Sunday 23rd march,2003 11133العدد الأحد 20 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إلى أن تهدأ «العاصفة»..؟! إلى أن تهدأ «العاصفة»..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

* على مر الدهور؛ وكر العصور، تتعرض كثير من الأمم؛ لشتى أنواع البلايا والمحن، وفي أجواء محمومة كهذه؛ تملؤها الكرب؛ وتصطك بها الشدائد؛ تضطرب البلاد؛ وتضيق أنفس العباد؛ فتذهل العقول بعظم المصائب..! فماذا نصنع إذن:


إذا ما أتاك الدهر يوماً بنكبة
فافرغ لها صبراً.. ووسع لها صدراً
فإن تصاريف الزمان عجيبة
فيوماً ترى يسراً.. ويوماً ترى عسراً

* إن ما تمر به منطقتنا العربية اليوم؛ من ضغوط نفسية؛ وحروب إعلامية؛ وما أعقبها من عدوان عسكري صارخ؛ إنما هو محنة حقيقية؛ وشر مستطير، وبلاء ليس بعده بلاء، وفي وقت عصيب كهذا؛ لا مجال أمامنا؛ لكيل الاتهامات، ورفع الشعارات، وتبادل المنابذات. وإنما نحن مطالبون هنا؛ بالعودة الى الوعي؛ أو استعادة هذا الوعي؛ الذي فقدناه زمناً طويلاً، فغاب عنا وغبنا عنه؛ وكانت لغربته عنا؛ غربة منا لواقعنا المؤسف..! فقد أصبحنا في حال؛ كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:


محن الزمان كثيرة لا تنقضي
وسروره.. يأتيك كالأعياد

* هذه هي أمريكا اليوم.. بجيوشها الجرارة؛ تقف على أبواب عاصمة عربية هي بغداد، تعمل على دكها وخرابها من جديد، إنها جريمة نكراء؛ اقترفها «هولاكو» قبل ثمانية قرون؛ ويقترفها «بوش الابن» مرة ثانية..! ولكن ما الحيلة؛ ونحن منذ عصر «المستعصم بالله»؛ ليس لنا من حيلة؛ سوى تجرع «الصِّبْر»؛ والبحث عن مفردات «الصَّبْر»؛ واستجلاء مصطلحات «الحكمة»؛ من حنايا الشعر:


إذا ما عرا خطب من الدهر فاصطبر
فإن الليالي.. بالخطوب حوامل
وكل الذي يأتي به الدهر زائل
سريعاً.. فلا تجزع لما هو زائل..؟!

* ولماذا نوغل في الجزع؛ وشعرنا هذا؛ يدلنا على أن من الشرور المحدقة؛ ما هو أهون من بعض..؟!
رضيت ببعض الذل.. خوف جميعه
كذلك.. بعض الشر.. أهون من بعض..!
* إن قدرنا في هذا الوطن العربي الكبير؛ وفي هذه الأمة الاسلامية الأكبر؛ أن ينبري من بين أظهرنا؛ سفهاء وأشقياء وتعساء؛ فيتطوعون راضين مرضيين؛ غير مكرهين ولا مغصوبين؛ بتقديم كافة الذرائع والحجج الى أعدائنا؛ ثم يطلبون منا في اللحظات الحرجة؛ حمايتهم من نهاياتهم..! إن هذه هي «أم البلايا»؛ التي أولدت بيننا عشرات البلايا.. فهل بقي لنا ما نقوله بعدها..؟! قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:


ليس البلية.. في أيامنا عجبا
بل السلامة فيها.. أعجب العجب..!

* إن الرئيس العراقي «صدام حسين»؛ قدم لأمريكا واسرائيل؛ ما عجزتا عن تحقيقه طوال نصف قرن؛ فقد عمل بكفاءة عالية؛ على تشتيت جهود الأمة؛ وإيهان عزمها؛ وتفتيت وحدتها، وتبديد ثرواتها؛ وتخريب اقتصادياتها؛ في حروب عدمية طوال عشرين عاماً؛ وعندما أنهى دوره بنجاح؛ حانت ساعة نهايته؛ التي هي نهاية كل ظالم في هذا الكون؛ من المغرورين، والمتجبرين، والمتكبرين؛ فلم يجد أمامه؛ غير رمي وزره على كاهل أمته العربية؛ التي أهان كرامتها؛ ومرغ أنفها في التراب..!
* وفي الطرف الآخر؛ فعل «ابن لادن» الشيء نفسه؛ بل كان أقدر وأجدر من صدام؛ فقد وجه فيه «بوش الابن»؛ ووجد فيه «شارون»؛ حصان طروادة الذي يركبانه؛ ليس الى بغداد اليوم وحدها؛ بل الى كل عاصمة عربية بعدها؛ من أجل تركيع الكل؛ وإذلال الكل؛ بحجة الارهاب المنظم من قبل القاعدة..!
* أعترف بأسف؛ بأن هذا؛ ليس هو وقتنا الذي نتلاوم فيه؛ ولكنه هو وقتنا الذي نتحد فيه؛ فلا نسمح لصوت العاطفة أن يعلو فوق صوت العقل، ولا نلتفت الى شعارات مرفوعة؛ أو مغالطات مدفوعة، أو هلوسات مجنونة.. بل يجب أن نعمل بجدارة واقتدار؛ على تفويت كافة الفرص على كل أعدائنا؛ فلا نعطي أي مجال للحاقدين والمبتورين والمأجورين. وأن نقف سداً منيعاً في وجه الاشاعات والضلالات؛ وندحر كافة أنواع الأكاذيب والافتراءات، ونعلم جيداً؛ أن الحروب التي عرفها العالم منذ القدم؛ لم تتوقف على السلاح الناري، بل ظهر منها ما هو أفتك من النار؛ ألا وهي الحرب التي تتخذ من الاشاعة والتخوين والتهويل والتشكيك؛ رصاصات قاتلة؛ نافذة الى قلوب الشعوب الحزينة المكلومة:


تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراً
وإذا افترقن.. تكسرت آحادا

* إلى أن تهدأ هذه العاصفة المجنونة؛ التي جلبها الى أرضنا العربية الثنائي؛ «صدام وابن لادن»؛ يجب علينا الانتباه جيداً الى سلامة بلادنا؛ لأن سلامتنا كلنا هي من سلامة بلادنا؛ ولأن أمننا الفردي والأسري والجمعي؛ هو من أمن بلادنا الذي نعتز به ونفخر على الدوام:


بلادي.. هواها في لساني وفي فمي
يمجدها قلبي.. ويدعو لها فمي
فلا خير فيمن.. لا يحب بلاده
ولا في حليف الحب إن لم يتيم

* إن القلب ليتفطر ألماً في هذه الساعة الكئيبة؛ على ما يجري ويحدث حولنا؛ سواء على الأرض العراقية؛ أو في فلسطين المحتلة، ولكن ما الحيلة..؟! وبعضنا أرادها هزيمة ذليلة؛ بل خطط ورسم لها؛ وتسبب في جلب الجيوش الجرارة؛ والعُدد الهدارة؛ ثم لجأ الى كهف في جبل؛ أو نقب في سهل؛ ينتظر منا نحن - ضحاياه- من يفديه..! بالروح بالدم في بغداد..! وفي تورا بورا..!
* الى أن تهدأ العاصفة.. نحن مطالبون بتحكيم العقل؛ وتدبر الوسائل المنقذة بمشيئة الله؛ من كافة السلبيات المترتبة على هبوب العاصفة الهوجاء.. الوطن.. الوطن.. هو أول الأولويات في تداعيات هذه المحنة؛ والأمن.. الأمن.. هو أوجب الواجبات في خضم هذه الزوبعة؛ والمواطن في هذه البلاد؛ هو الخط الدفاعي الأول؛ قبل رجال الأمن المكلفين حفظه؛ لأن هذا المواطن؛ هو المستهدف الأول من أطراف الشر؛ أولئك الذين لا شغل لهم؛ إلا نشر الفتن؛ وزرع الكراهية، وشحن النفوس بالمغالطات. إن حبنا المتوجب لبلادنا؛ هو أقوى سلاح نملكه؛ لنعلنه ونشرعه في وجود أعدائه؛ الذين هم بالتالي أعداؤنا:
الحب لله.. ثم الحب.. للوطن
حكاية الناس.. في الدنيا وفي الزمن
* نحن إذن في مواجهة محنة عاصفة؛ ونحن وليس أحد غيرنا هنا؛ مطالبون بالتعاون فيما بيننا؛ لإفشال كافة المؤامرات؛ ودحر شتى المخططات؛ وذلك لتبقى بلادنا؛ هي الواحة الهادئة الآمنة؛ وليبقى مواطنونا هم الأوفى مع وطنهم، والأكفأ والأقدر على تجنيبه صروف الزمان:


ولي وطن.. آليت ألا أبيعه
فلست أرى غيري.. له الدهر مالكاً

fax: 027361552

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved