اطلعت ببالغ الإعجاب على بادرة الاخت الفاضلة/ ام خالد في صفحة عزيزتي الجزيرة عدد يوم الخميس وتاريخ 26/12/1423هـ الذي سجلت فيه اقتراحاً للامانة العامة للتربية الخاصة باخضاع برنامج التأهيل الخاص بالاطفال التوحديين «Son - Rise» للتجربة في المملكة من خلال ارسال عدد من المختصين لتلقي التدريب اللازم على هذا البرنامج الذي أثبت نجاحاً هائلاً في علاج الكثيرين من طيف التوحد وفي الوصول بالبعض الآخر الى درجات مرضية من التأهيل..
وتعقيبي هنا لا يجب ان يأخذ كوثيقة مرجعية وذلك لكوني غير مختص، ولا انتمي للطب العام او الطب النفسي بصلة، وانما كل ما انتم على وشك قراءته يعتبر نتاج قراءة متواصلة في المواقع الالكترونية المختصة والناطقة باللغة الانجليزية بخلاف عدد يسير من المراجع العربية المترجمة، فالتوحد «احد اضطرابات النمو التفاعلي» لغز محير لم تعرف مسبباته الفعلية بعد، فمن المختصين والباحثين من عزاه الى:
1- نتاج تأثير مركبات الزئبق الموجودة باللقاح الثلاثي.
2. ومنهم من يرى ان سببه يعود الى قصور عمل البنكرياس «افراز هرمون السيكراتين Secretine».
3- ومنهم من يرى انه له علاقة مباشرة بنشاط زائد في الجزء الايمن من المخ.
4. وغيرهم يجزم بأن التوحد له صلة وطيدة بخلل الناقلات العصبية والفص الامامي للمخ.
5- وآخرون يسبقون كل هؤلاء الى وجود خلل شكلي وبنائي في المخ منذ الولادة مستدلين على ذلك بالتواء احد الاطراف اواكثر وبروز الاذنين بشكل لافت «سمات جسدية». وغير ذلك العديد من النظريات. وبين كل هؤلاء.. مازالت المحاولات الناجحة في عالمنا العربي معدودة للخروج من دوامة التوحد ولو بشكل جزئي. وللتعريف بهذا الطيف لابد من الاشارة الى ان العبارة «Autism» مشتقة من اللفظ اللاتيني «Autos» وهي «الذات» في اللغة العربية، وقد جنح المختصون لاختيار هذه التسمية للاضطراب موضع الجدل بسبب اعتقادهم بأن ما يحدث للطفل لا يعدو كونه انفصاما للذات في مرحلة الطفولة، وهذا تحديداً ما دعا بعض المختصين واللغويين العرب لتعريب اللفظ الى «الانفصام الذووي»، وبهذا التعريف فإن التوحد يأخذ منحى الامراض الذهانية «Mental» «Disorders» التي تصيب الكبار عادة «مثل الفصام وهوس الاكتئاب» التي تختلف عن الامراض النفسية «مثل القلق الاكتئاب الهستيريا الخ»، وفي رأي الطب الحديث ان التوحد لا علاقة له بالطب النفسي العقلي او الطب النفسي البحت، وان مسببات المشكلة مازالت مجهولة حتى وان حاول البعض تقريبها للمسببات العصبية لداء الصرع «Epilepsy» نعود الى برنامج «سن - رايز» للتأهيل، فقد لفتت تجربة الزوجين كوفمن Bary @ Samahria «Kaufman انظار وسائل الاعلام بعد تماثل ابنهم رون Raun للشفاء الكامل «على حد تعبيرهم وطبقاً لرأى العديد من المختصين». وهذه التجربة جديرة بما اثير حولها، لان ما وصل اليه الوالدان من انجاز كان مستحيلاً في نظر الاطباء والمختصين الذين قاموا بتشخيص حالة الطفل بعد ان اتم شهره الثامن عشر «عام ونصف».
وقد أجمع الاطباء على وجود توحد كلاسيكي «Kanner's Syndrome» يعرف بمتلازمة كانر «والتسمية نسبة الى اول عالم اعطى تشخيصاً محدداً لاحد اكثر انواع التوحد تعقيداً وغموضاً في العام 1942م»، واستجمع الوالدان ارادتهما وقررا سوياً مواجهة هذا اللغز المحير الذي اصاب طفلهم، لدرجة انهما اضطرا في بعض الاحيان، لمجاراة حب وليدهم للعب بالماء، للبقاء معه في مغطس الاستحمام لمدة 12 ساعة متواصلة، وقد نجحوا في تخليص ابنهم من كافة سمات التوحد لديه قبل بلوغ سن الرابعة..!! وقد استغرق منهم هذا الانجاز عامين ونصف من العمل الدؤوب النابع من حبهم لطفل بريء، محفزين ذواتهم بكل بادرة امل تكبر يوماً بعد يوم كلما اظهر طفلهم التوحدي استجابة للمحيط بشكل او بآخر. وللقصة تفاصيل كثيرة يمكن الاطلاع عليها من خلال كتابهم الشهير «سن رايز، المعجزة تستمر»، ولسنا هنا بصدد الترويج لهذا البرنامج التأهيلي او سواه، انما كتبت هذه الاسطر لأضم صوتي الى صوت الاخت الفاضلة ام خالد بضرورة تبني هذا البرنامج وغيره من برامج افلحت على ارض الواقع في اعادة الكثير من الاطفال الى عالمهم الاسري والعاطفي والاجتماعي «برغم تفاوت نسبة النجاح بين حالة واخرى». ويأتي السؤال الاهم والموجه من قبل اختنا الفاضلة الى الامانة العامة للتربية الخاصة عن دورها في تبني هذا البرنامج وغيره للمساندة المنزلية لما يفترض ان يتلقاه الطفل من تأهيل على يد مختصين، فالطفل التوحدي عادة ما يخضع لبرنامج تأهيل صباحي «مدرسي» تستخدم فيه تقنية «تيتش - TEACCH» او «SPELL» او «LOVAAS» او «PECS» او برنامج «AIT» السمعي وغيرها من البرامج الفاعلة والمؤثرة ايجابياً اياً كانت قدرة الحالة على الاستجابة لوسائط التعليم سواء كانت بصرية او سمعية او تحسسية مع مراعاة الاحتياج المرحلي لعمر الطفل والتغيرات التي تطرأ على مثيرات الاهتمام لدى الطفل التوحدي بين فترة واخرى. وحسب افادة الدكتور/ ناصر الموسى فان الامانة العامة للتربية الخاصة في وزارة المعارف خصصت 19 برنامجا لاطفال التوحد «القابلين للتعلم» ولاتزال كل هذه البرامج خالية من تسجيل اي طفل توحدي..!! وهنا تكمن المشكلة، فالجهة القادرة على تشخيص الطفل كتوحدي من عدمه نادرة الوجود «اغلبها مراكز خاصة» فما بالنا بتحديد ما اذا كان الطفل التوحدي قابلا للتعليم من خلال جلسة تشخيص واحدة او حتى اثنتين، وفي تصوري ان في هذا استباقا لسلسلة تطورات قد تحدث في سير التطور الادراكي لاي طفل توحدي. ناهيكم عن عدم وجود هيئة مخصصة للكشف على الاطفال التوحديين وتحديد مستوى ذكائهم في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة..!! فمن أين سيتمكن ولي الامر من الحكم على ابنه او ابنته بأنه طفل توحدي قابل للتعليم..؟؟ كما ان العديد من الحالات التي استجابت لبرنامج التأهيل في امريكا والمملكة المتحدة وغيرهما كان قد تم تشخيصهم على انهم يعانون من متلازمة كانر، وهي اشد انواع التوحد تعقيداً ,كما ذكرت سابقاً، وكان هناك اعتقاد سابق بان هؤلاء الاطفال غير قابلين للتعليم او التدريب..!! وقد أثبتت النجاحات المتتالية خلال اكثر من خمسة وعشرين عاماً مضت ان ما يزيد على 90% من الأطفال التوحديين «على اختلاف درجات معاناتهم بين التوحد الكلاسيكي الشديد والتوحد غير المطابق» قد نجحوا في اجتياز السواد الأعظم من معاناتهم..!! اذاً، المطلوب ببساطة من ادارة التربية الفكرية هو التفضل بقبول اقتراح عدد من اولياء الامور باخضاع الاطفال التوحديين للملاحظة في البرنامج الدراسي الصباحي لفترة عام كامل قبل الحكم على قابلية تعليمهم من عدمه، وفي اثناء ذلك سيقف المختص على اهم مناطق التواصل لدى كل حالة، ومحاولة تقويتها ومتابعة كل ما سبق ببرنامج منزلي مناسب لقدرات الطفل يتم ايصال أبجدياته لأولياء امور الاطفال او ذويهم عن طريق اولئك المختصين الذين استوعبوا خبرات المختصين الاجانب. وللوصول الى الغاية المنشودة، فانه من الضروري البدء فوراً بتوفير اكثر من مختص من القادرين على تشخيص الحالة في عدد من المستشفيات والمستوصفات الحكومية في اغلب مناطق المملكة وتحويل الطفل لبرامج التدخل المبكر التي نأمل ان تبدأ نشاطها في اقرب وقت ممكن، وهنا يجب ان تتضافر جهود كل من وزارة الصحة ووزارة المعارف لإنقاذ ما يمكن انقاذه، ولتجنيب اولياء الامور «الذين تكفيهم معاناتهم على المستوى الشخصي» مشقة الانتظار لحين وصول التشخيص من الولايات المتحدة او التنقل بين مناطق المملكة للوصول الى مختص قادر على كتابة تشخيص دقيق للحالة..!!
ختاماً.. الامل.. خيار الاسرة الامثل.. نرجو ألا تتركوه يتوارى خلف هوامش الصبر الرحبة ساعدوا الاطفال التوحديين على الوصول لاسرهم ومجتمعاتهم.. فمنهم الطبيب والباحث والعالم والفنان.. الوطن بحاجة لكل هؤلاء..
ملاحظات
المواقع العربية الخاصة بالتوحد: محدودة الطرح في غالبها، وعادة ما يتم توظيفها لسرد امكانات مرافق المراكز. ومن المواقع المميزة ما يلي:
.1. www.tawahud.com
2. www.q8autism.com
3. www.dubaiautismcenter.com
4. www.ircegypt.com
اغلب المواقع المفيدة تستخدم اللغة الانجليزية، وهذا أحد اهم اسباب عدم انتشار الوعي بطيف التوحد ومستجدات البحث العلمي في هذا الشأن بالشكل اللائق والمطلوب في عالمنا العربي.
مواقع مفيدة باللغة الانجليزية «تطرح طرائق علاج وتأهيل مختلفة لطيف التوحد»:
1. www.son-rise.com
2. www.feat.org
3. www.autism.atss
4. www.mfeat.ca
5. www.pyramidautismcenter.com
6. www.autismtreatment.info
عبدالله صايل
رسام الكاريكاتير بصحيفة الجزيرة
|