، سواء لكسب خبراتهم أو سد نقص عمالي في قطاع أو آخر، وتأتي جزءاً من السياسة السعودية خصوصاً منذ بدء العقد المنصرم، وهي عازمة في قولها وفعلها بأن تسعى جاهدة في تسنم الجميع أو على الأقل غالبية المواطنين، وظائف متعددة خصوصاً في القطاع الخاص الذي يعد الموظف الأكبر في البلاد، وصاحب ذلك العديد من إحداث أنظمة جديدة وتشريعات عديدة كلها تصب في جعل سياسة التدريب والتوظيف مواكبة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، ويأتي مجلس القوى العاملة كهيئة حكومية يناط بها تخطيط القوى العاملة وتنميتها وتدريبها وتطويرها في القطاعين الحكومي والخاص، فضلا عن اختصاصاته في رسم دراسة الاحتياجات القائمة للقوى العاملة بمختلف فئاتها من السعوديين وغيرهم، وبالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المعنية في الدرجة الأولى بشؤون التطبيق والإشراف للأنظمة العمالية عامة، من هنا نلحظ أن الجهود في الواقع دؤوبة والمساعي أكثر من جيدة، سعياً إلى توافر الفرص الوظيفية للمواطن، وما يقدر من هذه الجهود في الواقع، هو سعي تلك الجهات بنهج سياسة الحصر الوظيفي أو الاستثماري لبعض من الأعمال المهنية والفنية والإدارية، وأنشطة تجارية معينة على المواطنين دون غيرهم، والتي كان آخرها أعمال البيع في منشآت الذهب والمجوهرات والذي بدأ تطبيقه اعتباراً من 1/1/1424هـ، ومع دعواتنا المطلقة لنجاح مثل هذه القرارات والتنظيمات التي تتحقق في ظل هذه الفترة التحولية، التي يتحول فيها تسلم أعمال في القطاع الخاص للمواطنين، إلا أن البعض منا ربما يلاحظ أو يتصور أن البعض من هذه التطبيقات ربما لن يحالفها النجاح على المدى القصير، إما لسبب عدم رغبة بعض من طالبي العمل للعمل في هذا أو ذاك العمل المحصور على المواطن، أو لعدم توافر الخبرة أحياناً لدى المواطن في هذا أو ذاك النشاط المعني به، مما يتسبب الأمر معه إضعاف جزء من اقتصادياتنا بشكل أو بأخر، وهذا الطرح لا يعبر عن رسالة تنادي بإلغاء أو تحجيم مثل هذه القرارات أو التنظيمات ، وإنما القصد والمطلوب في الوقت نفسه أن تسعى الجهات المعنية بالتشريع والإشراف على سياسات التوظيف، إلى استحداث آليات جديدة في عمليات الإحلال الوظيفي خصوصاً الرامية إلى حصر العمل أو المتاجرة في بعض الأنشطة التجارية، وأن يكون من ضمن هذه الآليات التعرف بداية من طالبي العمل ومن هم على أبواب التخرج في المؤسسات التعليمية سواء بطريقة الاستبيان المتاحة أو ميدانياَ، عن مدى قابليتهم في التربع على عرش هذه المهنة أو تلك، وصولاً إلى الأهداف الحقيقية المرجوة من جعل أبناء الوطن يعملون في كل عمل شريف بكل تفان ومقدرة، ولا شك ان الخطوات المنتهجة في منح فرص متفاوتة لبعض من الأنشطة الاقتصادية لحين ترتيب أصحابها لأوضاعهم مع عمالتهم الوافدة، والسعي إلى استقطاب عمالة مواطنة يعد نهجاً قويماً وسليماً، ويعد من الآليات ذات النهج الحكيم والديمقراطي، إلا أن المقصود من طرحنا هذا هو إعادة إخضاع سياسات الحصر الوظيفي والمتاجرة للسعوديين فقط، إلى مزيد من الدراسة والبحث وصولاً إلى منطلقات ربما نرى فيها الفائدة الأشمل والأعم، دون أن يكون أمر كهذا على حساب تفويت الفرص أو تأخرها على أبناء الوطن. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |