اطلعت في عدد الجزيرة «11111» وفي صفحتها الاخيرة ليوم السبت الموافق 28/12/1423ه على حادثة غريبة ودخيلة على مجتمع مسلم كمجتمعنا.. حادثة ضربت لنا ابشع طرق التسول وانشزها على السماع. لم اكد لاصدق قصة ذلك المتسول والذي قام بالاحتيال على المصلين عندما قدمت خمس جنائز للصلاة عليها بعد أداء الفرض حيث اجهش المحتال بالبكاء امام الملأ صارخاً بهم ومشيراً الى احد الجنائز بقوله «الله لا يحلله ولا يحلل من يصلي عليه» يالله ما اشنعها وما اقواها من كذبة حينما افاد وفي مكان طاهر بأن صاحب الجنازة مدين له ب 800 الف ريال وانه لم يستطع الحصول عليها الامر الذي دعا جموع المصلين واهل الخير «وبطيبة قلب منهم» وبدافع الغيرة ولتأثير هذا الموقف عليهم الى دفع المبلغ كاملاً لهذا المحتال.. ثم رفض هو الصلاة على الجنازة واطلق ساقيه للرياح.. وليكتشفوا في النهاية وبعد ان حمل اصحاب الجنائز جنائزهم بأن الجنازة المدينة ليس لها احد.. وبأنها مجرد تمثيلية وما هي الا مجموعة من القماش ملفوفة بالكفن الابيض.
* يالله ما اقسى هذاالموقف.. على النفس البشرية المسلمة.. ألهذا الحد وصل به الاحتيال.. وأين؟ في هذا المكان الطاهر!!؟
أولم يلقَ من صنوف التسول غير هذه الطريقة الغريبة المؤلمة.. والمقززة للابدان!!
احبتي عندما قرأت هذا الخبر حقيقة لم اتخيل بل لم اتصور البتة ان تحصل حادثة كهذه في مجتمع مسلم محافظ كمجتمعنا.. واذا كان هذا في مجتمعنا المسلم.. اسألكم بالله.. في ظنكم ماذا تركنا بعد ذلك للمجتمعات الاخرى..!!
* وكم من التصورات والانطباعات والتي خرجت بها حال قرائتي لخبر هذه الحادثة الغريبة منها:
وقع هذا المحتال في امور سيئة اوجزها في الآتي:
1- الكذب والذي وقع فيه المحتال وفي هذا المكان الطاهر «فلا حول ولا قوة الا بالله».
2- ايضاً اكل اموال الناس بالباطل.
3- ايضاً يتضح لنا طيبة الرجل المسلم والشعب السعودي.. وتجاوبهم مع القضية!!
* غير انني لازلت اتساءل ما الذي دفع هذا المحتال الى هذه الحيلة الساذجة:
1- لعل اول الاسباب ضعف الوازع الديني عند هذا الشخص..
2- ايضاً عدم تفقد احوال الضعفاء والفقراء الامر الذي يدعوهم الى ارتكاب اعمال سلوكية سيئة لا تقرها شريعتنا الغراء.. من النصب والاحتيال.
- ثم ان استغلال هذا المحتال لفرصة كهذه عندما رفض الصلاة على الجنازة المدينة.. هذه الحادثة اوحت لي وذكرتني بما يؤكد لي ان الشهيد مثلاً لو كان مديناً فانه لا يصلى عليه حتى من يتم سداد دينه واستشهد على ذلك بما ورد عن سلمة بن الاكوع قال:« كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ أُتي بجنازة فقالوا صل عليها فقال: « هل عليه دين؟ قالوا: لا قال فهل ترك شيئاً؟ قالوا: لا فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة اخرى فقالوا: يا رسول الله صلى عليها، قال: هل عليه دين؟ قيل نعم، قال فهل ترك شيئاً؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها ثم أُتي بالثالثة فقالوا: صل عليها، قال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا قال: فهل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير قال: صلوا على صاحبكم، فقال ابو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه، فصلى عليه» رواه البخاري.
- والحكمة في ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من عليه دين تحريض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل الى البراءة لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «الزعيم غارم» رواه ابو داوود والترمذي قال الترمذي حديث حسن.. وروي انه صلى الله عليه وسلم «تحمَّل عن رجل عشرة دنانير» رواه الحاكم.
*اما الدليل من الاجماع: اجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة، وانما اختلفوا في فروع.
*اما دليل هذه الكفالة من القرآن الكريم بما يدل على مشروعيتها في الكتاب قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام {ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم}
قال ابن عباس: الزعيم الكفيل.
*لقد سطرت اناملي هذه العبارات.. استنكاراً.. واستغراباً.. لما قرأت.. ومازلنا نطالب بايجاد حلول لهذه الظاهرة «ظاهرة التسول» والتي احاطت بضعاف النفوس ولدراسة هذه الظاهرة.. فالظاهرة بدأت تستفحل وتصل عند ظواهر ومواقف لا يقبلها العقل ولا الشرع ولا المجتمع كما هي في هذه الصورة.. وخبر هذا المتسول.
ويفترض علينا نحن البشر ان نكون منهم في حذر!!
نعم ان بمد يد العون لهؤلاء المتسولين وبلا تحقق من حاجاتهم للمال.. اننا بذلك تفتح الطريق لهم للتمادي واستغفال المواطنين.. اذ ينبغي علينا عدم تشجيعهم.
وفي رأيي اجدني اتوقف عند مد يد العطاء لمثل هؤلاء المتسولين..واجد المؤسسات الخيرية هي متنفسي الوحيد للعطاء!! لاني بذلك ان اعطيت هذا المتسول فاني افتح الطريق له ولامثاله للاحتيال والتلاعب.. وطرق الاحتيال واردة بشتى الوسائل حتى وان كانت مدعمة بالاوراق والثبوتيات».
بتنا في حيرة ازاء هذه الظاهرة الاجتماعية المتفشية والتي نريد لها حلاً قاطعاً.
سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي معلم بمتوسطة صقلية - المذنب
|