* بغداد رويترز:
قبل ساعات من الانذار الذي وجهه الرئيس جورج بوش للرئيس العراقي صدام حسين بالتنحي ومغادرة البلاد كان العراقيون يستبعدون الحرب.. ولكن الأمر لم يعد كذلك اذ تدق الحرب أبوابهم ويسودهم جو من التوتر.
وتدفق المواطنون على المتاجر والأكشاك لشراء ما يحتاجونه من مواد اساسية مثل الغذاء والدواء تحسباً للأيام السوداء، كما تقف طوابير من السيارات أمام محطات البنزين للتزود بالوقود وتكدست حركة المرور.
وحتى الطبيعة تعكس جواً من الاكتئاب اذ تظلل بغداد غيوم قاتمة. قالت ربة البيت سعاد صالح «يبدو اننا في الساعات الأخيرة قبل الحرب، جو كئيب وحزين، ولا نعرف ماذا نفعل».
وانضمت المساجد إلى القتال ضد الولايات المتحدة وبريطانيا. قال رجال دين ان مساجدهم ستنضم إلى الحرب ضد «العدو الغاشم» وفتحت أبوابها لاستقبال متطوعين للجهاد، وأعلنوا ان المساجد ستوفر أيضا الغذاء والدواء.
وطوال 25 عاماً من الحروب استطاع العراقيون التكيف إلى حد ما مع المعاناة، ولكن التوتر يبدو على وجوههم باقتراب الهجوم، وحتى اليومين الأخيرين كان العراقيون يسألون الصحفيين عن آخر الأنباء لطمأنتهم باستبعاد الحرب، ولكن باقتراب القصف والغزو فانهم يبحثون عن تطمينات بان الصواريخ لن تستهدف مراكز مدنية.
قال سائق سيارة اسمه أحمد «إنها حياة بائسة، نقضي حياتنا أمّا في التسوق تحسبا للحرب أو الاختباء من القنابل».
وأغلب الناس استسلموا لإرادة الله. قال إمام قاسم وهو يتسوق أغذية محفوظة «الأمر بيد الله وحده. ولن يصيبنا الا ما كتب الله لنا».
وقام تجار المجوهرات في بغداد بإفراغ متاجرهم من الحلي، وعكف تجار آخرون على نقل بضائهم إلى البيوت وسط توقعات بأن الحرب ستسبب الفوضى والنهب.
قال أحد التجار «أحاول ان أنقل إلى البيت كل ما أستطيع. ولكنني لا أستطيع حمل كل شيء، أدرك انني سأضحي بالباقي».
ومن ناحية أخرى تقوم عراقيات ببيع حليهن للحصول على نقود إذا اضطررن للهرب. ومن المفارقات ان حركة البيع والشراء نشطت رغم العقوبات الدولية المفروضة على العراق.
وباقتراب الحرب ازدهرت تجارة الشموع والمصابيح والبطاريات والكيروسين ومولدات الكهرباء التي تعمل بوقود الديزل، ويوقن سكان العاصمة عن تجربة ان الحرب معناها انقطاع الكهرباء وشح الماء.
في الماضي عاش العراقيون «24 مليون نسمة» في رغد العيش يتنعمون بعائدات نفطية تبلغ 20 مليار دولار سنويا. ان القنابل والصواريخ إنهالت على بلادهم في حرب الخليج الأولى 1991، وقبل ذلك عانوا من الحرب العراقية الايرانية من 1980 إلى 1988.
كما راجت تجارة غير مشروعة في المسدسات حيث يقبل العديد من العراقيين على التسلح تحسباً للفوضى التي قد تحدث بسقوط حكومة صدام. ولكن ربما يكون من أكثر الأنشطة ربحا تجارة تأشيرات الخروج وأجور السفر، قبل يومين كان سعر السفر بالسيارة إلى الأردن 350 دولاراً والآن بلغ 600 دولار.
وحتى الأطفال يدركون ان الحرب وشيكة، قال ابراهيم خلف «42 سنة» وهو صاحب متجر أحذية «قبل ذهابه إلى المدرسة سألني ابني وهو في العاشرة عما إذا كان بوش سيهجم .. استحوذت الحرب على عقول أطفالنا».
يقول أغلب العراقيين الذين تعلموا التعايش مع الحرب ان خوفهم الأكبر ينصب على اطفالهم. قالت امرأة لم تذكر اسمها «يفزع أطفالنا عند سماع عاصفة رعدية، فماذا سيحدث عندما يسمعون قصف القاذفات الامريكية».
|