بدأت الدول المجاورة بالاستعداد للحرب القادمة التي ستشن على العراق، ونظراً لتوقع ان تسفر هذه الحرب فرار مئات الآلاف من المدنيين صوب حدود الدول المجاورة سعياً للأمان قد جرت اتصالات مكثفة بين الجهات المسؤولة في دول الجوار والمفوضية السامية لغوث ومساعدة اللاجئين، واسفرت الاتصالات عن إقامة المجمعات التي ستكون على هيئة معسكرات كبيرة داخل الأراضي العراقية بالقرب من الحدود المجاورة، وان يشرف على هذه المجمعات المفوضية السامية للاجئين بمساعدة جميعات الهلال الاحمر في الدول المجاورة والأجهزة العسكرية والأمنية.. وقد علمت «الجزيرة» ان هناك اربعة مواقع قد حددت لاستيعاب النازحين أكبرها سيكون قرب الحدود الإيرانية حيث ابدى الايرانيون استعدادهم لإعداد معسكر داخل الاراضي العراقية يستوعب مليون نازح، ومعسكر آخر قرب الحدود السعودية العراقية قبالة عرعر رصدت له المملكة العربية السعودية ما يقارب مئة مليون ريال، أما دولة الكويت فقد اكملت استعدادها لإنشاء معسكر في منطقة صفوان العراقية وعينت الفريق علي المؤمن رئيس هيئة الاركان السابق مسؤولاً عن عمليات الإغاثة، في حين اكملت الاردن اقامة معسكر كبير في منطقة الرويشد، ولا تزال الاستعدادات التركية غير واضحة، حيث يسعى الاتراك الى إقامة معسكرات داخل الاراضي العراقية في الشمال، ويحرص الاتراك على الاهتمام بالنازحين التركمان إضافة الى النازحين الاكراد وفصل الاثنين في معسكرات مختلفة.
وكشف ل«الجزيرة» مسؤول كبير شارك في الاتصالات بين دول الجوار ان الدول المجاورة اتفقت على عدم تخطي العراقيين الحدود وإبقائهم داخل الأراضي العراقية مع توفير كل المساعدات في إقامة معسكرات ومدها بالمواد الغذائية والطبية والإغاثية وبناء المخيمات والمرافق الصحية، وتهتم كل دولة بنوعية النازحين، فالأتراك يصبون اهتمامهم على التركمان، وايران على المواطنين العراقيين الشيعة في الجنوب، اما دول الخليج والمملكة فإنها تصب اهتمامها على العراقيين السنة الذين سيكونون أكثر الفئات الطائفية تعرضاً للانتقام.
وقد وضح ل«الجزيرة» ان جميع الدول المجاورة قد اوكلت لهذه المهمة الإنسانية لجميعات الهلال الأحمر للقيام بالمهام والخطط التي وضعت لاستيعاب النازحين بالتعاون مع المفوضية السامية للاجئين، وفي المعسكرات التي ستقيمها الكويت وإيران وتركيا والأردن وسوريا فإن جميعات الهلال الأحمر ستشرف اشرافاً مباشراً، مع رفع أعلام تلك الدول على المعسكرت لتأكيد اهتمام هذه الدول باللاجئين او النازحين وعدم التفريط بما تقدم هذه الدول من مساعدات إذا ما اوكلت المهمة الى الجهات الدولية التي نادراً ما تذكر بالضبط ما تقدمه الدول المانحة.
«الجزيرة» تفتح ملف معسكرات اللاجئين العراقيين، وسنبدأ أولى حلقاتنا عن دور المفوضية السامية للاجئين على أمل ان نحصل على معلومات عن الجهود السعودية لمساعدة اللاجئين العراقيين، ونحن نعلم أنها كبيرة وتتجاوز في مجملها ما تقدمه الدول الأخرى، إلا أننا حتى الآن لا نعلم الجهة المسؤولة التي ستدير هذه الجهود، وهل ستكون مثل الدول الأخرى جمعية الهلال الأحمر السعودي أم جهة أخرى؟.. والذي نعلم ان جمعية الهلال الأحمر السعودي لها تجارب وخبرات مميزة شرفت المملكة وأبناءها في الجهود الخيرة التي قدمت في كوسوفا والشيشان وأفريقيا وغيرها في المناسبات العديدة.
* متابعة عبدالعزيز القراري:
انهت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين استعداداتها لاستقبال اللاجئين المحتملين عند اندلاع حرب امريكية عراقية «لاسمح الله» حيث اكد السيد مأمون محسن مسؤول العلاقات الخارجية بالمركز الاقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمملكة وقال: ان محنة اللاجئين من اكبر المآسي التي واجهت المجتمع الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين حيث ادت الحروب الاقليمية والاهلية والمشاكل العرقية والطائفية الى زعزعة الاستقرار ونشر العنف وفقدان الامان في كثير من مناطق العالم مما ادى الى تدفق اعداد كبيرة من البشر من بلدان الى اخرى او الى تشريد ونزوح مجموعات من البشر ضمن بلدان وبين ان تزايد اعداد اللاجئين بشكل مضطرد خلال الربع الاخير من القرن الحالي فقد ازداد عدد اللاجئين والنازحين من 5 ،2 مليون عام 1970م الى 17 مليوناً في العام 1991م وقد ظل هذا العدد في تزايد مستمر ليبلغ 23 مليونا عام 1993م والى حوالي 28 مليوناً في بداية العام 1995م.
وأشار أن الجهود المتواصلة للمجتمع الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة ومساهمتها الجليلة في حل مشاكل اللاجئين الى انخفاض هذا العدد إلى حوالي 4 ،22 مليون لاجئ في بداية عام 1998م وما تزال الجهود متواصلة ومستمرة لحل هذه المشكلة الانسانية الكبيرة خاصة وان اخر الاستطلاعات تشير بان واحداً من كل 200 انسان على وجه الكرة الارضية هو لاجئ او نازح يعيش في ظروف صعبة ويواجه يومياً الاخطار المختلفة التي تهدد امنه وحياته.
واوضح مثالٍ على هذه المآسي اكثر مما تشاهده يومياً في وسائل الاعلام المختلفة ما يجري في اماكن متفرقة من العالم مما تهتز له المشاعر الانسانية في الوقت الذي يجب ان يبحث العالم فيه عن الراحة والسلام.
ورد على تساؤل «الجزيرة» عن دور المفوضية السامية في تقديم المساعدة الانسانية للاجئين حيث اوضح انه غالباً ما يكون اللاجئ مجبراً على ترك وطنه فيضطر الى التخلي عن جميع ممتلكاته في سبيل النجاة والهرب الى بلد آخر طلباً للحماية، وهكذا يجد اللاجئ نفسه بحاجة الى مساعدات عاجلة كالطعام والملجأ والعناية الصحية والتعليم.. الخ.
مشيراً الى ان المفوضية السامية توفر الحماية والمساعدة الى مايزيد عن 22 مليون لاجئ ونازح حول العالم يشكل المسلمون 70 بالمائة منهم ويتم توفير هذه المساعدات عن طريق التبرعات الطوعية التي تمنحها للمفوضية الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخاصة والافراد العاديون.
ورداً على سؤال آخر ذي صلة بالموضوع ل«الجزيرة» هل هناك خطط وجهازية لايواء اللاجئين العراقيين المحتملين اذا وقعت حرب عليه من قبل امريكا وقال الاستاذ مأمون محسن في هذا الشأن ان مفوضية الأمم المتحدة احدى منظمات الأمم المتحدة والتي تعمل في مجال العمل الانساني وهي حماية اللاجئين ومساعدتهم فهي بالضرورة تعني بالازمة الحالية شأنها شأن كل الازمات السابقة او القائمة حالياً في مناطق مختلفة في العالم فالعمل الذي تقوم به حالياً هو عمل روتيني يسبق وقوع الازمة وبين انه من باب الاستعداد لكافة الاحتمالات ولو اننا في الامم المتحدة نتمنى ونأمل بأن تحل الازمة العراقية بالوسائل الدبلوماسية ومن خلال فرق التفتيش استناداً الى القرار الأممي رقم 1441 مضيفاً الى ان الحرب غير حتمية الوقوع ولكن كما نريد قوله بما اننا منظمة انسانية يجب علينا الاستعداد للطوارئ واكد ان مانقوم به حالياً على صعيد المنطقة ومن خلال مكاتبنا الموجودة في الدول المجاورة للعراق بما فيها المملكة هو اعداد خطط للطوارئ ومراقبة التطورات ايضا تقوم بتخزين المواد الغذائية والمواد الاغاثية التي يمكن ان يحتاجها اللاجئون المحتملون وايضا تقوم بدعم قدرات العاملين في الأمم المتحدة من خلال زيادة عدد هؤلاء وتعبئة عدد آخر يمكن ان ترسله الى المنطقة في غضون فترة زمنية قصيرة جداً في حال تطلب الامر ذلك.
ورداً على سؤال للجزيرة الذي يدور حول التنسيق مع الدول المجاورة لاقامة مناطق ايواء للاجئين اكد ان هناك تنسيقا مع حكومات الدول المجاورة للعراق من ضمنها الكويت وايران وتركيا وسوريا والاردن والمملكة واشار الى ان هناك تشاورا مستمرا مع هذه الحكومات وقد قمنا باطلاع المسؤولين في تلك الدول على الخطط التي اعدتها المفوضية السامية في حال الطوارئ، وقال: اننا قمنا باطلاع المسؤولين على الاستعدادات واستطرد قائلاً اننا في هذا السياق قد قمنا بتوجيه مناشدة لتلك الدول المجاورة للعراق لفتح حدودها مع العراق لدخول اي تدفق محتمل للاجئين وذلك استناداً للقانون الدولي الانساني وايضاً لتوفير المساعدة والحماية والرعاية لهؤلاء اللاجئين من خلال شراكة كاملة مع المفوضية السامية وجمعيات الهلال الاحمر للمنظمات الانسانية الاخرى.
وقال ل«الجزيرة»: حينما سأله عن دورها المفوضية تجاه من كانوا بعيدين عن حدود الدول وقالت «الجزيرة» هل ننتظر المفوضية نزوح اللاجئين ام انها ستقوم باخراجهم من مناطق الخطر اوضح بان هناك من يقوم بالنزوح الداخلي ولا يعبر الحدود الدولية لدول المجاورة فهؤلاء يمكن ان يطلق عليهم بالنازحين الداخلين ويمكن حمايتهم عندما يطلب منا ذلك.
واضاف اننا لانقوم باخراجهم من بلدهم بل الظروف هي التي تدفعهم لذلك نحن يقتصر عملنا في تقديم الحماية والرعاية.
بعض الدول المجاورة للعراق جهزت حدودها لمنع دخول العراقيين اذا اندلعت الحرب ماذا ستفعل المفوضية مع هذه الدول؟
قال اننا طلبنا منها فتح حدودها و لكنها تتصرف حسب سياساتها وخصوصياتها.
ماهي الدول المرشحة لان تكون منطقة ايواء للاجئين بين ان من المتوقع ان تكون تركيا وايران هي التي تكون فيها اكثرية اللاجئين بحكم قربها والكثرة السكانية للمناطق القريبة منها، وكم عدد المتوقع فرارهم من الحرب المحتملة وهل هناك توزيع وتقسيم لهم، اوضح ان عدد اللاجئين المتوقع نزوحهم وفرارهم يعتبر كبيرا جداً حيث من المتوقع ان تجاوز 600 الف لاجئ عراقي وهو عدد كبير ويتطلب ذلك امكانيات مادية ضخمة وبالتالي المبلغ المطلوب لاحتياجات هؤلاء من ناحية ميدانية اولية يصل الى 60 مليون دولار حصلنا على جزء بسيط ولازلنا بحاجة لحوالي 44 مليون دولار وحتى الآن قمنا بتخزين مواد اغاثية تكفي لاحتياجات 180 الف لاجئ وسوف نتمكن بحلول نهاية شهر مارس ان يرتفع مستوى المخزون ليلبي احتياجات 300 ألف لاجئ.
وحذر من وقوع كارثة انسانية في مناطق اللاجئين العراقين ان لم تساهم الدول بالمساعدة فمن الممكن وقوع مجاعة وانتشار امراض معدية نتيجة تواضع الامكانيات وقال سوف يكون هناك عجز في حال قيام الحرب وسيكون هناك حاجة ملحة والامم المتحدة لايمكن لها ان تقوم بتلبية كافة الاحتياجات ان لم تتخذ الدول وهي تعول على دول العالم بما فيها دول المنطقة بتقديم المساعدات والقيام بدور اساسي وان بقي الحال كما هو عليه الآن من المنتظر ان تحدث كارثة انسانية وذلك بنقص الغذاء والدواء واماكن الايواء.
وتلتقي «الجزيرة» وهي التي تتبنى هذا الموضوع الانساني السفير الايراني لدى المملكة الاستاذ علي اصغر حاجي والذي رد على تساؤلنا عن اجراءات الجمهورية الاسلامية الايرانية في مجال ايواء اللاجئين المحتملين العراقيين حيث اوضح سعادته بان اجراءات الجمهورية الاسلامية الايرانية في مجال ايواء اللاجئين العراقيين كما تعلمون ان الاحياء السكنية منتشرة على شريط الحدود الايرانية والعراقية وفي حال نشوب اي نزاع فان الأعداد الكبرى من اللاجئين يتدفقون الى هذه الحدود، ان ايران كانت ولاتزال تستضيف هؤلاء اللاجئين العراقيين وعلى سبيل المثال اننا استضفنا مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين بعد حرب الخليج الفارسي الثاني.
وفي الظروف الراهنة هناك اجراءات وخطوات عديدة تم اتخاذها من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية وذلك لمواجهة الازمة المحتملة للاجئين ومنها انشاء مجلس وتشارك فيه عدد من الوزارات والمؤسسات المعنية في بلدنا مثل جمعية الهلال الاحمر للجمهورية الاسلامية الايرانية كما ان وزارة الداخلية تشرف تماماً على فعاليات ونشاطات هذا المجلس وعقدت هذه الوزارة اجتماعات مشتركة مع مسؤولي المنظمات الدولية ولاسيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كما انها قامت بالتنسيق اللازم بهذا الصدد مع ذلك فاننا نعتقد بان قضية اللاجئين العراقيين اذا نشبت الحرب فتكون فطرة حيث يتطلب الامر مزيدا من مساعدة المنظمات الدولية وسائر الدول وتعاونها الوطني مع الجمهورية الاسلامية الايرانية بهذا الشأن.
وفي الوقت الحالي تم اتخاذ الترتيبات اللازمة في خمس المحافظات الحدودية الايرانية في غربها وجنوب غربها وهي تشمل محافظة خوزستان ومحافظة ايلام ومحافظة كرماث، ومحافظة كردستان ومحافظة اذربيجان الغربية حيث ان هذه المحافظات على استعداد لاستقبال الاف اللاجئين من العراق وبالتالي تم اعداد 19 مخيما لايواء هؤلاء اللاجئين كما انه تم التنسيق اللازم مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومع البرنامج العلمي للاغذية ومع بعض المنظمات الدولية بهذا الخصوص.
وكما تعلمون بان السيد رود لوبرز المفوض العالمي للامم المتحدة في شؤون اللاجئين وان قام بزيارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في الآونة الاخيرة وقد التقى سعادته مع فخامة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية ومع كل من وزير الخارجية ووزير الداخلية بالجمهورية الاسلامية الايرانية بينما قام سعادته بزيارات ميدانية لعدد من المخيمات الجاهزة في المدن الايرانية المختلفة كما ان سعادته عند عودته من ايران وخلال اجتماعاته مع اعضاء اللجنة التنفيذية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالاجراءات بالجمهورية الاسلامية الايرانية وتعاونها في هذا المضمار.
واختتم تصريحه للجزيرة: أود أن اؤكد مرة اخرى على موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية الرامي الى املها في الحل السلمي للأزمة العراقية متمنياً ان يتم احتواء هذه الازمة بشكل يؤدي الى وضع حد للمعاناة والمشاكل التي يواجهها الشعب العراقي وان لاتستمر هذه المعاناة والمحنة لان الحرب اذا شنت ونشبت فان الخاسر الرئيسي لهذه الحرب هو الشعب العراقي لان الشعب هو الذي يدفع الثمن الباهظ من جراء تحمل تداعياتها من جراء تحمل تداعياتها السلبية.
تجدر الاشارة بان ايران تأوي حوالي 202 الف لاجئ عراقي وهو اكثر من نصف عدد اللاجئين العراقيين المعترف بهم في العالم ويعيش معظمهم في المجتمعات المحلية بينما يعيش حوالي 45 الف عراقي في 22 مخيماً منتشرة في غرب البلاد وفي العام الماضي 1100 لاجئ عراقي العودة الى العراق.
وعلى نفس الصعيد فقد جهزت الحكومة الكويتية جميع احتياجات اللاجئين المتوقعين اذا اندلعت حرب، فقد أكد سعادة الشيخ جابر دعيج الصباح سفير دولة الكويت لدى المملكة أن الكويت خصصت أماكن إيواء وقامت بتخزين الغذاء والدواء ورصدت ميزانية خاصة باللاجئين، كما أكد في تصريحه لـ «الجزيرة» أن بلاده قامت بتجهيز الخيام المؤثثة، مضيفاً أن دولة الكويت قامت باجراءات التنسيق مع المفوضية السامية بالأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر الكويتي.
|