يتعين على العالم بدوله التي تقترب من المائتي دولة البحث عن صيغة جديدة ترعى شؤونه وتفصل في نزاعاته.. صيغة تستطيع الصمود أمام مختلف الظروف، فما حدث أول أمس يؤكد هذه الحاجة لهيكلية جديدة.. حيث تجاوزت ثلاث دول سلطة مجلس الأمن الدولي وبدلاً من الاحتكام إلى التصويت داخل المجلس عن مشروع قرار بشأن العراق فضَّلت هذه الدول القفز فوراً إلى الحرب دون الاستناد إلى مرجعية دولية أو إلى تفويض دولي بذلك.
وحملت ردود الفعل الأولى انقسامات بين دول المجتمع العالمي مع أغلبية ترفض هذا الخروج على الإجماع بكل ما يترتب على ذلك من انزلاق سريع نحو الحرب.
وبات العالم الآن على شفا الحرب بعد أن زالت كل المظاهر التي كانت تشير إلى أن ثمة سلاماً يمكن أن يتحقق حيث انسحب المفتشون الدوليون الذين كانوا يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل العراقية كما تعطلت كل الآليات الدولية التي كانت تشرف على تسيير بعض جوانب الحياة في العراق بما في ذلك صيغة «النفط مقابل الغذاء» بينما انسحبت فرق الأمم المتحدة التي كانت تراقب الحدود بين العراق والكويت.
وخلت الساحة الدولية إلا من عنوان بارز موجه إلى الرئيس العراقي صدام حسين يقول بالارتحال أو مواجهة القتال.. وفي كل الأحوال سيبقى صدام بعيداً عن مرمى النيران بينما ستنهال القنابل و«أمهات القنابل» على أبناء الشعب العراقي.
إننا بصدد كارثة إنسانية أخرى بينما لم يتعافَ أبناء العراق من تبعات الكارثة الأولى، فالولايات المتحدة تصرُّ مرة أخرى على استخدام ذات الأسلحة التي تحوي اليورانيوم المنضد المسؤول عن الإصابة بالسرطان، وهناك وعود عسكرية أمريكية بتجربة أسلحة أشدّ فتكاً وقد رأينا على شاشات التليفزيون كيف أن «أم القنابل» التي تزن عشرة أطنان تحدث تدميراً هائلاً.
وفي مواجهة الإنذار الأمريكي للرئيس العراقي كان هناك الرأي الأخير بضرورة استمرار مهمة المفتشين الدوليين.. وليس هذا رأي دول تعارض أمريكا وإنما رأي المفتشين أنفسهم الذين رأوا أن مهمَّتهم تحرز تقدماً وطالبوا بالمزيد من الوقت لكي ينجزوا عملهم بالصورة التي يمكن أن تقضي على أي أسلحة يجري البحث عنها.
|