منمطلق هادف يدخل في دائرة الوصول إلى فهم الواقع والتعاطي بروح عقلانية ومنطقية تصب في المصلحة العامة والنظر بمنظار بعيد المدى يحقق التطلعات والتمنيات المغروسة في داخل كل وجدان مسلم وعربي كان لا بد من الدخول في نفاش هادئ مبني على حقائق وآراء سديدة بعيداً عن الانفعال والتعصب ينضوي تحت معرفة المفهوم الصحيح لحال هذا الواقع الذي نعيشه فإلى أين نحن سائرون وكيف تبدو معالم الطريق الذي نسلكه هذا هو السؤال الذي نبحث عن إجابته.
لقد دأبت على المواجهة لاستيضاح الحقيقة بعيداً عن التخمين والافتراضات التي هي عنوان الكثير ممن يطرحون أحياناً الرأي وهذا يمكن أن يكون صفة عامة فتبنى الأطروحات والآراء على ردة فعل أو كلمة أو موقف قد لا يعطي الحقيقة فيتولد لدى المتلقي بحسب درجة ثقافته التقييم الخاص الذي يعبر عن وجهة نظره سواء كان خطأ أو صحيحاً.
ومع تنامي الوعي الديني انجرف الكثير نحو الاستزادة والتعمق في البحث بشكل لافت وملاحظ من قبل الجنسين الكبير والصغير مندفعين إلى التقرب إلى الله فأقبلوا على الكتاب والمحاضرة والشريط وهذا الاتجاه الذي حددوه لطريقهم مع ما يصيب البعض منهم من تراخ أو قصور أو فتور بسبب طبيعة الحياة التي نعيشها في الوقت الحاضر ومتطلباتها لهذا حاولت أن أضع بين يدي القارئ الكريم الصورة التي قد تعبر عن ما أريد أن أصل إليه من غير أن يكون هناك هدف شخصي أو تضليلي أو تشكيكي كل ما في الأمر عرض وجهة نظر تنبع من الحرص وتعتمد على الصراحة فلقد واجهت صديقي الذي يحمل درجة علمية مرموقة ودخلت معه في نقاش بعدما انتقل إلى دائرة الالتزام وأخذ يزداد عمقا يوما بعد يوما في متطلبات الدين فجاء ذلك اليوم الذي طلبت منه أن نعقد مواجهة الكل فيها يعبر عن رأيه قلت له في البداية أنا أؤيد وبقوة أن يكون المسلم ملتزما بشرع الله في حياته ولكن من غير أن يهمل أمور الحياة الأخرى فرد قائلاً إن الله خلق الإنسان لعبادته فيجب أن يعي ذلك ويحرص عليه فقلت له هذه حقيقة ولكن كيف يتعامل مع واقعه الذي يعيشه وكيف يتصرف حيال الأمور الدنيوية فقال مثل ماذا فقلت أنت الآن تنكب على البحث عن كل ما يهم دينك وبشكل مستمر ولكن ما قيمة درجتك العلمية التي حصلت عليها هل تعطيها الاهتمام كما هو الحال تجاه توجهك نحو دينك هل هناك من توازن بين منتطلبات الدنيا والآخرة فقال هذا غير مهم على الإطلاق فأنت مطالب في إخلاص العبادة لله والتقرب إليه لكنني قلت له إذا كان هذا هو توجهك فقط كيف توجد مجتمعا مسلما قويا يستطيع أن يواجه أعداءه ألا يوجد في قرآننا العظيم قوله تعالى:
{وّأّعٌدٍَوا لّهٍم مَّا اسًتّطّعًتٍم مٌَن قٍوَّةُ}
فكيف نحصل على تلك القوة هل بهذا الحال الذي نعيشه؟ إننا نفتقر إلى أشياء كثيرة لعل أبسطها عدم المقدرة على إنتاج الغذاء الكافي.
لقد كان في الزمن السابق الذي ما زال محفورا في ذاكرتنا تلك الحضارة الإسلامية الرائعة التي سطرها المسلمون ولمعت فيها أسماء ساهمت بفكرها وعلمها في النهضة التي يعيشها الغرب حالياً من ابن الهيثم وابن سينا وابن رشد والخوارزمي فأين واقعنا من هذا؟
إن علماءنا في حاضرنا هم الذين يساهمون في تقوية الغرب من فاروق الباز إلى أحمد زويل إلى مجدي يعقوب ألا يجب أن يكون هؤلاء بيننا نحن نريد أن ننتج مثل هؤلاء ولكن قل لي كيف؟
التزم صديقي الصمت ثم تحدث قائلاً عليك بالانتظار وعدم الاستعجال سيتحقق ذلك بإذن الله فقلت له إن العالم من حولنا وخاصة الغرب يسابق الزمن ويدرك قيمة الوقت فيطل علينا بين لحظة وأخرى اكتشاف ومخترع جديد ونحن ما نملك سوى الانبهار حيال هذا الاختراع وترديد عبارات التمني. إن المسلمين في وضع مترد لذلك نحن بحاجة الى صحوة لا تعتمد على الأسلوب الخطابي الذي لن يغير الواقع بل يجب صقل العقول وتوجيهها نحو الابتكار وطرق أبواب المعرفة وإنشاء مراكز البحث المتقدمة ودعمها.
كل هذا سوف ينتشلنا بإذن الله من هذا الواقع المزري وعدم الركون إلى ما هو حاصل على الساحة من آراء وأطروحات كلها واقعة في جدلية واختلاف بين فئات و جماعات وحتى بلدان ستظل العامل المهم في عدم الخروج من حال هذا التردي إذا ظلت كما هي عليه، إن ثقافة المرء الدينية والتي سوف تقول لي إنها قاصرة لدي إنها يجب أن تكون قوية من أجل التطبيق الصحيح ولمواجهة المؤثرات والأفكار الدخيلة لكنها لا تعني أن أبقى معلقاً بها لوحدها بل على أطرق العامل الذي يكملها وهو المطلوب .
وهذا يكمن في كيف أصنع وأنتج من عمل يدي أنا ولا أترك الأمر مرهونا تحت ر حمة الآخرين الذين لن يعطونا القوة التي نبحث عنها
فلنحمل القرآن الكريم والسنة المطهرة في يد واليد الأخرى تحمل مشعل العلم والبحث والاختراع هذا هو الطريق الصحيح في بناء مجتمع مسلم قوي.
الأثرالجماعي والفردي ...قبسات من حياة الدكتور حمد الوردي
عارف بن حامد العضيب/مدرسة قرطبة الابتدائية
|