كثيرا ما تُقصى المرأة عن قضياها الحقيقية، وتتبنى قضايا مسقطة عليها، تزوَّر حاجاتها الحقيقية بل تزوَّر طبيعتها الأنثوية، وعلاقة تلك الطبيعة مع الكون والعالم من حولها، وتجد نفسها قد تورطت بحنجرة لا تمثلها ولاتعبر عن لواعجها.
فمثلا أعلن «القسم النسائي!!!» بقيادة «أم أسامة وهي على فكرة ليس لها علاقة بأم أسامة بن لادن» في منظمة القاعدة عن تهديد صاخب يترصد بالولايات المتحدة، حيث سيذيقنها مُرَّ الهوان الذي يفوق أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولن يجعلن فيها حجراً فوق حجر.
وهذا التصريح الناري الملتهب الذي يتقدم كالقاطرة المدمِّرة، لا يصدر عن جيش جرار «في أذن الجوزاء من زمازم».
بل هو ينطلق من أنثى، والأنثى هي المرادف الموضوعي للحياة الأنثى هي رمز الحياة والخصب والولادة التي هي ضد الحرب والموت والدمار وهي الرموز الذكورية التي تأخذ الكون باتجاه هاوية الانهيار.
الأنثى حين تنحني على طفلها فأنها تتدلى ككرمة عنب مثقلة بالعواطف والحب، هي بحاجة الى كون هادىء مليء بالأمن بالسلام بالطمأنينة التي يدرج فوقها أطفالها ويكبرون، لكن الشعارات استطاعت ان تقتنص وعي المرأة وتزوِّره، وتعيد انتاجه صوتاً آخر مليئا بالبوم والغربان.
وتنسى ان المرأة هي صمام الأمان للجموح الذكوري الشرس، والمرأة هي البلسم الذي يرطب حراشف العالم وخشونته.
وعلى النقيض المقابل في قطر مثلا تكوَّن هناك فريق نسائي للكرة، والجميع يعرف بأن المرأة في قطر لا تستطيع قيادة السيارة نظراً لاعتبارات اجتماعية، ولكنها قفزت على واقعها وقررت أن تكوِّن فريقاً لكرة القدم، ولا أعتقد ان هذا الفريق يمثل المطلب النسائي الأول هناك، ولكنه رغبة ذكورية أسقطت على حاجتها الحقيقية وزوَّرتها واستبدلتها بفريق للكرة قد لا يوجد إلا في دول قطعت فيهاالمرأة أشواطاً طويلة ومتجاوزة، ولكن صانعي الاعلام هناك لهم أهداف اعلامية في تكوين هذا الفريق ورضخت هي لهذه الأهداف ونسيت أولوياتها.
والمرأة التي تطالب بقيادة السيارة، تكون من ناحية أخرى لا تستطيع ان تقود حياتها بشكل واضح وان تستقل بقرارها وثبوته ومصداقيته. وعلى الرغم من هذا تجعل هذا المطلب من أولوياتها وتنسى أن تنشىء لها مساحة من الإرادة والوعي التي تعرف بها أولوياتها وحاجاتها وتفاصيل كرامتها الانسانية.
والمرأة التي تتداولها البيوت إما مطلقة في بيت أخ أو نصف أو ربع زوجة، هل تقود حياتها، والمرأة الديكور المكتنزة بالمطالب الاستهلاكية هل تسوس حياتها، والمرأة التي تُقْصَى عن أحلامها وموهبتها ورغباتها وطموحاتها.. هل تسوُس حياتها، المرأة التي تفتح يدها في حالة تسول دائمة لرجل يحقق رغباتها ومتطلباتها؟! هل تمتلك زمام أمورها، المرأة التي تنزف ريعان شبابها فوق طرقات قصية وبعيدة بحثا عن الرزق هل اختارت هذا بتمام إرادتها؟!
هناك عملية تزوير كبيرة تترصد بقضاياها وتقصيها عنها، وهي منغمسة في استسلام ساذج للعبة الأقنعة.
|