تتباين الآراء، وتختلف التحليلات، لما يدور في المنطقة العربية من أهداف وغايات وراء الحشود والإمكانات العسكرية التي توافدت للمنطقة.
فتصريحات السياسيين والعكسريين، تدعو بالويل والثبور، وكل يوم تصريح جديد، وتلويح متحدث.. ومبررات تختلف عن السابقة وتزيدها لتبرر ما جاؤوا من أجله منها الواضح ومنها الخفي.
وإسرائيل من جانبها تقرع طبول الحرب، وكل يوم تنسب فيه لمصادر أمريكية تحديد البدء بالمعركة، حتى سميت تصريحات قادتها بالثرثرة، فأوعز من مصدر رسمي أمريكي لهذه الثرثرة أن تسكت، وأمريكا مع توافد القوات: رجالاً وعتاداً وتدريبات تلوح من جديد عن قنبلة جديدة اطلق عليها اسم «أم القنابل» التي تزن ما يقارب عشرة أطنان في الوقت الذي تتهيأ دولة العدو الإسرائيلي لدخول المعركة، فقد وفرت الكمامات وأجريت لقاحات ضد ما يتوقعونه أسلحة كيماوية ووبائية، وهيأت الهجرة لرجال المال والأعمال، ووضعت تدابير عديدة اقتصادية ودفاعية وتموينية.
وفي الجانب الآخر من هم ضد الحرب سواء دول العالم، الذين تتزعمهم فيه: روسيا وفرنسا والصين، أم في غيرها بالتعبير عن ذلك بأساليب عديدة، احتجاجاً ومظاهرات وتنديدات في وسائل الإعلام.. بل بدأت تخرج أصوات ونداءات ضد الحرب في داخل بريطانيا، ومن رجال مفكرين أمريكان، ولتباين الآراء، واختلافات التصريحات، اختلفت معها النوايا المقصودة، والأهداف المبيتة.. حمى الله بلادنا من شرورهم، ورد الله كيدهم في نحورهم.
فهل المقصود: أن تخرج أمريكا قوتها، وتبين عظمتها وسيطرتها على العالم بعد انسحار الكتلة الشيوعية أم هو من أجل تجربة أسلحته الجديدة بعيدة عن ديارها لترهب بها غيرها؟
فالله أقوى منها، وكم في التاريخ القديم والحديث من كانت به قوة أبادها الله، وأصبحت أثراً بعد عين، لأن أمره سبحانه بين الكاف والنون، عمروا الأرض وتسلطوا بقدراتهم وقوتهم أكثر مما يستعرض به الأمريكان الآن فأبادهم الله الذي لا يعجزه شيء
أم هي غفلة من السياسيين والمفكرين الأمريكيين في انسياقهم خلف اللوبي الصهيوني الذي يوجههم لمآربهم، ويجسّم الأمور أمامهم حتى يندفعوا لتحقيق مصالحهم، التي لا تخدم أمريكا، ولا سمعة ومكانة أمريكا.. واليهود في كل عصر وبأي أرض، بمكرهم وخداعهم، يسعون في أمور متضادة، كما ذكر عنهم «بول ديورانت» في موسوعته: قصة الحضارة.. فقد كانوا يسعون للإضرار بمصالح أمم سقطت، في الوقت الذي يعملون معها كأنهم مخلصون لها، وهم بحيلهم سبب نكبتها.
وبان هذا في دول أوروبية، وضد العرب في الأندلس، ولعله أن تتاح فرصة لنذكر نماذج من ذلك حسبما ذكر في الوقائع «يورانت»، وغيره من مؤرخي الغرب، لأن اليهود أمة حاقدة على كل أحد، فاليهود تهمهم مصالحهم الفردية، ولا يعنيهم ما يصيب غيرهم من دمار وآفات.. لأن الغاية عندهم وهي مصالحهم تبرر الوسيلة، مهما كانت هذه الوسيلة، ومهما اتخذ في سبيلها من مبررات، ولما كان الإسلام هو عدوها الأول، فإنها اعتبرت السعودية وقادتها عدواً يجب مهاجمته بسبب أو بغير سبب، لأنها تعرف أن الهجوم على الإسلام، يثير ألف مليون مسلم، فابتكرت أكاذيب ومسببات على الحكومة السعودية، لكي تحقق ما تريد ضد الإسلام، وسيبوءوا بالخسارة ورد الكيد... كما وعد الله سبحانه، فقد نقلت وكالة رويترز، وبثته عن مفكر أمريكي جاء فيه: أكد مفكر أمريكي أن اللوبي الصهيوني «اليهودي» في الولايات المتحدة الأمريكية، وراء الحملة المعادية للسعودية في الإعلام الأمريكي، وهو أيضاً القوة التي تدفع نحو الحرب ضد العراق حالياً.
وكان «مايكل كولنز بايبر» قد ألقى محاضرة في مركز الشيخ زايد للتنسيق والمتابعة في «أبوظبي»، في هذا الأسبوع قال فيها: إن رابطة مناهضة التشهير المسماة «بناي برثي» اليهودية في الولايات المتحدة، وراء الحملة الشرسة التي شنتها كبرى وسائل الإعلام الأمريكية ضد العالم العربي وبشكل خاص السعودية، في أعقاب أحداث مركز التجارة الأمريكي: إن «بناي برثي» هذه وكالة علاقات عامة، عدائية جداً تعمل نيابة عن إسرائيل وضد كل من ينتقدها.. ولأن اليهود يدفعون أموالاً، فقد أصبح الإعلام الأمريكي برجاله يتهافتون على نشر أي شيء تؤكده رابطة «بناي برثي» هذه.
ولما كانت الهجمات على السعودية التي تبرز في الإعلام الأمريكي، تأتي جاهزة من هذه الرابطة التشهيرية فقد غلفتها باسم «العلاقات السعودية الأمريكية»،. ثم ذكر هذا المفكر هدف اليهود الذي يرغبونه بقوله: إن الحرب التي تنوي الولايات المتحدة شنها على العراق ما هي إلا مخطط لإقامة إسرائيل الكبرى، حلم اليهود في كل مكان.. وأن اللوبي اليهودي، في الإدارة الأمريكية هو المحرك لشنها.
فإذا وقعت الحرب ضد العراق، فإن إسرائيل سترحل الفلسطينيين، وهذه الخطة ذات علاقة بحلم اليهود، بتكوين إسرائيل الكبرى «الهلال الخصيب» الأمر الذي تعمل الإدارة الأمريكية على تشجيعه والترويج له لتغلغل اليهود في المصالح الأمريكية المتعددة.
ولما كان «بايبر» قد صدر له كتاب: الحكم الأخير .. الحلقة المفقودة في مؤامرة اغتيال كنيدي الذي اتهم فيه الخابرات الإسرائيلية «الموساد» بتدبير اغتيال الرئيس الأمريكي كنيدي بقوله: إن كنيدي كان في صراع مع «بن جوريون» بسبب اعتزام إسرائيل حينذاك صناعة أسلحة نووّية، بحجة أن وجود إسرائيل في خطر.. ولما عارض ذلك كنيدي دبروا قتله بما ظهر في وسائل الإعلام ذلك الوقت.
واعتبر «بايبر» أن اللوبي اليهودي هو المحرك الأساسي وراء اندفاع أمريكا للحرب، يساعد في هذا الحضور وقوة التأثير اليهودي في الإعلام الأمريكي.. وأشار إلى أن هذه الرابطة مرتبطة بالمخابرات الإسرائلية الموساد.
فهل يرجع السياسيون الأمريكيون لتحذيرات رئيسهم الأسبق بنيامين فرانكلين قبل فوات الأوان وضياع مهابة أمريكا؟!
من عجائب الدنيا:
ذكر المقريزي حكاية، فيها عظة وعبرة، تدعو إلى قوة الإيمان، وإلى إدراك خفيّ لطف الله بعباده، فقال في ترجمة أبي بكر بن علي بن يوسف، الذي أخبره: بأنه تزوج بامرأة من ديار بكر وبأن بعض جاراتها من الفقراء خرجت لتلتقط من وراء الحصادين في قريتها، ما لعله يسقط منهم عند الحصاد، فتركت ابنها وكان مريضاً بمكان من الأرض، وغدت تلتقط، فلما رجعت إليه إذا بحية عظيمة قد ركبت صدر الصبي، وأدلقت لسانها تلحس شفتيه، فصرخت المرأة لهول ما عاينت واجتمع الناس إليها لا يدرون ما يعملون.فانتبه الصبي وكان راقداً، وتحرك حتى خرجت إحدى يديه من قُمْطِهِ، وهو المعهود فيه وقبض على الحية، فصادفت يده مخانقها، وفحص برجليه، وبكى.. وزاد اضرابه وضغطه على الحية، والناس ذاهلون قد تحيروا في أمرهم، إن ضربوا الحية مات الصبي من ضربتها أو تركوها لا يأمنوا أن تلسعه.وبينما هم في ذلك، إذ انساب ذنب الحية وارتخت، فقال بعضهم: قد كفى الله أمر الحية، إنها ماتت وأمروا أم الصبي فأتته، وأخرجت ثديها ووضعته عن الصبي، ففرج أصابعه عن مخانق الحية، وتناوله وارتضعه، وضرب القوم الحيّة حتى هلكت، فعدّ هذا من عجيب صنع الله بعباده، وخفيّ لطفه، كيف ألهم الطفل الصغير العاجز من كل وجه، أن يحيط بأصبعه الصغيرة الضعيفة، على مجاري نفس الحيّة، حتى انحلت اما بالموت، أو بانقطاع نفسها، وبطلان ` حركتها.فسبحانه من إله لطيف لما يشاء، علّم الإنسان ما لم يعلم، وحفظه من الشرور والآفات «درر العقود الفريدة، في تراجم الأعيان المفيدة 1:159-160».
|