Wednesday 19th march,2003 11129العدد الاربعاء 16 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
الأزمات: فرصة لتحقيق مزيد من الأرباح
د. محمد اليماني(*)

توفر الأزمات فرصاً مناسبة لتحقيق مزيد من الأرباح، وذلك عندما تستغل بواسطة المنتجين والتجار وخصوصا موفري المواد الأساسية والتموينية لزيادة الأسعار وتسويق المخزون الذي لم يتمكنوا من تسويقه في الأحوال العادية وافتعال حالة من عدم الاستقرار في الأسواق. يعزز ذلك سلوكيات بعض المستهلكين المدفوعين بحالة الذعر وعدم التأكد التي يعيشونها والتي تصور لهم ضرورة شراء كميات كبيرة من مجموعة من المواد والسلع.
ولا شك أن الدافع والمحرك للمنتجين والتجار هو تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح، ولتحقيق هذا الهدف فهم يستغلون كل فرصة تتاح لهم حتى ولو كانت تلك أزمات يفترض أن يسود المجتمع في أثنائها قدر أكبر من الترابط والتعاون. وبعيداً عن هذه القيم والأخلاقيات، فإن الأزمات يمكن أن توفر فرصة لتحقيق المزيد من الأرباح ولكن بشكل لائق أكثر تهذيباً. ليس هذا فحسب بل إنها تكسب التاجر سمعة حسنة وثقة جيدة يمكن أن يستثمرها لصالحه في المستقبل. ويتحقق هذا عندما يستطيع التاجر توظيف الأزمة دعائياً لمنشأته ويبقى على الأسعار في حدودها المعتادة ويتجنب افتعال أزمة في السوق. ذلك أن هذا السلوك سيظل ثابتاً في ذهن المستهلك وسيعزز الولاء للتاجر الذي لم يستغل حاجة المستهلكين أو الظروف التي يمرون بها لتحقيق مكاتب سريعة.
وطالما أن الهدف الذي هو زيادة الأرباح يمكن تحقيقه إما عن طريق زيادة الأسعار وإعطاء انطباع سيء لدى المستهلكين الأمر الذي ربما يهدم الثقة والولاءات التي كونت عبر سنوات طويلة من عمر المنشأة، وربما خسرت بفعل هذه التصرفات بعد انجلاء الأزمة أكثر مما كسبت خلالها، وإما عن طريق الاستفادة من الأزمة دعائياً والمحافظة على جسور الثقة والولاءات القديمة وبناء الجديد منها والتي ستستمر بعد الأزمة، فانه من المناسب اتباع الأسلوب الذي يحقق أكبر قدر ممكن من الأرباح ليس في وقت الأزمة فحسب وإنما بعدها أيضا.
وإذا كانت الأزمات تؤدي إلى اختلال عمل آليات السوق وتغيير سلوكيات المنتجين والمستهلكين، فان دور الحكومة لا بد وأن يختلف والحالة هذه عنه في الأوقات العادية. فقد تستوجب الأزمات قدراً أكبر من التدخل الحكومي لتطمين المجتمع على استقرار الأسواق ولمراقبة بعض السلوكيات والتصرفات وضبطها..
وعندما تدخل القيم والاعتبارات الدينية في رسم سلوكيات الجميع ووضعها في الأطر الصحيحة فالمتوقع سيادة قدر من التعاون والتراحم والإحساس بمشاكل الآخرين وهمومهم والإسهام قدر المستطاع في حلها لا استغلالها لتحقيق مصالح شخصية آنية. وهذا ما ينبغي أن يكون موجوداً في أي مجتمع مسلم، ولنا في سلوكيات التجار والأغنياء من الصحابة في أوقات الأزمات القدوة الحسنة.

(*)قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية/جامعة الإمام محمد بن سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved