هذا شهر الله المحرم قد أهَّل علينا، وافتتحنا به عاماً جديداً من تاريخنا الهجري والذي خصت به هذه الامة المحمدية الاسلامية، بما اجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم، في عهد امير المؤمنين وثاني افضل اتباع المرسلين أبي حفص عمر.
وهو شهر حرام محرم، حرمه الله وحرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونوه الله عنه بقوله:{إنَّ عٌدَّةّ الشٍَهٍورٌ عٌندّ اللّهٌ اثًنّا عّشّرّ شّهًرْا فٌي كٌتّابٌ اللهٌ يّوًمّ خّلّقّ السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضّ مٌنًهّا أّرًبّعّةِ حٍرٍمِ ..} وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، {..فّلا تّظًلٌمٍوا فٌيهٌنَّ أّنفٍسّكٍمً..}الآية ..
فالمحرم شهر حرام في زمنه وفي محارم الله حيث تعظم فيه وتشدد حرمتها على غيرها. حرم الله فيه ظلم النفس بأنواعه كلها وظلم النفس له جهتان:
1- ظلم بتركها فرائض الله وأوامره وواجباته.
2- ظلم بفعل ما حرمه سبحانه ونهانا عنها من الذنوب والمعاصي وتضييع محارم الله.
والظلم قسمه الله ثم العلماء الى ثلاثة أقسام:
1- ظلم العبد ربه.2- ظلم العبد غيره.3- ظلم العبد نفسه.
ثم إنه بدأت تظهر وتفشو بين الناس بعض المخالفات والامور المحدثة التي لا اصل لها فأضحت تظهر وترتبط ببداية العام الهجري الجديد او نهاية العام الهجري الماضي ومن هذه البدع والمحدثات:
1- التواصي بصيام آخر ايام السنة والتواصي بصيام اول ايام السنة والدعوة لذلك عبر الاتصال المباشر ورسائل الجوالات وغيرها.
وهذا الامر من البدع التخصيصية حيث خصصت عبادة الصوم بزمان ووقت ويوم لم يأت عليها إذن الله وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «من احدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد» وفي رواية لمسلم «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
هذا بخلاف من كانت له عادة بصيام الاثنين والخميس من كل اسبوع او صيام يوم وفطر يوم ، فإنه لا يتحقق فيه عندئذ تخصيصه لآخر يوم من السنة او اول يوم من السنة بعبادة الصيام او غيره.
واخشى ان تزداد هذه البدعة سنة بعد سنة حتى يظنها من لا علم عنده ديناً وسنة، فتظهر البدع وتموت السنن.
ومن سبق منه فعل الصيام تخصيصاً لآخر يوم في السنة او اول يوم فيها فليتب الى الله ويستغفره.
2- الاحتفال بنهاية العام الهجري بما يسميه بعضهم بالاحتفال برأس السنة الهجرية، مشابهة ومشاكلة وتأسياً بالنصارى الكفار الذين احدثوا بدعاً بالاحتفال بعيد الميلاد، وعيد رأس السنة الميلادية حتى اضحى ذلك من اظهر واوضح مظاهرهم الدينية، واظهر مظاهر الاحتفالات لديهم، وسرى بعض ذلك بوجه او بآخر الى المسلمين.
ومن ذلك مشابهتهم بتعظيم رأس السنة الهجرية بالاحتفال وإحيائه اما بأنواع من العبادات كالصلاة والذكر أو بغيره، أو باللهو واللعب، والاكل والشرب أو حتى بقراءة السيرة النبوية والهجرة المحمدية من مكة الى المدينة.
والاحتفال برأس السنة الهجرية منكر وحرام من جهتين:
1- التشبه بالكفار بإحياء هذه الليلة كإحيائهم ليلة رأس عيد الميلاد وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «من تشبه بقوم فهو منهم»، وهذا يعني البراءة منهم، فيكون كبيرة من كبائر الذنوب.
2- الابتداع في دين الله، بإحداث أمر في ايام الله لم يشرعه الله ولا رسوله، وقد ذم الله الإحداث في دينه وعابه بقوله سبحانه:{أّمً لّهٍمً شٍرّكّاءٍ شّرّعٍوا لّهٍم مٌَنّ الدٌَينٌ مّا لّمً يّأًذّنً بٌهٌ اللّهٍ ..} .
3- ومن الامور الشائعة في بداية العام الهجري ذيوع التهنئة بهذا العام بين الناس مشافهة أو مهاتفة أو مراسلة بأنواع المراسلات بعبارات شتى، اشهرها عبارة «كل عام وأنتم بخير»، أو سنة حلوة ونحوهما من العبارات.
ولم يشرع للمؤمنين سوى التهنئة بأزمان محددة هما العيدان المباركان، ودخول رمضان على قول لجماعة من اهل العلم.
4- ومن المخالفات في شهر الله المحرم قلة توقيره وعدم استشعار حرمته على بقية الشهور غير الحرم.
ومن ذلك تزايد الذنوب والكبائر فيه أو التهاون بالفرائض والأوامر فيه.
ومن المخالفات في شهر الله المحرم التشاؤم به او التطير منه باعتقاد أنه زمان نحس او فيه ايام مشؤومة، والتطير والتشاؤم بالازمان والاماكن والاشخاص والمخلوقات اعتقاد جاهلي قديم جاء الاسلام بإبطاله وذمه والتحذير منه، واعتباره قادحاً في اصل التوحيد وفي كماله الواجب، لكونه يربط النفع والضر والخير والشر بغير الله.
هذه معشر الاحبة بعض من البدع والمخالفات التي تظهر وربما تفشو في هذا الشهر الحرام، شهر الله المحرم، فالواجب الانتباه والحذر، والتناصح وترك
|