يلجأ صُنّاع القرار الدولي عند اتخاذهم قرارات مصيرية كإعلان الحرب، أو عقد اتفاقيات تقسيم مناطق النفوذ، وإبرام المعاهدات الدولية التي تكبل الشعوب والدول، إلى اختيار مناطق تحمل أسماء ذات دلالات، ومعانٍ تكون أقرب ما تكون لتفسير ما يتخذ من قرارات على هذه الخلفية، ووفق هذا السياق اختار الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماري أزنار، جزر الآزور وهي جزر بركانية تابعة للبرتغال.. ولعل طبيعة الجزر البركانية تعطي الدلالة لما سيتمخض من قرارات لثلاثي الحرب.. القرارات التي ستعلن.. والقرارات التي ستبطن حيث ستكون بمجملها قرارات بركانية كما تجمع جميع آراء المحللين السياسيين، الذين يؤكدون أن القمة البركانية ستعطي الإذن ببدء الحرب على العراق وتحدد موعد الهجوم.
هذه النتيجة لم تكن بعيدة عن ذهن الطرف الآخر للحرب، القيادة العراقية، التي حزمت أمرها على مواجهة الحرب الأمريكية البريطانية الإسبانية الأسترالية حيث تمخض اجتماع القيادة العراقية الأخير، باتخاذ قرارات تظهر بأن العراقيين قد بدأوا في تنفيذ الشق الأخير من خطة التصدي للحرب، إذ قسم العراق إلى أربع مناطق عسكرية أوكلت قيادتها إلى أربعة من أقرب المقربين للرئيس العراقي، حيث كلف الابن الثاني للرئيس صدام، الفريق أول قصي صدام حسين الذي يتولى عملياً إدارة جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية العراقية، كلف بمسؤولية الدفاع عن بغداد ومحافظاتها وبالي وبابل وتكريت وهذه المنطقة ستكون أكثر المناطق في العراق استهدافاً، لأن المهاجمين يعتبرونها المعقل الرئيسي للرئيس صدام وخصوصاً بغداد وتكريت.
أما المنطقة الشمالية التي تضم محافظات كركوك والموصل وأربيل والسليمانية ودهول وزاخو فأوكلت إلى الشخص الثاني في العراق الفريق أول عزة إبراهيم وستكون مهمته صعبة خاصة وأن الموجات الأولى للحرب التي ستنطلق من تركيا ستكون موجهة إلى هذه المنطقة.
وأما المنطقة الجنوبية التي تضم محافظات البصرة والناصرية والعمارة والكوت فأوكلت إلى ابن عم الرئيس صدام الفريق أول علي حسن المجيد الذي تبدو مهمته صعبة، لأن المنطقة الجنوبية ستكون أولى محطات الهجوم القادم من الكويت.
بينما تظل المنطقة الرابعة التي تضم محافظات الفرات الأوسط وهي كربلاء والكوفة التي تضم النجف والسماوة والديوانية وهي محافظات تضم أغلبية شيعية فأوكلت إلى عضو القيادة العراقية مزبان خضر هادي، الذي ستكون مهمته صعبة هو الآخر في ظل توقعات باندلاع تمرد من الشيعة، رغم أن مزبان هادي أحد أبناء الشيعة.
إن ما يتخذ في جزيرة البراكين واتخذ في بغداد إشارات إلى أن الحرب ستندلع بين الفينة والأخرى.. وما علينا إلا أن نبتهل الى الله بأن يردَّ كيد الأعداء ويحبط مساعيهم الخبيثة.
|