صحارى الشوق لفها الحزن فقد مرت عليها سنون، وهي في شوق الى الحادي، يتردد صدى «الهجيني» و «المربوع» عبر افيائها، يحدو «النياق» و «الشاء».
اما الحادي فقد الهبت جسمه «النابالم» وجعلته مزقا «قطمته» جنازير المدرعات فماتت «النياق» و «الشاء» اكلتها السباع.
واما «الهجيني» و «المربوع» فقد ماتا في فم صاحبهما!!
هذه لعبة هذا الزمان!! بطلها الانسان!!
يمارسها غير عابئ بشيء اسمه «الخير» و «الرحمة».
الرحمة والخير.. كماء السماء ينهمر بالحياة.. وبالعطاء لسعادة الإنسان.. يقول «كامو» على لسان بطله «كالياييف»:
«كنت اظن ان من اليسير ان يقتل الانسان انسانا آخر، وان الفكرة تكفي والشجاعة، ولكني لست من العظمة بهذا القدر، ويقيني الآن ألا سعادة في الحقد. وهذا الشر كله، هذا الشر كله لديّ ولدى الآخرين.. القتل، الجبن، الظلم، اوه لابد من القضاء عليه، لابد من ذلك، ولكن سأمضي حتى النهاية!! سأمضي الى ابعد من الحقد».
اجل..! ان الانسان اينما كان بحاجة الى ان يمضي.. يمضي نحو «الخير» يفكر بطريق «الشر» فيتبعد عنه.
اننا بحاجة الى ان نعرف ذلك الوجه المكفهر، ذا الانياب الحادة، لكي نبتعد عنه، اما طريق الخير فهو بساط اخضر فرشه الله في ارضه للانسان اينما كان، وعليه ان يتعرف على الطريق الذي يؤدي اليه..
وقفة لها لون:
اذا غاب «الحكم» عن حلبة المصارعة، تداعى «النظام» الذي ينظم اللعب بين الخصمين.
والحكم الذي غاب عن «حلبة» الادب في بلادنا هو النقد..!
غاب فتداعت اركان الادب التي قام عليها في البلاد العربية وغدت «الحلبة» فوضى على فوضى، تدخل المشاهدون في هذه الفوضى.. فانعدمت الرؤيا على الحكم..
لكي يكون لنا ادب.. لابد ان يكون لنا قبل ذلك ناقد.. لابد لكل اديب ناقد.. والا فلن نباهي بأدبنا، وحينئذ نكون مستهلكين للآداب الاخرى.
وهذا في نظري جواب لعلامة الاستفهام التي تثار بين الحين والآخر..
لماذا لا يكون لنا ادب كالآداب الاخرى..؟!
ولماذا لا يقرأ القارئ مؤلفات ادبائنا.!
وحينئذ سيفكر كل اديب في كل ما يكتب قبل نشره على الناس، ويحاسب نفسه قبل ان يحاسبه الغير..!
|