طرح هذا السؤال الصحفي الامريكي «مارك هيرتز جارد» على مختلف سكان العالم، عبر رحلة استغرقت ستة اشهر بحثاً عن الذات الوطنية الامريكية!! وكانت النتيجة: ان امريكا هي بلاد الانانية الشديدة وتقديس الذات! وتساءل الكاتب لماذا لا تكون امريكا حكيمة كما هي قوية؟!
والحقيقة ان امريكا تنسى ان الحكمة والشهامة والتروي والمراجعة هي سبب حياة الامم. وان القوة التي تعتنقها ستدمرها بقدر ما توسع رقعتها وهيمنتها التي تمتلكها!!ان امريكا التي بنت حضارتها بالعلم والتقنية حتى اصبحت سحر الغرب، هي ذاتها امريكا بطبيعتها الخلابة التي يحلم بالهجرة اليها ملايين البشر من دول العالم الثالث، وقد نالت كافة منتجاتها الثقة والتقدير حتى انعكس ذلك على المواطن الامريكي فأصبح ينظر له باكبار، وانسحب ذلك التقدير على اشياء كثيرة منها السيارات الفخمة المتنوعة والمنتجات الغذائية والمواد الاستهلاكية وحتى الافلام والمسلسلات الامريكية التي تتسم آنذاك بالعمق والجدية والنواحي الانسانية. لقد تحولت الآن حتى اصبحت تمثل الوحش الاسطوري النهم الذي يستخدم المراوغة والتلاعب والقسوة بالسيطرة على العالم، ولا نعدو الحقيقة حين نقول انها باتت تشكل الآن البركان المميت!
ان امريكا وهي تدعو الى الحرية بما فيها حريات الاعتقاد والصحافة والتصرفات الا انها لا تدع الشعوب والحكومات تمارس حرياتها على اراضيها بل انها تمارس دور شرطي العالم الذي يتعامل بالقوة من خلال الجيوش والقواعد العسكرية المنتشرة في اصقاع العالم!!
وان كانت امريكا قد نشطت «عسكرياً» بعد احداث 11 سبتمبر حيث وجدت لها مبرراً، فانه لم يبدأ كرهنا لها بعد تلك الاحداث ولكننا كنا نكره السياسة الامريكية قبل ذلك الحين بسبب اتجاهاتها السياسية وانحيازها نحو اسرائيل وسكوتها عن اعمالها الوحشية البشعة ومذابحها الدموية، والتصرفات الهمجية والانتهاكات المتكررة الدائمة لحقوق وكرامة الانسان الفلسطيني واراضيه الطاهرة! ولم تكتف بصم اذنيها، واغماض عينيها، وتكميم افواه كل من ينادي بالعدالة، بل انها لازالت تواصل الدعم اللامحدود للعدو الصهيوني! ذلك السرطان المستشري في قلب العالم الاسلامي الذي ينخر في جسده بكل عنف ووحشية وسلوك اجرامي لم يشهده التاريخ الاسلامي من قبل!! حيث بلغ عدد الضحايا من جراء العدوان الاسرائيلي على لبنان من عام 1967م وحتى عام 1982م «000 ،23» قتيل حسب احصائيات حقيقية! اي ستة اضعاف ضحايا برجي نيو يورك! وهاهي الآن تجيش جيوشها على بوابات بلادنا العربية وتهدد وتتوعد باسم محاربة الارهاب!
ولو عادت الى واقعها السابق الجميل وتابعت ابحاثها الطبية الانسانية لمحاربة الامراض واكتشافاتها الرائدة في مجال الامصال والادوية، واختراعاتها المذهلة في سبيل راحة البشرية لكان اجدى!! ولكي تظهر للعالم ماذا يمكنها ان تفعل من اجله، وليس ما يمكنها ان تفعله ضده، كما يبدو ظاهراً للعيان!!
فما بالك يا امريكا.. لم تبد - كما عهدناك - جميلة؟!!
ص.ب 260564 الرياض 11342
|