* المدينة المنورة مروان قصاص:
من الأشياء الجميلة في مجتمعنا حرص أفراد هذا المجتمع على تعميق وتعزيز الترابط والتكاتف بين أفراده وهو أمر مندوب إليه في الدين الإسلامي كما انه من المبادئ والقيم الإنسانية المهمة التي تحرص حكومتنا الرشيدة على دعمها من خلال العديد من الجمعيات الخيرية ويسعى الجميع إلى تفعيل ذلك الترابط من خلال العديد من المبادرات الجيدة التي يتبادلها المواطنون في العديد من المناسبات ومنها القود أو هدية الزواج واللصق وهو هدية المولود وهدية المريض، وغير ذلك من أساليب التعاون والمساعدة والتهادي التي تعزز وتعمق العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا.
وهذا التكاتف والترابط كان سائداً منذ زمن بعيد وكان المسجد مكان تجمع الجيران وإذا غاب أحدهم سأل عنه الآخرون فإذا قيل لهم انه مريض اتفقوا على عيادته بعد معرفة حقيقة حالته وهل هو مريض حقا أو محتاج لعون وعندها يقوم كل واحد بوضع مبلغ من المال تحت وسادته وفي اليوم الثاني يشفى المريض ويعود لممارسة حياته بشكل طبيعي، ويضيف كان الجيران يساعد بعضهم البعض في جميع المناسبات، وكانت الأفراح والمناسبات تقام في الأحياء حيث يفتح الجيران منازلهم لاستضافة المعازيم في جو من المحبة وكانت هذه البيوت التي تفتح في المناسبات السعيدة تفتح عند حدوث أي مكروه لا قدر الله وهذه الصورة كانت من الصور الاجتماعية الرائعة في مجتمعنا وقد اندثرت مع ما اندثر من عادات وقيم ولكن هناك محاولات لبعثها من جديد لأهميتها في تعزيز قدرات المجتمع وإشاعة أجواء أشمل من الترابط والتكاتف بين أفراد المجتمع.
ويرى الجميع أن للمرأة دوراً كبيراً في تعميق الترابط والتكاتف في المجتمع لأن دورها في المجتمع أكثر تفاعلاً من دور الرجل وخاصة في التواصل الأسري والاجتماعي فهي التي تقدم هدية الزواج وهدية المولود وهدية المريض وهدية النجاح وغير ذلك وتكون مساهمة الرجل في تأمين هذه الاحتياجات وهو ما يشكل دعماً لهذه التوجهات الاجتماعية الطيبة، ومن العادات التي تنتشر في مجتمعنا وخاصة في المنطقة الغربية نجد عادة قديمة تم بعثها بثوب جديد وتجد تشجيعاً من الجميع وهذه العادة تشتمل على العديد من القيم الطيبة منها التراحم والتعاون والترابط وهي تنتشر بآثارها الطيبة في مجتمعنا وتقوم على أساس مشاركة بعض السيدات المدعوات لمناسبة نسائية والقريبات أو الصديقات المقربات من صاحبة الدعوة في إعداد أطباق من الأطعمة المختلفة في المنازل وجلبها إلى موقع المناسبة لدى الأهل أو الجيران حتى ولو كانت مناسبة صغيرة..
وتقول إحدى السيدات وهي سيدة كبيرة في السن إن المجتمع السعودي مجتمع طيب وحريص على التواصل والترابط بين أفراده الذين يسعون لتعزيز وتعميق الترابط الاجتماعي والتعاون والعمل الجماعي، وقالت: هناك عادة مشاركة السيدات بتقديم أطباق خلال تلبيتهن لدعوة من أحد الجيران أو الأهل وهي من العادات الجميلة التي أخذت بالانتشار في المجتمع وتضيف أن بداية هذه العادة كانت بين الأهل فقط وكانت تتم على أساس التعاون بين الأسر وكان جلب أي طبق من سيدة غير ذات صلة قرابة إلى صاحبة الدعوة أمراً مرفوضاً وغير مقبول قبل سنوات قليلة ولكن هذه العادة تطورت وحظيت بتشجيع المجتمع الذي يود انتشار العادات الطيبة بين أفراده لتتجاوز الأهل إلى أقرب الصديقات فعند توجيه الدعوة من صاحبة المنزل للسيدات تبدي كل واحدة من المدعوات رغبتها في إحضار طبق معين وهكذا تجد ربة المنزل صاحبة الدعوة أنها ليست مطالبة بأي شيء إلا استقبال ضيوفها وإعداد المكان المناسب وعمل الشاي والقهوة فقط أما ما تبقى فإن القريبات والصديقات متكفلات به وهذا شيء طيب فيه تراحم بين أفراد المجتمع.
وتقول سيدة أخرى: إن صاحبة الدعوة ولثقتها بنفسها وبأهلها وصديقاتها توزع المهام عليهن وتطلب من كل واحدة طبقاً معيناً وقبل موعد المناسبة يتم إحضار الأطباق فتجد من تحضر السلطات ومن تحضر أطباق الحلوى ومن تحضر المعجنات وأيضا من تحضر القهوة وهكذا وكأن الجميع في رحلة وهذا ما يخفف الضغط على صاحبة الدعوة لتكون مرتاحة ومهيأة نفسياً وجسدياً للترحيب بضيفاتها كما انه يحد من تكاليف الدعوة بتوزيع هذه التكاليف على الجميع.
|