حلقات أعدها عبدالله بن صالح العقيل:
في حلقة اليوم نتناول تاريخ بعض الحروب القديمة التي وقعت بالقرب من الرس وتلك التي كانت بالدفاع عن المدينة.
أهل الرس والدور البطولي
مدينة الرس من المدن التي أنجبت مجموعة من الأبطال الذين كان لهم ذكر في الحروب السابقة، سواء منها ما كان لتوحيد البلاد السعودية بجوار البطل المغوار الملك عبدالعزيز رحمه الله أو سابقتها مما كان يدور بين البلدان والقبائل من معارك وحروب، ثم إن الرس اشتهرت بالحروب التي دارت حولها.
ويوجد من شعراء الرس المشهورين من يطلق عليه «شاعر الحرب» مثل الشاعر: إبراهيم بن دخيل الخربوش، ومثله: مبارك البدري وصالح العوض والشاعرة: موضي الدهلاوي.
فقد قال الشاعر إبراهيم بن دخيل الخربوش:
حربنا خابرينه أول وتالي
كل باشه يجي ينكس بعرضيه
كل باشه يجينا يطلب العالي
يطلب الصلح والدولة علاوية
وقال أيضاً متحدثاً عن حال أهل الرس وحبهم لملاقاة العدو:
والله ما جينا من الرس عانينا
إلا ندور الحرب ياللي تدورونه
من يوم سرنا والمنايا تبارينا
واللي ورد حوض المنايا تعرفونه
وقالت الشاعرة موضي الدهلاوي وهي من أشهر الشاعرات بالرس وكانت تستحث همم الرجال للإقدام والمشاركة بالحروب:
عند سوره تخلى كالمطيره
إلى استلذ الردى حلو المنام
ما نقلنا السيوف اللي شطيره
كود للكون في وقت الزحام
ويقول الشاعر صالح بن عوض من قصيدة يذكر فيها شجاعة وبسالة قومه أهل الرس:
حظبوا مدفعا للحرب يرمي به
واللغم حضبه من تحت مبناتا
عزنا الله وولعنا مشاهيبه
ثار ملحه بعسكرهم ولاجانا
ويقول عنهم عبدالعزيز عبدالغني إبراهيم «كانت الرس أقوى البلاد النجدية تحصينا، وأهل الرس من أقوى المحاربين شكيمة، ولهذا صمدت البلدة أمام مدافع إبراهيم باشا، ولم تسلم له إلا بعد عناء كبير. وأصابت تلك البلدة سلماً مشرفاً، لم يقع على هذه البلدة أن تؤدي للجيش ما يؤديه المهزومون عادة من الغرامات، ولم يقع عليها عبء تموين الجيش، ولم يستطع جند إبراهيم أن يستبيحوها فسلمت للبلدة أموالها وأعراضها».
وسوف نتحدث عن أيام العرب وحروبهم التي وقعت في بعض المواضع حول الرس في الجاهلية والإسلام، وقد يلاحظ أن بعض تلك الحروب لم تقع في أرض عاقل أو الرس ولكن نذكرها لوقوعها في أماكن قريبة منها بل هي أماكن الرحلات يرتادها أهل الرس قديما وحديثاً، كذلك تلك الحروب والمعارك التي وقعت بين أهل الرس وغيرهم من الغزاة في عصرنا الحاضر.
حرب داحس والغبراء:
وهي من أيام العرب العظيمة، كانت بين عبس وذبيان، ملخصها: أن قيس بن زهير العبسي وحذيفة بن بدر الفزاري تراهنا على سباق بين خيل قيس ويسمى «داحس» وفرس حذيفة وتسمى «الغبراء» وربما أن قصتها معلومة للجميع.
يوم البطاح
والبطاح بلدة صغيرة تقع غرب الرس على بعد «20 كيلا» مجاورة لمركز قصر ابن عقيل. وكانت من ديار بني أسد. وملخص يوم البطاح أنه عندما ارتد بعض العرب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنعوا الزكاة وكان في البطاح مالك بن نويرة وقومه ممن منع الزكاة. ثم إن سَجَاح بنت الحارث التميمية قدمت إليه تحرضه على غزو المدينة والموادعة، فوادعها مالك ولكن صدّها عن غزو المدينة، ثم اجتمعت مع مالك بن نويرة ووكيع بن مالك وحاربوا الرباب وقُتل من الجانبين خلق كثير، ثم إنهم تصالحوا بعدها وعاد السلام لبني تميم. ودفعوا الزكاة إلى خالد بن الوليد عدا مالك بن نويرة فقد منعها وتحصن في البطاح. ولما علم خالد بأمره سار إليه فقبض عليهم فحبسهم خالد حتى ينظر في أمرهم في الصباح، وكان الليل بارداً فنادى خالد: أن «دفئوا أسراكم» وكانت في لغة كنانة تعني القتل، وكان الحراس من بني كنانة فقتلوا من بالسجن جميعهم.
يوم عاقل:
أما عاقل فهو واد واسع يجري من جنوب الرس باسم «وادي النساء» متجها نحو الشرق وعندما يصل إلى العبيل جنوب شرق الرس متصلاً بوادي الإرطاوي يتسع ويسمى «بطن عاقل».
وأما يوم عاقل فيتلخص: بأن الصمة الجشمي أغار على بني حنظلة من تميم في بطن عاقل، فانهزم جيش الصمة وتم أسره من قبل الجعد بن شماخ. وطلب الصمة من الجعد أن يبقيه على قيد الحياة على أن يفتدي نفسه فوافق الجعد على ذلك، ثم إن الصمة أرسل إلى قومه يطلب بعث الفداء و لكنه تأخر، فظن الجعد بأن في ذلك خديعة، وكان الجعد يحضر في كل شهر أفعى كبيرة فيحلف أن يسلط عليه الأفعى إن لم يأت بالفداء، ثم جز ناصيته وأرسله.
وبعدها غزا الصمة بني حنظلة فأسره الحارث المجاشعي ثم عفا عنه، ثم طلب الصمة من الحارث أن يسير به في قومه لطلب الفداء ولما أتوا بني يربوع رأى أبو مرحب الصمة على تلك الحال أخذ سيفه وضرب به بطن الصمة فأثقله. وعلى أثر ذلك كاد أن يقع بين بني حنظلة وبني يربوع قتال شديد إلا أن مصعب بن أبي الخير أطفأ الفتنة بينهم قائلاً «يا بني مالك هذه يدي بجواركم فهي لكم وفاء» فسلموا من حرب وشيكة.
حولة طوسون باشا:
في بداية عام 1300هـ تقريباً اهتمت الدولة العثمانية بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التي ظهرت في نجد بل زادت عداوتها لتلك الدعوة السلفية وأخذت تخاف منها على نفوذها في نجد خاصة وأن حماس النجديين برز لنصرة الدعوة وصاحبها. ثم إن الدولة أرادت أن تستغل أطماع والي مصر محمد علي باشا التوسعية في نجد للقضاء على الدعوة وأنصارها. وبمساعدة الدولة العثمانية اقتحم محمد علي وأولاده جزيرة العرب في عدة حملات.
وكانت أول حملة أرسلها إلى نجد عام 1230ه بقيادة ابنه أحمد طوسون بن محمد علي باشا يقول ابن عيسى «ص105» «وفيها أي سنة 1230ه قدم أحمد بن طوسون بن محمد علي بالعساكر العظيمة ونزل الرس والخبراء، وكان عبدالله بن سعود إذ ذاك في المذنب، فلما علم بذلك رحل من المذنب ونزل بلدة عنيزة وأميرها إذ ذاك من جهة عبدالله بن سعود، نزل الحجناوي وأقام عليه نحو عشرين يوما يصابر عساكر الترك، ويقع بينهم مقاتلات ومجاولات من بعيد، ثم إن الصلح وقع بين أحمد طوسون وأحمد بن نابرت وبين عبدالله بن سعود على وضع الحرب وأن عساكر الترك يرفعون أيديهم عن نجد ويرفع عبدالله بن سعود يده عن الحرمين وكل منهم يحج آمنا. وكتبوا بذلك سجلات، فرحل أحمد طوسون ومن معه من العساكر غرة شعبان من هذه السنة» أي سنة 1230ه.
غزوة محبط ومحرش:
ذكرها ابن عيسى «ص105» وابن بشير «1/187» في عام 1231هـ سار عبدالله بن سعود بجنوده من البادية والحاضرة من الأحساء وعمان ووادي الدواسر والجبل والجوف وقصد القصيم، فنزل الخبراء وهدم سورها وسور البكيرية عقوبة لهم على استدعائهم للترك وكي لا يعيدوها مرة ثانية، فأقام عبدالله على الخبراء أياما وقتل عبدالله بن حجيلان شاعرا منها يدعى «عميان» ثم سار منها جهة الحجاز حتى ورد العلم قرب الحناكية ثم وصل ماء العمق وبعث جيشا ناحية الحرة وأخذوا أغناما كثيرة وإبلاً ثم وصل الدفينة بعدها قفل راجعا إلى وطنه.
ثم قبض عبدالله بن سعود على ثلاثة رجال من رؤساء أهل الرس وربط رؤوسهم منهم الأمير شارخ الفوزان أمير الرس وسار بهم إلى الدرعية بسبب استدعائهم للترك، و سميت تلك الغزوة غزوة «محيط ومحرش» لأنه انتقض الصلح الذي بين محمد علي وبين عبدالله بن سعود بسببها، وتم ترحيل الأسرى إلى محمد علي في مصر فأخبروه بما حصل، و يقول ابن بشر: إنه ركب إلى مصر رجال من أهل القصيم والبوادي وزخرفوا القول لصاحبها وتلقى قولهم بالقبول فأخذ يجهز الجيوش إلى نجد بقيادة ابنه إبراهيم باشا.
يقول الفاخري «الأخبار النجدية ص146» وفيها أي سنة 1231ه سار عبدالله بن سعود إلى القصيم وهدم سور الخبراء والبكيرية وحبس الذي دخل من أعيان الرس والخبراء مع الترك مثل سليمان بن حمد وشارخ الفوزان وغيرهم وأهانهم.
غزو الرويضة
والرويضة: هي مزرعة صغيرة تقع شمال الرس على بعد «5» أكيال على ضفة وادي الرمة الجنوبية قبل أن يصل الوادي إلى الرس، ومنهم من يسميها «الرويضات» بصيغة الجمع.
وملخص غزوة الرويضة: كما ذكر ابن يشر «عنوان المجد 1/184» أن عسكر الترك في الحناكية ساروا إلى القصيم بأمر أحمد طوسون فأطاعهم أهل الخبراء والرس فدخلوهما واستولوا على ما حولهما من القصور والمزارع بينما ثبت بقية بلدان القصيم وحاربوا الترك، فلما بلغ ذلك عبدالله بن سعود استنفر جميع المسلمين من أهل الجبل والقصيم ووادي الدواسر والأحساء وعمان وما بين ذلك من نواحي نجد، فخرج من الدرعية في بداية جمادى الأولى 1230هـ واجتمع المسلمون عليه ونزل المذنب ثم رحل منها ونزل الرويضة المعروفة فوق الرس فقطع منها نخيلاً ودمرها وأهلك غالب زرعها وأقام عليها يومين.
وورد في كتاب الدرر المفاخر للشيخ محمد البسام التميمي النجدي المتوفى عام 1246هـ «ص91» في معرض حديثه عن بلدان القصيم ما يلي «وأما المداين وأشجارها فأوجدها أشجار النخيل التي لم يحاكها مشرقاً أو مغرباً، ولما قدمها العزيز وخالفوا أمره وأنكروا طاعته، أمر عساكره بقطع النخيل لعلمه أنهم لا يطيقون الصبر دونها، فالذي قطع من الرس خمسون ألف نخلة، وعلى النخلة الواحدة ريالان أو أطوب حتى لم يبق من عسكره من لم يجهد في قطع النخيل لزيادة الطمع، وقلة التعب. قال المؤلف: حدثني بعض الحاضرين إن الرجل يقطع في الساعة الواحدة إلى ثماني نخلات، وسبب ذلك أنهم متأهبون لها بآلات من الحديد يطعنها به فيدخل في جذعها شبرا فيرتكي عليه بصدره، ويستدير به عليها ويأخذه منها فإذا حركها النسيم قليلا نزلت».
أقول: إذا كان القول السابق صحيحا فلا شك بأنه كان يقصد بالعزيز عزيز مصر «طوسون باشا» لأنه هو الذي أغار على الرس في حدود هذا التاريخ ونزل بالرويضة وكانت مشهورة آنذاك بمزارع النخيل وهو الذي أمر رجاله بقطع نخيلها انتقاما من أهل الرس وهذا حال الحروب.
حصار حصن الجندلية:
والجندلية: هي نخيل ومزارع واقعة غرب الرس قريبة منها وسميت بذلك: نسبة إلى الجندل «جندل الوطاة» وهي أماكن صخرية غير مرتفعة تقع غرب الرس.
وقد أورد عبدالله الرشيد في كتابه «الرس ص36» الحصار الذي وقع لحصن الجندلية نقله من كتاب تذكرة أولي النهى والعرفان وملخصه ومن جماعة من أهل الرس: أن خيلاً لابن رشيد أغارت على مزارع الرويضة الواقعة شمال الرس فقدم رجل من أهل الرويضة إلى الرس وصاح بأهلها يطلب النجدة من خيل ابن رشيد فقام القائد ناصر بن خالد بن عبدالعزيز الرشيد ومعه عشرون رجلاً من الرس لنجدتهم ولكن أمير الرس آنذاك صالح بن عبدالعزيز الرشيد حاول منعهم خوفا عليهم من قوة ابن رشيد فلم يوافقوا فلما دخلوا حصن الجندلية علم بهم قائد ابن رشيد فحاصرهم من الصباح حتى بعد العصر، ثم إن أهل الرس قتلوا من رجال ابن رشيد عدداً كثيرا فطلب منهم قائد ابن رشيد أن ينزلوا بعهد الله ثم بعهد ابن رشيد، فتشاوروا بأن يبقوا حتى الليل ثم ينزلوا خفية ويهربوا إلى الرس ويسلموا من بطش عدوهم ولكن القائد ناصر الخالد أصر على النزول ومعه أحد عشر رجلاً من جماعته فغدر بهم قائد ابن رشيد وقتلهم جميعا. وهم ناصر بن خالد الرشيد، وعيال مجمول، وعلي بن منصور الخليوي، ومنيع الصالح، والحميدي، وسوهج، وخيال، ومطلق الحناكي «مكوح»، وإبراهم الطاسان، وهزاع، وسليمان الهزاع.
أما البقية وعددهم سبعة رجال بقوا في القلعة ولما غشاهم الليل جاء تركي بن راشد الدبيان وفتل لهم حبلا من عمائمهم وسراويلهم ونزلوا وهربوا إلى الرس وهم: سالمين، وسلمان المكوح، وسليمان الرشيد، والمسعودي، ومحمد بن منصور الخليوي، وعلي بن عبدالعزيز العقيلي، وعبدالله الصالح.
حروب قبلية
كما شهدت بادية الرس العديد من الحروب والمعارك التي وقعت بين القبائل لاسيما وأن مثل هذه المعارك كانت سائدة في معظم أجزاء الجزيرة العربية لغياب الأمن والسلطة النظامية.. حتى أفاء الله على هذه البلاد بنعمة الأمن والعيش بتوحيد هذه البلاد تحت راية التوحيد بفضل من الله ثم بفضل الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله.
غزوة إبراهيم باشا
وصل إبراهيم باشا إلى الرس في 25/8/1232هـ وحاصرها حتى يوم 12/12/1232هـ «ثلاثة شهور وسبعة عشر يوماً» وضيق عليهم الخناق فثبتوا وحاربوا وأرسل إليهم عبدالله بن سعود مرابطة مع حسن بن مزروع والهزاني صاحب حريق نعام فحاصرهم الترك أشد الحصار وتابعوا الحرب عليهم في الليل والنهار وحفروا تحت الأرض خندقين أحدهما جنوبي البلدة والآخر شرقها وكانوا يحفرون ويحشونها بالبارود، وفي إحدى الليالي سمعت امرأة صوت الجنود وهم يحفرون فبلغت الشيخ قرناس بذلك فقام بفتح فتحة صغيرة على الخندق وأحضر قطا وربط في ذيله قبسا من النار وأطلقه في الفتحة إلى داخل النفق فثار البارود في الترك وقتل بعض الجنود وأكل الخيام.
وكانت الرس محصنة تحصينا جيداً وأبدى أهلها ومن بعثهم الإمام لمساعدتهم شجاعة عظيمة بقيادة البطل الشيخ قرناس وكان الباشا ومعه الروم يسوقون كل يوم من القبوس الشيء الكثير لهدم السور، فأنزل الله السكينة على أهل الرس والمرابطين حول السور وقاتلوا قتال الأبطال لحماية الأهل والعيال وصبروا، وكانوا كلما هدمت القبوس السور بالنهار بنوه بالليل وكلما حفر الترك حفرا للبارود حفر أهل الرس بما يقابله فأبطلوه وأحياناً يثور بهم بدون علمهم، وذكر أن الترك رموا سور الرس في ليلة واحدة بخمسة آلاف رمية بالمدافع والقنبر والقبس. فأهلكوا ما بداخل السور من النخيل وغيرها، ويروى بأن الباشا قال رجزا:
يا رس يا عاصي
يا قوي الساس
أقضيت ملحي ورصاصي
وكان أهل الرس كلما نزل عليهم قبسا من الترك وضعوه في أحواض الماء فأبطلوه.
ولما ضاق الأمر على أهل الرس أرسلوا إلى عبدالله بن سعود وهو في عنيزة يطلبون منه إما أن يصل ويناجز الترك وإما أن يأذن لهم بالصلح معهم فأذن لهم، ولما وصل المدد للباشا من الترك بالجنود والقبوس استعظم أمره وكثرت دولته وقع الصلح بينه وبين أهل الرس على دمائهم وأموالهم وسلاحهم وبلادهم.
ومن بنود صلح الرس ما يلي:
1- أن يرفع إبراهيم باشا الحصار عن البلدة.
2- ألا يدخل جنود الباشا الرس بعد الصلح.
3- أن تخرج الحامية السعودية بأسلحتها من الرس بأمان.
4- وأن يقف أهل الرس على الحياد حتى يتقرر مصير عنيزة حيث يوجد عبدالله بن سعود وجنوده فإن خضعت للباشا انضموا له وإلا وقفوا ضده.
وكان يقود أهل الرس في تلك الحرب أمير الرس منصور العساف الذي جرح أثناءها فتولى الإمارة من بعده علي بن إبراهيم بن سليمان بن شا رخ كما تولى قيادة الحرب الشيخ البطل قرناس بن عبدالرحمن.
وقد قُتل من أهل الرس والمرابطين في هذه الحرب سبعين رجلاً دفنوا في مقبرة الشهداء جنوب البلدة بينما قتل من الترك أكثر من ستمائة رجل.
حرب الشنانة:
والشنانة: بلدة صغيرة تقع في الجهة الغربية من الرس، وهي من القرى المهمة آنذاك في الزراعة ويدل على ذلك برجها المرتفع الذي يدل على ما بلغته البلدة من القوة والصمود في الماضي.
وقعت تلك المعركة الضارية في: 18/7/1322هـ الموافق: 27/9/1904م واشتهرت لدى الكتّاب بهذا الاسم وإن كانت لم تدر رحاها في تلك البلدة ولكن البداية كانت منها.
وملخصها: بعدما انتهت معركة البكيرية بانتصار الملك عبدالعزيز وهزيمة ابن رشيد ارتحل ابن رشيد من الخبراء إلى الشنانة واتخذها معسكرا لجنده ووصل الملك عبدالعزيز إلى الرس واتخذها مركزاً له. وبقي الفريقان في موقعهما حوالي شهرين ويحدث بينهما إطلاق نار قليل بالبنادق بين الحين والآخر.
فأرسل فهد الرشودي وهو من وجهاء بريدة إلى ابن رشيد يعرض عليه قيام هدنة بينهما لكن ابن رشيد ظن أن ذلك ضعف في جيش الملك عبدالعزيز.
وبعد أيام من رفضه الهدنة أتى إليه زعماء القبائل الذين معه وأقنعوه بالهدنة فاختار ابن رشيد الرحيل وقام بقطع نخيل الشنانة وهدم منازلها وبدأت باديته الرحيل من الشنانة قبله ولما بدأ هو وحاضرته وجيشه النظامي بالرحيل فاجأهم الملك عبدالعزيز وأتباعه بالهجوم وتقاتلوا في بداية النهار، وفي اليوم التالي رحل ابن رشيد إلى قصر ابن عقيل وأخذ يضربه بنيران المدافع ولما علم الملك عبدالعزيز بذلك انطلق مع جيشه إلى هناك ودخلوا القصر ليلاً، ولما تبين لابن رشيد عدم قدرته على المقاومة شد رحاله عنه راحلاً ثم هجم عليه الملك عبدالعزيز واشتد القتال بين الفريقين وانهزم ابن رشيد وقواته النظامية مخلفين وراءهم كمية كبيرة من المدافع والأسلحة والمؤن العسكرية وصناديق الذهب.