Tuesday 18th march,2003 11128العدد الثلاثاء 15 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عواقب وخيمة للحرب القادمة! عواقب وخيمة للحرب القادمة!
وليام فاف (*)

إن حرب العراق الوشيكة قد تصبح حدثا فريدا من نوعها. فسوف تحدث تغييرا جذريا في علاقة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط المسلم. كما أثارت بالفعل تغييرات خطيرة في علاقة واشنطن بأوروبا. وربما يظل تأثيرها باقيا على المجتمع الأمريكي بعد ذلك. والقوات الأمريكية تعمل الآن فعليا داخل العراق.
والرئيس جورج بوش ورجاله يصرون على أنه لا شيء أقل من تخلي صدام حسين عن الحكم يمكن أن يوقفهم الآن. بالرغم من أن رفض البرلمان التركي السماح للولايات المتحدة بالهجوم على العراق عن طريق تركيا جاء بمثابة صفعة مفاجئة وغير متوقعة لواشنطن، وحتى إذا ما قام البرلمان التركي بتعديل قراره بعد ممارسة الضغوط المكثفة عليه، فقد تفكك التحالف الأمريكي القديم والمهم مع تركيا.
وقد صدمت المظاهرات العالمية ضد الحرب بنطاقها الواسع البيت الأبيض، وربما لن يحتاج أحد أن يقدم الفيتو ضد القرار الأمريكي البريطاني الاسباني. فهو ببساطة لن يبلغ النصاب القانوني ربما بفارق كبير ولن يصل إلى الأصوات التسعة المطلوبة إضافة إلى تلك الدول الثلاث للموافقة على القرار.
وقد صرح بعض أعضاء الإدارة الأمريكية أن القبض على المسئول الكبير في القاعدة مؤخرا يمكن أن يؤدي إلى حدوث نقلة وأن يصرف الأنظار بعيدا عن العراق ويعيد الأذهان إلى التفكير في الإرهاب.
في الوقت الذي تم السماح فيه لأعمال التفتيش التابعة للأمم المتحدة بمواصلة عملها. وربما ينقذ ذلك توني بلير الذي قال مؤخرا أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت للمفتشين، وربما يعني ذلك أن الحرب سوف تحظى بتأييد أكبر إذا ما قامت.
ولكن ذلك التراجع من الجانب الفرنسي والألماني والروسي بعدما قامت الولايات المتحدة بالتحضير للحرب لمدة ستة أشهر، وبعد كل ما قاله الرئيس بوش، يمكن أن يؤدي في حد ذاته إلى تغيير التوازن العالمي الموجود في الوقت الراهن.
وبوش يبدو أنه متحمس للحرب بشدة ولن يوقفه شيء الآن بحال من الأحوال. فهو يقول انه ليس بحاجة إلى الذهاب إلى الأمم المتحدة، كما يدعي أن له الحق في الذهاب للحرب بدون تصريح من مجلس الأمن حتى إذا ما شكل ذلك إضرارا خطيرا لتوني بلير أو لحلفاء الرئيس بوش الآخرين.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه واضعو الاستراتيجيات في البيت الأبيض من المحافظين الجدد أن العواقب الجيوبوليتيكية لانتصاره في الشرق الأوسط وتأثيره على العلاقات الأمريكية مع المسلمين سوف تكون إيجابية، فسوف يؤدي ذلك إلى الترويج للديموقراطية بصورة مبدئية. في الوقت الذي سيؤدي انتصاره إلى استعراض للقوة الأمريكية والتخويف بها.
أما المتشائمون أمثالي فيقولون ان العواقب ستكون وخيمة بالنسبة للشرق الأوسط وللمصالح الأمريكية. كما أنها ستكون سيئة على إسرائيل على المدى البعيد (وللفلسطينيين أيضا). وطبقا لما رأيناه في الماضي، أعتقد أنه يجب علينا أن نجنح إلى التشاؤم، كما لن تكون العلاقات مع الدول عبر الأطلنطي كما كانت عليه في السابق. فإذا ما نجحت مقامرة الإدارة الأمريكية في العراق فسوف تهدف واشنطن إلى تقسيم أوروبا وبناء حلف جديد مع أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى كقاعدة لطموحات القوة الأمريكية في الشرق الأوسط ووسط آسيا. أما إذا ما فشلت تلك المقامرة فربما تحدث تراجعا أمريكيا عاما وأن تتجه إلى صورة مريرة من السياسات الأحادية والبعد عن التحرك داخل المجتمع الدولي والحفاظ على مصالح أمريكا أولا، وهي السياسة ذاتها التي بدأها بوش في فترة رئاسته منذ عامين.
وهناك تعبير مجازي سياسي أصبح شائعا مؤخرا في واشنطن مأخوذ من قصة رحلات جليفر لجوناثان سويفت ، وهو أن الأقزام الأوروبيين يحاولون تقييد جليفر أو العملاق الأمريكي ولكنهم فشلوا. وأن هذه الجهود لتقييد الولايات المتحدة يقودها ساسة جبناء أو أقزام سياسيون ولكنهم متكبرون ولا يريدون تحمل عبء المسئولية الدولية، وجاحدون لا يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة، كما أنهم يتوقون إلى استعادة مجدهم القومي الضائع .. إلخ.
وقد كانت حملة واشنطن الأخيرة ضد الدوافع والأشخاص والصفات الأخلاقية للمسئولين الألمان والفرنسيين وحتى القادة البلجيكيين من أقسى تلك الحملات على علاقاتها مع الدول عبر الأطلنطي في فترة ما بعد الحرب الباردة.
ولكن بالرغم من ذلك فقد أسهمت تلك الحملة في توضيح عدد من النقاط، إحداها أن إدارة الرئيس بوش قد خلقت بدون أن تدري موقفا ترى فيه معظم الدول أن الأمم المتحدة هي المؤسسة الوحيدة التي لديها المقدرة على أن تهز قوة الولايات المتحدة وأن تحد من عواقب تصرفاتها أحادية الجانب.
كما سنرى في المستقبل أن التحالفات سوف تعمل من خلال الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الكبرى الأخرى. وسوف تستخدم الوسائل غير المسبوقة مثل تلك التي يقدمها الإنترنت لتحريك الجموع الكبيرة (في داخل الولايات المتحدة ذاتها أيضا) لكي تعادل أو تحتوي الولايات المتحدة في العديد من القضايا الاقتصادية والسياسات العسكرية.
كما لن تصبح أمريكا حرة تماما في أن تضع الأجندة الدولية بمفردها، وربما لن تهيمن القضايا الأمريكية الخاصة على اهتمام الإعلام والسياسات الدولية بصورة تلقائية كما يحدث الآن، مثل تلك القضايا المتعلقة ب«الدول المارقة» والحرب ضد الإرهاب والحد من انتشار الأسلحة النووية وتحرير التجارة والقضايا الأمريكية الأخرى.
وقد اكتشفت واشنطن الآن فقط أن جهودها للهيمنة أو تقسيم المعارضة وإجبارها على ما تريده بشأن العراق قد خلق نوعا من المعارضة الدولية المتماسكة التي لم يوجد لها نظير من قبل.. لقد أدى ذلك إلى تقليص قيادتها الدولية القديمة بدلا من التأكيد عليها.

(*) عن «هيرالد تريبيون» خدمة الجزيرة الصحفية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved