Wednesday 19th march,2003 11129العدد الاربعاء 16 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

9 1 1390ه / 17 3 1970م / العدد 285 9 1 1390ه / 17 3 1970م / العدد 285
ماذا تبعث الهجرة في نفوسنا ..؟؟
بقلم: حسن عبدالرحمن محمد الشيخ

كلما انصرم عام هجري رجعت بنا الذاكرة ثلاثة عشر قرناً ونيفا إلى الوراء، وكلما دققنا الفكر وأمعنا النظر في هذه القرون المنسحبة مع التاريخ تاقت نفوسنا إلى اجتلاء عظمة الإسلام الخالدة التي بهرت العقول وأعيت الافهام، وجعلت التاريخ يكشف عن أنصع صفحة في سجله ليكتب بنور الحقيقة اسم «حمد بن عبدالله» الذي ظلت الإنسانية حقبة من الزمن متعطشة لتعاليمه تواقة لهديه، فقد كانت تضطرب في جهالة جهلاء وضلالة عمياء وكانت لا تعرف شيئاً عن العدل والاخاء، فقويها ظالم وضعيفها حاقد، حتى جاءها ذلك البلسم الناجع الذي وضع يده الكريمة على أودائها، فكان دواءها، نعم يطيب لنا أن نستجلي هذه العظمة وأن نقف أمامها وقفة خشوع وإكبار، ولكن ماذا بعد هذا كله؟ وماذا نفيد أو نستفيد من قراءة التاريخ أو تعداد القرون إذا كنا نريد الاحتفاظ بهذه الآثار والمخلفات على آثار ومخلفات فما أشبهها بالمتاحف التي ترمز للماضي بالصور، ولكنها لا تستطيع التعبير عنه باللسان، وإذا كنا نريد الوفاء لهذا التراث حقا والاحتفاظ به سليما فليس أمامنا الا اتجاه واحد وغرض واحد وهو نطاق هذا التاريخ الصامت وتحريك هذه الصور الساكنة وليس هذا بالعسير ولا بالمتعذر ما دامت هناك آمال مجتمعة وخناصر معقودة وغاية نبيلة، ودافع قوي وعمل خالص لله والإسلام.
ولا يعتقد أحد أننا الآن في نهاية البداية، وأن جهادنا في استرجاع الماضي وإخضاع المستقبل مقضي عليه بالفشل والإخفاق، فمن يظن هذا أو يعتقده لامشاحة في انه جبان عنيد، فالإسلام لم يتغير بتغير هذه الأحقاب عليه وتعاليمه لم تنقرض بذهاب رجاله الأولين وان كان ثمة تغير فُتَّ في عضده فإنما كان هذا بسبب قومه والمعتنقين له، فمحمد صلى الله عليه وسلم وهو المصلح الأعظم كان جياش النفس بدوافع الحياة ولم يكن ناسكاً مهزولاً من نساك الصوامع والبيع الذين يكبتون في جوانحهم كل دفعة وكل إحساس بل كان يصدر أوامره لقواد جيوشه وأمراء سراياه فتجد فيها القوة الشديدة والكياسة السياسية والحزم الإداري والتشريع الواضح جاء في مختار مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تفلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم الى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم ثم أدعهم الى التحول من دارهم الى دار المهاجرين، وأخبرهم انهم ان فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين فان أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم انهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله، الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وان حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فانكم ان تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وان حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزل على حكم الله فلا تنزل على حكم الله ولكن انزل على حكمك فأنت لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» فأنت ترى من ثنايا هذه النصائح والإرشادات النبوية أن الدين الإسلامي دين عمل وجهاد لا دين تواكل، وان الذين يقيمون في عقر ديارهم ويقولون: ان للإسلام رباً يحميه ليسوا على شيء من الفطنة ورجاحة العقل فالله سبحانه وتعالى قادر على حماية الإسلام، وقادر على أن يجعل العالم جميعه بين عشية وضحاها يعتنق دين الإسلام، ولكنه يريد أن يلقي بعض تبعة ذلك على نفر من عباده المخلصين )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31) .
وبعد: فحري بنا ونحن في بداية عام هجري جديد، أن نتعظ ونتأسى وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبكفاح أتباعه الأوفياء

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved