* س: - راقبت نفسي كثيراً عن قرب وعن بعد فوجدتني رجلاً متسرعاً، ولما كنت طالب علم فانني احياناً اتصدر للفتوى، واحياناً قد اخطىء بالإجابة فأسكت حياءً حتى لا يقال: لا يعلم، وهذا اقلقني نفسياً فكيف اصنع..؟
جدة
* ج: - لفضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان كلام جيد سمعته منه حينما سئل عن الذين يتعجلون الفتوى قال: هذه جرأة تجر على صاحبها سوءًا، ثم اورد بعد ذلك قال من الورع والتقوى ترك الفتوى الا لمن يحسن ذلك وقال: كان الصحابة يتدافعون الفتوى وهم اعلم الناس واتقاهم وابرهم.
وكنت اظنه يحدثني استقراءً فلما عدت الى مكتبي وجدت ان الشيخ صالح حفظه الله يحدث عن: رواية ودراية وعلم جم.
ومراده أن الصحابة الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وجالسوه واخذوا عنه وهم رواة سنته وكلامه وعمله وتقريره واجمع الخلق على انهم اعلم واتقى وابر الناس هم بهذه المنزلة كانوا يتدافعون الفتوى كل واحد منهم يود ان اخاه قد كفاه.
وهذا دال على شدة تحريهم وورعهم وتقواهم ولان الفتوى توقيع عن رب العالمين كانوا يحذرون التسرع في هذا وكانوا يتورعون الفتوى يود الواحد منهم انه لا يفتي مادام هناك من يرى انه اهل لها.
وقد وجدت ان ابا حاتم رحمه الله تعالى في كتابه «الجرح والتعديل» جـ1 التقدمة قد اطنب عن حال: الصحابة رضي الله تعالى عنهم بمطول من الكلام العلمي الجيد ورعهم تقواهم علمهم منزلتهم تحريهم جهدهم جهادهم بذلهم نباهتهم مواهبهم ديناً ودنيا.
فأنت يا اخ/ خالد.م.م يحسن بك ان تكون مقتديا بمن سلف من هذه الامة العالمة التقية الورعة السيدة المسددة ومادام هذه هي حال الصحابة كما ذكره العلماء عن حالهم فكيف بي وبك الا يكون من الخير والامانة والورع هو الوقوف عند الحد ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه.
وقد حكمت على نفسك بالتسرع لكن لعل الاخطر في هذا هو انك تدرك الخطأ منك، تدرك جيداً انك تخطىء ومع ذلك تسكت عن الخطأ الذي تقوله وهو «توقيع عن الله» فهذه جرأة قاتلة وظلم بين وتعد بين.
وقولك «فأسكت حياءً» هذا ليس بحياء بل عافاك الله قلة حياء وضعف إيمان ولعل مرد ذلك حبك للتصدر اصلاً وهذا «نفسياً» قد يعميك كثيراً عن كثير من امور العلم فتتقمص لباساً ليس لك ولست له فتضر الذين يسألونك، وقد تفتيهم بحرام فيقومون به وتفتيهم بحلال فلا يأتونه حسب الفتوى، وقد تفتي بما موجبه «زنا» جهلاً بحقيقة الطلاق وانواعه وضوابطه ومدته وصفته ونصيحتي لك ترك الفتوى مطلقاً ورفض هوى النفس والانصراف للقراءة الجادة المركزة الواعية ومجالسة العلماء والقراءة عليهم وسؤالهم عما يشكل عليك ولابد هنا من التوبة عما جرى منك قبلاً نحو اي فتوى سكت بعد الاجابة عنها وهي: خطأ وتدارك امرك بضرورة الوعي الايماني الصحيح الصادر من قلب ونفس وعقل كلها مشبعة بالورع ومشبعة بالخوف من الله سبحانه وتعالى.
|