من أبرز الأشياء التي نفاخر بها ونماري بها في هذا الوطن.. هو إعلامنا.. ذلك الإعلام الهادئ المتزن.. الممتلىء عمقاً ورزانة.
** والمكانة التي يتبوَّءها إعلامنا اليوم.. بين أي إعلام آخر.. لم تتم هكذا.. ولم تصنعها الصدفة.. بل صنعتها العقول.. ولكن أي عقول؟.. إنها عقول أكاديميين ومثقفين ومفكرين ورجال علم وأدب.. انطلقوا من ثوابت هذا البلد وعقيدته الصحيحة.. واستثمروا كل جديد في عالم الإعلام.. وسخروه لخدمة إعلام هذا البلد الذي احتل هذه المكانة العظيمة.. وهي مكان الثريا وسط الإعلام الآخر.
** لم نأت بشيء من عندنا.. ولم تكن الشهادة لإعلامنا مصنوعة هنا.. بل شهد له خبراء إعلاميون ومثقفون ومفكرون من كل مكان.. ودليل ذلك.. تفاعل العالمين.. العربي والإسلامي الكبير مع إعلامنا.. ومدُّ جسور لا تنقطع ولا تنتهي معه.
** هل تصدقون أن برامج في إذاعتنا وتلفازنا يصل حجم الردود والتفاعل معها إلى حيز الملايين؟ ومع ذلك.. لم يخرج تلفازنا أو إذاعتنا وتقول.. إن حجم التفاعل كان ثمانية أو عشرة ملايين مشاهد ومستمع.. بل قدموا النجاح وتركوا الحكم للمتلقي.
** إعلامنا الرصين الرزين.. ليس كالمحطات الفضائية التي جعلت هاجسها.. مخاطبة الغرائز والبحث عن الإثارة والكذب والاحتيال والضحك على المتلقي وشد المراهقين والمراهقات بالتوافه.. بل أدرك إعلامنا أنه صاحب رسالة ويحمل همّاً وهدفاً.. وله غاية.. لأنه ينطلق من أرض الحرمين الشريفين.. ويتأدب بأدب الاسلام.. ويحمل روحاً إسلامية صادقة.. ولأن وراءه عقولاً تعرف متى وكيف تتحدث.. وتعرف رسالة الإعلام.. وتعرف عظم وحجم الرسالة التي تتبوَّءها.
** ومناسبة هذه المقدمة القصيرة.. هو ما قرأته من حوار صحفي شيِّق مع شخصية كبيرة نعتز بآرائها ونحترم طرحها ولها تأثيرها في الساحة.. وهو صاحب السمو الملكي الأمير الفارس فيصل بن خالد بن عبدالعزيز عندما تحدث سموه عن إعلامنا.. ونحن بكل تأكيد.. نحترم هذا الرأي.. لأنه جاء من شخص له مكانته وثقله.. ومن شخص مجرِّب متابع وخبر.. وإن كنا نختلف معه في بعض ما قاله عن إعلامنا.. غير أننا متأكدون أن سموه عندما طرح هذا الرأي.. كان يؤمن أشد الايمان بالرأي الآخر وبالحوار.. وإلا.. لما عقبت هذا التعقيب.. وقد كان لي شرف حضور مجالس سموه أكثر من مرة.. ووجدتها مجالس علم وفكر وحوار.. وكان يثريها سموه بثقافته العميقة وسعة أفقه ووعيه واطلاعه الواسع.. وكانت عامرة بالحوارات والأفكار النيِّرة.. وهو ما ساقني إلى هذا التعقيب البسيط.. على شخص في حجم وعي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز وفي حجم ثقافته ورجاحة عقله وإلمامه بالأمور.
** أعود لإعلامنا وأؤكد مجدداً.. أن إعلامنا اليوم.. صار منارة كبرى.. وقدوة لما يجب أن يكون عليه الإعلام الملتزم.
** هل أعطيكم ولو جزئية بسيطة عن إعلامنا المتفوق؟
** لقد استطاع إعلامنا بكل وسائله الناجحة.. أن يناقش جميع القضايا التي تشغل الساحة.. سواء كانت محلية أم إقليمية أم دولية.. واستطاع أن يسلط عليها الضوء ويناقشها نقاشاً هادفاً جاداً هادئاً متميزاً.. أسهم فيه نخبة من الخبراء المختصين.
** لقد عالج جميع قضايا وهموم المجتمع المحلي وبسطها على البحث بكل حرية وانفتاح ومسئولية والتزام وأشبعها بحثاً.. كما لم يغفل عن أي قضية عربية أو إقليمية أو عالمية.. بل كان لها النصيب الكبير من الدراسة والبحث والتقصي والمعالجة.. على يد أمهر الخبراء وأكثرهم حضوراً في الساحة.. وهكذا كل البرامج الأخرى.. سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو شرعية أو إعلامية أو أسرية أو أدبية أو رياضية أو غيرها.
** هل هناك قضية تشغل بال المواطن أو الإنسان العربي أو الإنسان المسلم.. أو قضية عالمية هامة لم يطرحها إعلامنا.. ولم يناقشها ولم يوسعها بحثاً!!.
** إن هذا.. هو الواقع.. وليس كلاماً إنشائياً أقوله.. أو مجرد أمنية.. بل هو واقع إعلامنا اليوم.
** لقد أعدت دراسات وطُرحت استبانات عن إعلامنا.. فاحتل الموقع الأول بكل جدارة.. وهي دراسات علمية جادة أجريت في أكبر وأرقى الجامعات ومراكز البحث في أكثر من هيئة علمية متخصصة.
** إن المتابع لتلفازنا على سبيل المثال.. ويستعرض برامجه خلال ال«24» ساعة.. يصل إلى نتيجة مؤداها.. أن كل برنامج حتى لو كانت مدته خمس دقائق «متعوب» عليه.. صنعاً وإعداداً وتخطيطاً.. كما يقدم فائدة كبرى.. فيما يجد في أكثر المحطات الأخرى.. برامج تشغل المتلقي عدة ساعات متلاحقة.. كلها تفاهات.. وليت المسألة مسألة ضياع وقت فقط.. بل هي برامج ضارة مفسدة تدمر الفرد والمجتمع.. وتقضي على أخلاقياته وتقوده إلى سلوكيات ونمط اجتماعي فاسد لا نرضاه لأنفسنا..
** لكن إعلامنا بوسائله المختلفة.. يقوم عليه عقول في شتى التخصصات.. فهي تخطط أولاً لهذه البرامج.. وتدرس النافع المفيد منها.. ثم تسلم الخطط لكوادر أخرى متخصصة لتنفيذها وفق أحدث وأفضل الأساليب الإعلامية الحديثة.
** إن مقارنة إعلامنا بالإعلام الآخر اليوم.. هي ظلم لإعلامنا الذي بلغ صيته الآفاق.. وأشاد به الخبراء.. بل الخصوم قبل الأصدقاء.
** فهل نعتبر مثلاً.. أن من عيوب إعلامنا.. أنه ملتزم؟
** هل نعتبر.. من تخلف إعلامنا.. أنه يحمل فكراً وثقافة وتميزاً؟
** هل نعتبر.. من سوء إعلامنا.. أنه لا يخاطب الغرائز ولا يشد المراهقين والمراهقات والتافهين والتافهات؟
** وهل نعد من ضعف إعلامنا.. أنه لا يقوم على الإثارة ولايثري الفتن والشغب والرادحين على جراح الأمة؟
** إن إعلامنا يترفع عن هذا كله.. ويعتبره سقطة.. ويربأ بنفسه أن يكون وسيلة تافهة يصنعها التافهون ويستقبلها الفاسدون.
** نحمد الله.. أن إعلامنا المتزن.. لم يُدخلنا يوماً في معركة أو خلاف سياسي.. ولم يدخل بلده في قضية أو صدام مع أحد.. بل ظل إعلاماً راقياً متحضراً متمسكاً بأخلاقيات الإعلام.. وملتزماً بشرف المهنة.. ومتمسكاً بثوابت الأمة.
** إن إعلامنا يعكس واقعنا.. ويعكس حالنا.. ويعكس خصوصيتنا وتميزنا.. ويعكس أخلاقياتنا.. فهل هذا يعيبه؟!.
** هل شاهدتم يوماً في إعلامنا.. برنامجاً تافهاً.؟.. وهل شاهدتم «تافهاً» يشاهد إعلامنا؟.. بينما العقول وأهل الرأي والفكر.. كلهم يتفاعلون معه.. ويتحدثون عن الإعلام القدوة «إعلامنا».
** ثم إنني أسأل الآن.. ما هي معايير الإعلام الناجح.. وكيف نقول.. هذا الاعلام ناجح أو غير ناجح؟
** اين تجد الإعلام الذي يرضي الفقهاء والعلماء والدعاة والأكاديميين والمفكرين والأدباء والمثقفين والإعلاميين وكثيراً من شرائح المجتمع.
** أين تجد الإعلام الذي يستقطب كل هؤلاء ويشدهم ويقنعهم بالتفاعل معه؟
*. انني هنا.. لا أدافع عن إعلام يطرح نفسه أمام الملأ ليحكم عليه الجميع..
** كما لا أتحدث عن شيء مجهول ولا شيء بعيد عنا.. بل هو يعرض نفسه «24» ساعة.. ونتمنى دوماً.. أن نسمع كل الآراء فيه.. فوزارة الاعلام وعلى رأسها معالي الوزير الاستاذ الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي.. يرحبون بكل رأي ناضج وفكر عميق حول الإعلام.. فوزير الإعلام أكاديمي وكاتب ومفكر ومثقف قبل أن يكون وزيراً .. ورجل صقلته الخبرة والتجربة.. وأحد فرسان قيادية الحوار والنقاش وتطارح الآراء .. وكم يسعده.. أن يقرأ أو يسمع آراء بناءة حول الاعلام.
وأنا على يقين بأنه كان سعيداً بما تحدث به الأمير الفارس فيصل بن خالد عن الإعلام الرسمي وأن معاليه سوف يستفيد من آراء سموه في دفع إعلامنا المتطور إلى مزيد من التطوير.
** هذا ما جال في ذهني.. وأتمنى أن أكون قد وُفقت في ذكر بعض ما اختلج في ذهني.
شكراً سمو الأمير.. شكراً معالي الوزير..
|