لم يكن رحيل الدكتور حمد بن عبدالرحمن الوردي غفر الله له وألهمنا فيه الصبر وحسن العزاء رحيلاً إلى الدار الآخرة بقدر ما كان خلوداً في الدنيا بين أهله ومحبيه، فرحيل هذا الرجل يعد بحق خسارة فادحة للمنطقة ومصاباً جللاً على أهلها فمن قدر له أن يلتقي بهذا الرجل يعرف كم عظيماً في تعامله سامياً في تكامله...
ولكنه الموت........!
الموت الذي طالما شعرنا بعجزنا أمام غيابه الفادح وفداحة غيابه لأننا لا نتذكر هادم اللذات إلا عندما نصاب بأقرب محبينا إلى أنفسنا وقلوبنا وعندها فقط نتذكر أن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من القبور....ولكنه الموت مرة أخرى!!!!
أو هو الحياة لمن أراد الخلود في عالم الأموات ممن هم على شاكلة الدكتور حمد الوردي ذلك أن العظماء هم الذين يصنعون التاريخ لأمتهم ولأنفسهم ولكنه الموت مرة ثالثة ورابعة وخامسة وإلى أن نلقى الله على دين سيدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين فبأي لسان سنتكلم؟ وبأي قلم سنكتب؟ وبأي حيلة سنحتال على دموعنا التي تنهمر كما المطر على رحيلك أيها الباسق؟!.
ولن أقول إنه الموت هذه المرة فمن كان له أخ ومعلم وصديق كحمد الوردي فلا خوف عليه أن يتذكر الموت ويضعه نصب عينيه، فالشرفاء يموتون وهم يحملون في أكفانهم حلماً وأحلاماً يتطلعون لتحقيقها فلا تكاد ترى موضع شبر من أفكارهم إلا وترى ثمة حلم أو جرة قلم في خدمة الغير فلا نامت أعين الجبناء.
حملناك على أكتافنا إلى حيث المقابر فبكينا وبكينا وبكت الجوف لأننا تعودنا أن تحملنا أنت دائماً فحتى وأنت جسد مسجى كنا نشعر أنك من حملنا إلى المقابر لتمنحنا درساً مجانياً مفاده أن المنصب مهما علا وسما لا يعدو سوى كونه نصباً وتعباً وأن الحياة لا طعم لها ما لم تكن في خدمة محتاج.. أو كف دمعة
يتيم... أو إصلاح ذات البين...
علو في الحياة وفي الممات
لحقاً تلك إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا
وفود نداك أيام الهبات
|
صحيح أن تربطني بك علاقة شخصية ولا علاقة نسب ولكن يعلم الله أني ما فجعت بأحد بعد رحيل أبي وشقيقتي غفر الله لهما كما فجعت برحيلك أيها الشاهق حد السماء والباسق حد الأرض...
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن االرزية فقد شيخ
يموت بموته خلق كثير
|
نعم فالمال يعود والشاة تعود والبعير يعود فمن لنا بحمد؟! وكيف لنا بمثله؟ ! ومتى كان الفقيد يعود؟! وهل علينا أن نبكي العمر كله؟! ولماذا نبكي أصلاً؟!.أسئلة لم نجد لها إجابة شافية.... كانت ترتسم على محيا من شيعوك وحملوك على أكتافهم قبل أن يحملوك على آلة حدباء إلى حيث أنت الآن لكنها جعلتنا نستيقظ من سباتنا حينما رأينا جموع المصلين يلتفون حول بعضهم بحزن عميق لا يشبه سوى عمق تفكيرك وعمق إدراكك أيها الشامخ باعتدال والمعتدل بشموخ متزن، ولعلي أكسب من الفرصة مغنماً لأتقدم بصادق عزائي ومواساتي لكل شبر في هذه البلاد ولقادتها وحكومتها ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقةالجوف ولوالده الشيخ عبدالرحمن الوردي وأسرة الوردي وأسرة الشايع ولوالدته وأشقائه وزوجتيه ولكل من عرف حمد الوردي ولكل من لم يعرفه.. وأنتهز هذه الفرصة لأطلب من المسئولين في المنطقة تكريم الفقيد الذي دفع حياته ثمناً لأداء أمانته كأن يطلق اسمه على أحد الشوارع الرئيسية بالمنطقة أو تسمية إحدى المدارس المحدثة باسمه تكريماً له وتحفيزاً لغيره، كما أقترح أن يطلق اسمه على أحد المساجد في المنطقة لا سيما وأن هناك جوامع لم تسم بعد وكلي ثقة أن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف أهل لتحقيق هذه المطالب التي نضعها بين يدي سموه الكريم، ذلك أن سموه الكريم من سلالة ترعى الحقوق وتراعي الذمم فتقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت ولا تأخذها في الله لومة لائم ولا جنح جانح وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.عموماً المصاب جلل.. الخطب عظيم.. الفاجعة موجعة.. الجرح غائر.. الدمع حائر.. {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
|