يعتبر البهق Vitiligo من أكثر الأمراض الجلدية أهمية وانتشاراً وهو عبارة عن فقدان تصبغ مكتسب مجهول السبب يتظاهر سريرياً ببقع ناقصة التصبغ أو عديمة الصبغة، ومن النادر أن يشفى عفوياً بشكل تام. وبالرغم من كونه مرضاً سليما غير معد ولا يؤثر على صحة الإنسان ونشاطه، إلا أن التشويه الجمالي الذي يحدثه والنظرة الخاطئة للمرض في كثير من المجتمعات، كل ذلك يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية للمصاب وأهله مما يجعله من الأمراض التي تلقى اهتماما متزايدا من المرضى والأطباء على حد سواء.
قد تكون أوراق البردي المصرية هي أقدم الوثائق المكتوبة التي أشارت إلى مرض البهق حيث اعتبرت أن هناك نوعين من «اللون الفاتح»: الأول يترافق مع أورام وتبدلات هامة في الجسم، والثاني عبارة عن تبدل لوني فقط.
وفي عام 449 ق.م كتب هيروديت الإغريقي: إذا كان الفارسي مصاباً بالجذام أو بالمرض الأبيض فلا يسمح له بدخول المدينة أو التعامل مع الفرس الآخرين «لابد أنه قد ارتكب إثماً بحق الشمس»، هناك العديد من التسميات التاريخية للبهق ما يزال بعضها مستخدما إلى يومنا هذا. فهو عند العرب: برص. وعند الهنود: جذام أبيض Shweta Kusta. أما تسميته الحالية
Vitiligo فيعتقد أنها مشتقة من التعبير اللاتيني Vitium ومعناه: عيب أو
شائبة.
يبدو أن النظرة الخاطئة إلى البهق باعتباره عارا وإثما عظيما في بعض المجتمعات تعود إلى تلك الأزمنة القديمة حينما كان البهق يختلط بالجذام وبأمراض معدية ومشوهة اخرى. وقد ساهم انتشار الجذام في العصور الوسطى بالإضافة إلى كثرة الأساطير والخلط التاريخي على إسقاط معضلة الجذام على المصابين بالبهق حتى في أيامنا الحالية، ولا سيما عند المجتمعات المتخلفة، على أن الأثر النفسي للإصابة بالبهق عند سكان المدن المثقفين يكون أحياناً أعظم منه عند سواهم.
|