Sunday 16th march,2003 11126العدد الأحد 13 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
الصحافة بين التَّفاؤل والتشاؤم «2»
عبدالرحمن صالح العشماوي

إن مصادر التفاؤل في بلادنا كثيرة والحمدلله، والأعمال المُبهجة، والمواقف النَّبيلة، والأخبار المبشِّرة كفيلةٌ بتوفير مادَّةٍ صحفية جذَّابة، تحقق للصحيفة ما نتوق إليه من الانتشار، والمتابعة، وتحقّق للمجتمع ما ينتظره من الصَّحافة المتَّزنة التي لا تنساق وراء أساليب الإثارة الرخيصة، ولا تتأرجح دون شعورٍ بالمسؤولية بين تهوين ما تريد، وتهويل ما تريد. هنالك مادَّة ضَخْمة من المواقف والقصص، والأخبار، والإنجازات الفردية والجماعية، والإضاءات التربوية والنفسية، والأعمال الخيرية، والإبداعات العلمية والثقافية، تنتظر من الصَّحافة أن تنشغل بها انشغالاً مماثلاً للانشغال بالرياضة أو الفن، أو الأخبار المثيرة.
«تفاءلوا بالخير تجدوه» حكمةٌ ثابتة لا يصح أن نغفل عنها إذا كنا نتوق إلى بناء مجتمع صحيح سليم من القلق والاضطراب، وإنسان صحيح النفس والجسم، سليم الصدر والعقل، مُعَافَىً من الأزدواجية والحيرة التي تعدُّ من أوضح سمات مجتمعات الجريمة والانحراف الخلقي والسلوكي والفكري.
إنَّ انتشار الأخبار المتفائلة، والمواقف الكريمة، والقصص المشرقة يساعدنا على بناءِ أجيالٍ متفتِّحة قادرة على العطاء بثقة، وعلى مواجهة المواقف الصعبة، والأحداث المؤلمة بصبرٍ واحتساب.
وإذا علمت الصحافة وهي بلا شك تعلم أنَّ ما يُنْشر فيها من أخبار الجرائم، وقصص الانحراف، وأحاديث القلق والاضطراب النفسي، وطرائق استخدام المخدرات وتوزيعها وتهريبها، لا تلبث أن تتحوَّل إلى مادَّةٍ لأحاديث كثير من الناس في مجالسهم وحفلاتهم، ومجامعهم الأسرية، وجلساتهم العائلية، ولأحاديث الموظفين في أماكن عملهم، والطلاب والطالبات في مدارسهم، مع ما يصاحب ذلك من زيادات النَّاقلين، ومبالغات المتحدِّثين، وإضافات المغرمين بالتهويل من الناس، أقول: إذا علمت الصحافة بانتشار ما تنقله بين الناس بهذه الصورة، فإنَّ أمانة رسالتها، ومسؤولية إصلاحها وتوعيتها للمجتمع تحتم عليها أن تتورَّع عن الاستمرار في الإكثار من هذه القصص والأخبار التي تشيع الإحباط بين الناس.
علماء النفس يؤكدون أنَّ الإكثار من أخبار الانحراف والمنحرفين، والإجرام والمجرمين، تؤثر في نفوس الشباب والناشئة تأثيراً سلبياً معروفاً، وربما تصبح سبباً في انحراف كثير من الشباب، وهم يؤكدون وفق التجارب العملية أنَّ خطابك لإنسانٍ ما بتهمةٍ من التُّهم، أو بصفة من الصفات القبيحة، وتكرار ذلك على مسمعه أكثر من مرَّة، ربما يكون سبباً في جعله كما تقول، ولهذا ينصح علماء النفس والتربية بالدِّقة في اختيار الكلمات التي يخاطب بها الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم اختياراً يبني القيم في نفوسهم، ورسالة الصحافة كبيرة في هذا المجال كما نعلم .
هنالك آلاف التائبين والتائبات، والمتصدقين والمتصدقات، والمبدعين والمبدعات، والعصاميين والعصاميَّات، وهنالك آلاف النساء الطاعنات في السن التحقْن بجماعات تحفيظ القرآن النسائية وبعضهم فوق السبعين عاماًَ، فاستطعن حفظ القرآن أو بعضه وتعلَّمْن القراءة والكتابة، وهناك آلاف الشباب الموهوبين من الجنسين يتحدّث عنهم مَنْ يعرفهم من الناس، وهناك مواقف كرم وشيمة، وكفالة أيتام، وعصاميَّة مَنْ يعرفهم من الناس، وهناك مواقف كرم وشيمة ، وكفالة ايتام، وعصاميَّة أرامل، ومظاهر مشرقة لصلة الرَّحم، وأعمال الخير، وإبداعات تربوية واجتماعية لنساءٍ ورجالٍ يشَّعُرون بالمسؤولية في بيوتهم وأحيائهم ووظائفهم، وهنالك اجتهادات في تنظيم الحياة داخل البيت وخارجه، وتجارب ناجحة في حياة الناس، فلماذا لا يكون للصحافة دور كبير مشهود ملموس في اتحاف القراء بهذه المظاهر المُبهجة المبشِّرة المتفائلة فإنَّ في ذلك خدمةً كبيرة للوطن، ودعماً هائلاً للأمن والاستقرار في المجتمع، كما أن فيه مادةً صحفية تستحق المتابعة والتقدير.
إشارة:


هَبْني فماً يشدو وهبني خاطراً
يَسلو وخُذْ مني أرقَّ غناءِ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved