في البناية الأخرى من الشارع المقابل.. يطل مدخل أعوج.. يرتكز به درج مرتفع.. انارته خافتة!! للدور العلوي منه شقة تحمل الرقم «...» يكتظ بها هواء مصطنع.. وأجساد مزيفة!!
* من هناك ترتفع أصوات غريبة!!.. وتئن آلات أشد غرابة!!
وتفرض عليك رياضة عنيفة.. أصحابها مهووسون بالجسد المتورم.. والمتعة المقتولة في مهدها؟!
* في الرياض العاصمة الأم لبلد الخير والعطاء مملكتنا الغالية تنتشر «نواد صحية رياضية» لمزاولة رياضة رفع الأثقال قد تصل تلك الرياضة «الشققية» ان صح التعبير «كونها تمارس في الغالب داخل شقق مؤجرة» إلى رقم «غريب» يفوق العدد الافتراضي لها رغم أنها ليست الرياضة الشعبية الأولى في بلادنا!!
* قال لي ذات يوم أحد الأصدقاء المغرمين بهذه الرياضة الشاقة ان عدد الأندية تلك في أحد أحياء مدينة الرياض يصل إلى الستة؟! ولعل السبب في ذلك هو ما تفعله تلك الأندية من جسم مغر!! وخصر جذاب!!.. ولياقة مرتفعة.. دون أن يكون للهواية أو المتعة دور في ذلك.. وهذا أمر طبيعي.. لأن الجسم السليم في العقل السليم. ولكن السؤال العريض الذي يطرح نفسه هو لماذا لا تكون الملاعب الكروية المخصصة لمزاولة رياضة كرة القدم بنفس العدد والحضور والأهمية التي تلاقيها الرياضة «الشققية اياها» كون كرة القدم ليست كرة مصنوعة من الجلد فحسب.. بل هي رياضة الكثيرين ليس في بلدنا فقط بل في جميع أنحاء المعمورة لا سيما حين تكون الرياضة ممزوجة بالمتعة والهواية.
* فإذا سولت لك نفسك ممارسة كرة القدم وجب عليك القيام بحالة استنفار غير مسبوقة في البحث عمّن ينفرد بملعب مخصص لمزاولة هوايتك المفضلة!! أو كانت هناك اجتهادات شخصية لك لوضع ملعب متواضع الحضور.. اللعب فيه هو أشبه برياضة صيد السمك!!
إن لم تكن كذلك فأنت أمام خيارين أولهما الدخول في معمعة الأندية التي لا تعرف إلا لغة المال والاحتراف وثانيهما الانتظار إلى شهر الخير والبركة لدخول احدى الدورات الرمضانية التي بدأ يسيطر عليها الإعلام المسبق الدفع!!
قال لي أحد سماسرة الكرة في الخليج إنه عندما كان في برازيليا عاصمة بلاد السامبا البرازيل شاهد أطفالا سمر البشرة يركلون الكرة بالقرب من مدخل أحد الفنادق هناك وعندما سأل مشرف الأمن عن مدى مضايقة هؤلاء الأطفال له أجابه قائلاً: إننا لا نستطيع أن نمنع مثل أولئك.. من فعل ما يقومون به.. انهم مواهب البرازيل التي يجب أن تتحرر من مواقع الروتين في ممارسة الكرة!! ثم قال: المواهب لا تنتظر مكاناً معيناً لمزاولة المتعة والهواية انها متعة البرازيل التي تربعت على عرش العالم الكروي؟! وبغض النظر عن مبالغة صاحبنا ومثاليته تلك إلا أن في رده نوعاً من الحقيقة المرة؟! ففي أغلب مدن مملكتنا الغالية تكاد تنقرض ملاعب الاحياء.. الأمر الذي يحجب نتاج «الحواري» من الموهوبين وهو الشيء الذي ينعكس على مستوى الأندية ثم المنتخب مما يترتب عليه ركاكة في الحضور القاري أو العالمي.
* في الماضي تجد الملاعب بين جدران الطين.. وساحات المدارس.. وواحات المزارع.. تجد أناساً تركل الكرة وتستمتع في ممارسة هوايتها في كل مكان ومع من تحب بل في مواقع مغرية وبإمكانيات محدودة ثم انطلقت الرياضة السعودية في ظل القيادة الحكيمة من أوسع الأبواب وخرجت مراكز التدريب التي كانت تشرف عليها الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي أصبحت فيما بعد في ذاكرة الماضي؟!
كان الأشبال في تلك الأيام الخوالي يزدحمون في حافلة جميلة كانت تعني لهم ممارسة المتعة في موقعها الطبيعي ثم يستلذون بارتشاف وجبة لذيذة من المرطبات بعد عناء يوم جميل من المهارة والموهبة والكرة.
اكتظت المدن اليوم وقتلت ذلك الجمال المغروس في أقدام الصبية.. إلا.. من رحم ربي!!
* من هنا أقف على مفترق الطرق لأقول.. لو يتم تكليف الأندية بمساعدة القطاع الخاص في تبني وتنفيذ فكرة انشاء ملاعب الأحياء بمواصفات معينة وفي مواقع بارزة وباشراف الرئاسة العامة لرعاية الشباب بحيث تكون تلك الملاعب في ساحات منتشرة في احياء المدن دون وجود أي حاجز معيق.. وبزراعة مغرية «كما في الملاعب الدولية».. «وبمواقف للمركبات» أكثر اغراء.
وبوجود «لافتات إعلانية» على ضفاف الملاعب لإسالة لعاب القطاع الخاص وبوضع مشرف معتمد من النادي ذاته لتنظيم مشاركة البقية من اللاعبين وانتقاء المواهب لصقلها في النادي بعد الموافقة والرغبة.. وحتى لو كانت هناك مبالغ رمزية للمشاركة في تلك الملاعب فإنها ستكون هي الخيار الجبري أحياناً لتنظيم وصيانة تلك الملاعب والعناية بمظهرها خاصة عندما يدرك أصحاب رؤوس الأموال بأن تلك الملاعب لا تكلف مبالغ خرافية مقارنة بأسعار المحترفين الأجانب (إياهم).. التي قد يكلف عقد أحدهم ابقاء خزينة النادي خاوية على عروشها ولو لفترة من الزمن.
قال لي أحد المقربين من عضو شرف ومدير كرة أحد الأندية السعودية إن لديه مدرسة كروية في جنوب أفريقيا يشرف عليها اللاعب الأفريقي السابق عبيدي بليه وأن تلك المدرسة ستهتم برعاية البراعم وانتقاء المواهب في القارة السمراء حتى تكبر ثم يتم بيعها بعد تصديرها للأندية الأوروبية أو العربية بسعر مغر جداً.
وقلت في قرارة نفسي كم يا ترى من موهبة في بلدنا الغالية تنتظر الاهتمام والتسخير.
* لا أدري متى سنرى تلك الملاعب في كل مكان كما يحدث في الدول المتقدمة تماماً.. بالقرب من الشاطئ.. من الساحات.. وحتى من المطاعم العامة؟!
* لا أدري متى سيكون ثمن مزاولتك لهوايتك المفضلة هو «كرة واحدة» وأصدقاء جاهزون لمشاركتك تلك المتعة؟!
* لا أدري ما هو دور وزارة المعارف حيال كل ذلك!!
* لا أدري متى سنرى ملاعبنا وهي مفتوحة على مصراعيها وهل سيكون للغة المال والخصخصة كلمة في ذلك؟
* علامات الاستفهام تلك تنتظر العمل الدؤوب الذي لا يعرف الملل أو الكلل «فمن سيشمر عن ساعديه»؟
عندما تعود الروح
قاتل الله وقت تسليم هذه المادة؟! فهو يحول بين ما كتب وبين الحدث في حينه.. فأنا لا أعلم ماذا آلت إليه مباراة الهلال مع السد القطري ولا أدري هل دخل ممثل الوطن في معمعة الحسابات المعقدة أم لا ولكن ما يعرفه كل محب للكيان الأزرق هو أن الروح قد عادت في العروق الزرقاء بعد أن تيبست وهذا هو الأهم.
* لقد قلت فيما مضى إن لاعبي الهلال بأيديهم مفاتيح الفوز متى عادت الروح ولعل إحساسهم بمرافقة رئيس النادي لهم ولمسات مدربهم الجديد أديموس الفعلية التي كانت إحداها واضحة في حرصه على مرافقة لاعب الفريق سامي الجابر للبعثة رغم إصابته للإشراف على علاجه بنفسه، كان لذلك أكبر الأثر في إعادة تلك الروح رغم وجود بعض علامات الاستفهام «الصغيرة» التي يلغيها استلام المدرب الاشراف على الفريق قبل المغادرة بأقل من 48 ساعة من بداية البطولة وبغض النظر عما آلت إليه نتيجة لقاء الأمس يجب على الأقلام الحادة عدم سرعة الحكم على الفريق الهلالي أو الجهاز الفني وتخفيف حدة النقد اللاذع غير الهادف على ممثل الوطن فالهلال كان «بدراً» بأدائه رغم الظروف التي مر بها والتي لو مرت على غيره لكان أنشودة سخرية في الحناجر تلك المتربصة!!
بالإشارة
* الأسد الكميروني «باتريك سوفو» كان في مستوى الحدث إلا أن المنتظر منه أكثر من ذلك بكثير.
* هل تفي تلك الإدارة «المنهبرة» بأداء لاعبها الأفريقي (إياه)!! بوعدها وتعطي لاعبيها مكافآت الفوز بالبطولتين المنتظرتين؟!
* لابد أن يتدخل الاتحاد السعودي في إنصاف المشارك بكأس السوبر السعودي المصري حتى لا يسلب حق من حقوق أندية الوطن.
* هل يقتحم القادسية المربع الذهبي ويكسر كل التوقعات؟ أظن أن يكون «لبني قادس» كلمة في ذلك.
خاتمة
رحم الله أبناء المريخ السوداني وألهم الله ذويهم الصبر والسلوان..
{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}...
|