Monday 17th march,2003 11127العدد الأثنين 14 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دقات الثواني دقات الثواني
ديموقراطية العنف والتفكيك
د. عائض الردادي

أزمة العراق كشفت الزيف، وأبانت الخداع، وفتحت أذهان شعوب الشرق والغرب بأن حياتها في مهب الريح، فها هي الديموقراطية التي توصف بأنها خادمة الشعوب أصبحت ديموقراطية عنف، تدفع بالجيوش لاحتلال العراق تحت مظلتها دون نظر إلى أن الديموقراطية نقيض للعنف والحرب، وها هي خطط كيسنجر «التي وعد بها بأن تفكِّك المنطقة إلى دويلات من أجل مصلحة بني قومه في إسرائيل» تنفذ تحت ظلال الديموقراطية، وأية ديموقراطية هذه التي ستقتل البشر بمقاتلات بـ52، وتدعي أنها لإزالة أسلحة الدمار وهي تدمر الأرض والبشر؟
إعادة تشكيل المنطقة إلى دويلات قد تشمل حتى الدويلات التي لا تزيد مساحتها عن 11 ألف كيلو متر، فلعبة الأمم الآن كلعبتها في بداية عهد الاستعمار الأوروبي، تريد إزالة دول وإيجاد أخرى حسب مصالحها لا مصالح شعوب المنطقة، ولا ندري أين ستظهر أوراق سايكس بيكو الجديدة التي تعيد توزيع المنطقة كما فعلت سابقتها التي ظل الناس مخدوعين حتى أعلن الروس عن الاتفاقيات السرية بعد سقوط روسيا القيصرية فظهر للعالم أن اللعبة قد وزعت الحمص بين دول الحلف في فرض هيمنة استعمارية على دول الشرق.
الشيء الجيد أن بعض دول أوروبا الغربية قد كشفت اللعبة وأعلنت وقوفها ضد الاستعمار الجديد، لأنها لو لم تفعل ذلك، لأصبحت مستقبلاً دولاً غير ذات وزن في حكم العالم وستكون مثل الدول التي يخطط لها الآن لتكون فريسة للسيطرة الجديدة ليس على الأرض، بل على الثروة والقرار السياسي أيضاً.
هل سيظفر الأكراد بدولتهم المنتظرة؟ ذلك سيكون ولكن على أنهار الدماء بينهم وبين الأتراك بدءاً ثم مع بقية الشعوب، وهل سيخسر بلير رئيس الوزراء البريطاني الحكم؟ ذلك سيكون عاجلاً أو آجلاً لأن الديمقراطية البريطانية في مجلس العموم البريطاني أظهرت ذلك.وهل ستسقط حكومة إسبانيا؟ ذلك سيكون لأن الاستطلاعات أشارت إلى أن 93% من الإسبان؛ ضد حرب العراق، والحال كذلك في إيطاليا.
لن يقتصر سقوط الرؤوس وتمزيق البلدان على دول الشرق، بل سيشمل الغرب أيضاً والسبب واحد وهو أن حكام الغرب استقلوا بقرار الحرب دون رجوع للشعوب فصاروا كدول أخرى في أن الديمقراطية لفظ مفرغ من محتواه حين يعلن في الإعلام وفي أسماء الدول ويتجاهل في قرار الحرب، فلا رأي إلا لحاكم يقرر الحرب أما الشعوب التي تكتوي بنارها فعليها أن تصمت وتحصد ديمقراطية عنف وحرب وتمزق وانهيار اقتصادي.
الديمقراطية سراب في سراب، في الشرق وفي الغرب، ولفظ برَّاق في الشرق والغرب، سيمطر الأرض صواريخ وقنابل وأنهاراً من الدماء، وسنين قادمة من الحقد والكراهية بين الشعوب.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved