Monday 24th march,2003 11134العدد الأثنين 21 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

استراتيجية التغيير بدءاً بالعراق استراتيجية التغيير بدءاً بالعراق
خالد محمد آل مرسل

في رابع أيام حرب التغيير انطلاقاً من غارة «الصدمة والرعب».. بات تطبيق الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط انطلاقاً من العراق أكثر فعالية وأكثر تأكيداً.. فالانتصار الأمريكي على العراق أكيد لا محالة.. فالآلة العسكرية الأمريكية أكثر تطوراً ودقة.. والحصار على العراق على مدى 12 سنة أفقده سلسلة كبيرة لتطوير ترسانته العسكرية.. وليس الحديث عن مقارنة بين الترسانة العسكرية الأمريكية والترسانة العراقية.. ولكن الحديث عن تنفيذ ملف التغيير في الشرق الأوسط انطلاقاً من العراق.. وستستخدم الولايات المتحدة في تنفيذ مشروعها هذا انطلاقاً من حربها على العراق شتى أنواع الأسلحة المتطورة لضمان تحقيق نصر على العراق عملت له الإدارات الأمريكية المتعاقبة وحسبت له ألف حساب انطلاقاً من قلب نظام صدام حسين حتى يتسنى لها التغيير بسهولة ومن ثم قلب منطقة الشرق الأوسط رأساً على عقب منذ استلام الولايات المتحدة الأمريكية ملف إسرائيل منذ ان ولد هذا الطاعون في الشرق الأوسط سنة 1948 بعد الحرب العالمية الثانية.. والولايات المتحدة تعمل جاهدة منذ ذلك الحين لتأمين أمن هذا الكيان الصهيوني والعمل على خلق أجواء سياسية هادئة انطلاقاً من دولتين إسرائيلية/ فلسطينية ولكن هل من الممكن ان تضمن أمن هذا الكيان في ظل شرق أوسط لا تراه الدولة العظمى مناسباً؟؟
وانطلاقاً من ذلك أخذت الإدارة الأمريكية منذ استلامها ملف الشرق الأوسط لتخلق استراتيجية تكتيكية تعمل من خلالها على زعزعة أمن المنطقة بكل الوسائل العسكرية الاقتصادية السياسية لكي تضمن لعبة سياسية في المنطقة.
حرب الخليج الأولى والتي انتصر فيها العراق على إيران عملت الولايات المتحدة في ذلك الوقت على دعم للعراق غير مباشر كان الهدف منه اضعاف إيران تدريجياً وجعلها كنقطة في غرفة الحرب في البيت البيضاوي في واشنطن الأمر الذي سيجعل من إيران هدفاً تكتيكياً بعد العراق، وفضلاً عن ان العراق يعتبر من أقوى الحلفاء للاتحاد السوفيتي آنذاك وحتى الآن بشكل ضعيف أثرت عليه الأحداث السياسية المترامية.. إلا ان الإدارة الأمريكية عملت خلال تغطيتها للحرب بين العراق وإيران جاهدة لاحتواء المد السوفيتي في المنطقة.. وتجاهل الاتحاد السوفيتي «روسيا حالياً».
وباختصار شديد.. بنى العراق ترسانة نووية كبيرة هدد فيها المنطقة بقيادة صارمة مستبدة «صدام حسين» وليس ذلك دفاعاً عن صدام نفسه.. بل دفاعاً عن الشعب العراقي وأرض العراق وكرامة العراق التي تنتهك الآن لأجل أمن إسرائيل.. ولكن لنقل ان الإدارة العراقية لم تحسب حساباً لما سيحدث الآن ولم تفهم قواعد اللعبة.
أضف إلى ذلك حرب الخليج الثانية.. وتبقى هي المحك الرئيسي.. فعندما غزا العراق الكويت العام 1990 وزعزع أمن المنطقة.. وجعلها ترزخ تحت رحمة الغرب كل ذلك كان بغطاء أمريكي تعاقبته الإدارات المتتالية بل كانت تعد العدة لضمان تحقيق هذا المطلب وذلك لضمان انتشارها في المنطقة لتنفيذ عملية استراتيجية ستطال دولاً أخرى بعد العراق علماً بأن غزو العراق هو خطة من ضمن الخطط الأمريكية خطط لها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الراحل نيكسون ونفذها العراق في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بالغطاء الأمريكي.
إن اتهام الإدارة الأمريكية للعراق ببناء ترسانة عسكرية وامتلاكه أسلحة دمار شامل يهدد بها أمن المنطقة على مدى 12 سنة من الحصار.. ليس سوى ذريعة لخلق قنوات دبلوماسية تجعل منها أزمة للحرب ومحو هذه الدولة لتكوينها من جديد.. وهو ما تطمع إليه بريطانيا أيضاً فهذه الخطوة خطا وخطط إليها أيضاً رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عندما اقنع الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم توجيه ضربة للعراق بعد أحداث 11 سبتمبر ليتسنى فتح جبهة وقناة دبلوماسية تفتح المجال للحرب على العراق وتغيير نظامه الأمر الذي سيدفع بذلك إلى ضمان التغيير والمرونة في المنطقة.وأخيراً وليس آخراً.. فإن تغيير الشرق الأوسط وإعادة تركيبته «عملاً بنظرية الدومينو الديمقراطي» والتي طرحها وزير الخارجية الأمريكي في الفترة الأخيرة وسقوط صدام حسين.. سيكون ذلك مثالاً يدفع بقية دول المنطقة تتجه نحو الديمقراطية كما تتصور وتعكف على تنفيذه الإدارة الأمريكية.
وبالفعل سيكون ذلك تسهيلاً لتحقيق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فإعلان خارطة الطريق والتي تضمن قيام دولة فلسطينية لن يتم إلا حين تكتمل واشنطن العمل وتنفذ مشروعاً أمنياً يضمن بقاء إسرائيل بسلام بعد استكمال الحرب في العراق «الحرب الوقائية» واستكمال التغييرات الجذرية التي ستطرأ على النظام العالمي وإعادة تركيب الشرق الأوسط ومراجعة التحالفات التقليدية ومن ثم اجبار دول المنطقة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بدءاً بعراق ما بعد صدام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved