بخطوات مثقلة بالحياء تقدم اليَّ أحد الطلبة «غير التقليديين» وذلك لعرض تفاصيل مشكلته غير التقليدية هي الأخرى، وكونه طالباً غير تقليدي مرده حقيقة تجاوزه للعمر النمطي المتعارف عليه للطالب الجامعي حيث انه موظف في القطاع الخاص ويواصل تعليمه الجامعي في آن، أما بالنسبة الى عدم تقليدية مشكلته فيرجع الى ان حلولها تقع خارج أسوار الجامعة وتقبع في فضاءات أبعد من أن تؤثر فيها سواعد مسؤولي كليته، فهي بالأحرى تكمن في مرابع «موظفه»، القطاع الخاص، انه طالب في جامعة الملك سعود وبالتحديد في كلية المجتمع الواعدة التي بادرت الدولة - أعزها الله - الى انشائها حديثاً سعياً الى تقليص الفجوة بين ما يتلقاه الطالب في الجامعة وما يتطلبه القطاع الخاص من معايير ومؤهلات وظيفية، هذاوتتلخص مشكلة هذا الطالب في تعارض ساعات دراسته مع ساعات عمله الأمر الذي يجعله أمام خيارين احلاهما مر.. خيار الحفاظ على وظيفته مع خسارة فرصة تعليمه الجامعي أو عكس ذلك.
وللحق أقول انه بحكم قرب موقعي من الزملاء مسؤولي الكلية المعنية فقد وجدت لديهم كل الاستعداد لبذل كل ما من شأنه «التوفيق» بين ساعات عمل الطالب وساعاته الاكاديمية غير ان «اليد الواحدة لا تصفق» كما يقول المثل من حيث ان واقع الأمر يفوق القدرات الفردية ويحد من التطلعات الأحادية، وأذكر في هذا المضمار احد الحالات التي بادر فيها زميلي عميد الكلية الى محاولة تحقيق رغبة أحد الطلبة وصياغة جدوله الدراسي في أوقات لا تؤثر في سيرورة عمله لدى القطاع الخاص، ومع ان هذا الزميل قد نجح بعد جهد جهيد في تحقيق جل ما اراده هذا الطالب إلا انه لم يستطع في نهاية الأمر تحقيق جميع رغباته على الرغم من محاولاته الدؤوبة، حيث اصطدم بحقيقة تعارض أوقات الجوانب التطبيقية المهمة لمادة من مواد جدوله الدراسي - وفي يوم واحد فقط - مع ساعات عمله في القطاع الخاص.عليه وفي ضوء هذه الحقيقة يتجلى السؤال: من تقع عليه مسؤولية مد يد العون لمسؤولي هذه الكلية - بوصفها انموذجاً وحسب - وذلك لغرض انجاح مساعيهم الرامية الى محاولة التوفيق الزمني بين المتطلبات الاكاديمية لجداول طلبتهم والساعات التي تستلزمها أعمالهم في القطاع الخاص؟
اعتقد - أولاً - ان الأمر يستلزم الإقرار بأننا أمام ظاهرة تعليمية جديدة تتمثل في عدم تقليدية عمر الطالب الجامعي الذي لم يعد بالضرورة خريجاً «للتو» من اعتاب المرحلة الثانوية، وثانياً ان الزيادة العمرية هذه تعني في الغالب ازدياد حجم المسؤوليات العائلية على كاهل هذا الطالب الأمر الذي يعني اضراره الى الانخراط في السلك الوظيفي وغالبا في القطاع الخاص. عليه فهذا الأمر يوجب بدوره سعي جميع أطراف المعادلة نحو تجسير الفجوة بين مرحلة التأهيل الجامعي لهؤلاء الطلبة غير التقليديين وحقيقة اضرارهم الى الانخراط في السلك الوظيفي.
ومع انني لا أملك اجابة هنا فإنني استطيع الهمس في اذن من تهمه الإجابة بالقول ان الكرة الآن في مرمى القطاع الخاص وان الظواهر غير التقليدية تحتم حلولاً شمولية/ توفيقية تتجاوز نطاق المألوف من الحلول التقليدية..
|