* القاهرة مكتب الجزيرة عاطف عوض:
يبدو أن حملة الولايات المتحدة الامريكية لكسب تأييد الرأي العام العراقي عن طريق البريد الالكتروني لم تحقق النجاح المطلوب كما كان متوقعا لها وربما يرجع هذا الى قيام الحكومة العراقية بحجب جميع الخطابات الالكترونية الواردة.
وكان الجيش الامريكي قد دأب خلال الشهر الماضي على ارسال خطابات الكترونية e-mails الى مسؤولين في الجيش والحكومة العراقية يحثهم فيها على (حماية أرواحهم وعائلاتهم) عن طريق (مساعدة المفتشين والابتعاد عن صدام حسين).
ولم تعلق الحكومة الامريكية على نتائج الحملة، لكنه وطبقا لمصادر في العراق ومصادر أخرى داخل العراقيين الذين يعيشون داخل الولايات المتحدة استطاع الوصول اليها (مايكل ديليو) المحرر السياسي في احدى مواقع الانترنت المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات، فانه عندما كانت تصل أي رسالة من هذه الرسائل الدعائية تتوقف على الفور خدمة الانترنت في جميع انحاء العراق.
وتعد هذه الرسائل التي كانت تكتب باللغة العربية وتحمل عنوان (معلومات هامة) تكنيك جديد للحرب النفسية التي يشرف عليها فريق متخصص من المخابرات المركزية الأمريكية.
وكان الجيش الأمريكي يلجأ عادة الى المنشورات أو اذاعة بيانات وتسجيلات من طائرات تحلق في اجواء الدول المستهدفة من اجل نشر هذه الرسائل التحذيرية التي تسبق الحرب عادة وهو ما حدث على سبيل المثال في حرب أفغانستان في نهاية عام 2001.
يقول ويليام نويلز كبير المحللين في موقع خاص بعالم المخابرات والأمن على الانترنت ان هذا يعد أول اعتراف رسمي باستخدام البريد الالكتروني في عمليات الحرب النفسية.. (وأشك في أنه قد تم استخدامه في السابق في بلاد تستخدم الانترنت). وأضاف انه بالرغم من قوة هذه الوسيلة الجديدة الا ان الأمر يتطلب تكرار استخدامها عدة مرات قبل توقع حدوث تأثير فعال وحتى تسبب ازعاجا للقيادة العراقية.
وحثت آخر هذه الرسائل والتي تنم ارسالها منذ عدة أسابيع تقريبا العراقيين الى عدم طاعة أي أوامر قد يتلقونها من أجل استخدام اسلحة كيمائية أو بيولوجية أو نووية وشجعتهم في المقابل على الابلاغ عن مواقع مثل هذه الأسلحة (المزعومة) امام المفتشين كي يدمروها.
يذكر ان خدمات الانترنت والبريد الالكتروني في العراق متوفرة فقط من خلال شركة اوركنت uruklink الحكومة العراقية.
ويدفع العلماء والمسؤولون الحكوميون العراقون ما يعادل 50 دولارا امريكيا سنويا للاشتراك في خدمات اوركنت وهذا يسمح لهم بالوصول الى الانترنت عن طريق اجهزة الحاسب داخل منازلهم دون أي تدخل من قبل الحكومة العراقية أو على الأقل هذا هو الوضع النظري.
اما باقي المواطنين فيستطيعون الدخول على الانترنت من خلال استخدام ما يقرب من 30 مركز انترنت عبر البلاد.
ولكن وطبقا لمصادر عاشت او لديها عائلات لا تزال تعيش بالعراق فان الوصول الى الانترنت في العراق برغم كل هذا ليس امراً صعبا، فكل ما يتطلبه الأمر خط تليفون والحصول على حساب دخول من الحكومة ومبلغ من المال نظير الاشتراك السنوي وهذا الأخير المال هو المشكلة الحقيقية في هذه الحلقة الثلاثية للدخول على الانترنت.
وبالرغم من أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة تحظر على العراقيين الحصول على حسابات بريد الكتروني من شركات امريكية الا ان العراقيين لديهم حسابات كثيرة على الهوتميل والياهوو.
وبغض النظر عن طريقة الدخول على الانترنت، فان خدمة البريد الإلكتروني لا يمكن الاعتماد عليها بصورة كبيرة في الحياة اليومية بالعراق حيث تقع هذه الخدمة كثيرا كما ان المواطنين هناك يتوقعون أن الحكومة تقوم بقراءة بعض من رسائلهم الخاصة ان لم يكن كلها.
وعندما تصل أي رسالة دعائية من الجيش الامريكي تقوم شركة اوركنت بعد 15 دقيقة بحجب الخدمة وحذف جميع محتويات صندوق الوارد بحسابات العلماء والمسؤولين الحكوميين.
ويخشى العراقيون المقيمون في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم اغلاق خدمة الانترنت في العراق، وقد ازدادت هذه المخاوف بعد ان وجدوا مشقة خاصة في الاتصال بذويهم عن طريق البريد الالكتروني في الفترة الماضية.
يقول شرار بشاشي عراقي مقيم في نيويورك انه حاول الاتصال بأخواته البنات في العراق عن طريق البريد الالكتروني، وبالرغم من انه يرسل عشرات الرسائل الا ان ما يصل في العادة لا يتعدى رسالة أو رسالتين، ولكن الأمور زادت سوءاً كما يقول شرار: تعودت عدم الاستفاضة في الحديث مع أخواتي حيث أعلم جيدا ان هناك من سيفتح رسائلي ولكنني على الأقل أعلم أنهم لا زالوا على قيد الحياة تحت الحصار حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.. اما هذا الأسبوع فلم اتلقى أي رد على رسائلي.
والذي لا يعلمه شرار ان الحكومة العراقية تقوم الآن بحجب أي رسالة الكترونية قادمة من عناوين بالولايات المتحدة الامريكية.. وقد اضطر بعض المهاجرين العراقين داخل الولايات المتحدة الى الاشتراك مع مزودي خدمات انترنت من خارج امريكا للتحايل على هذا الإجراء العراقي الوقائي.
كما تقوم الحكومة العراقية ايضا بحجب الوصول الى بعض مواقع الانترنت باستخدام برامج حاسب آلي خاصة صممتها شركة امريكية تدعى (ايت أي سيكس تكنولوجيز) 8e6 Technologies.
وقد أنكرت الشركة في عدة مناسبات أية علاقة لها بالحكومة العراقية ولكن طريقة حجب المواقع والرسائل التي تظهر عند الدخول على موقع ممنوع تشير الى شركة 8e6 Technologies.
جدير بالذكر ان الانترنت قد بدأ في الدخول بالخدمة في العراق منذ حوالي ثلاث سنوات وقبل ذلك كانت الصحف العراقية تصف الانترنت بأنه (اعلان وفاة للحضارات والثقافات والمصالح القومية والأخلاق) وصرح أحد المسؤولين لجريدة الجمهورية العراقية ذات مرة ان الولايات المتحدة تستخدم الانترنت (للسيطرة على العالم عن طريق الوصول الى الأسرة داخل منزلها).
وقد قامت الحكومة العراقية بمد شبكة من الألياف الضوئية (فيبر أوبتيك) ذات السرعة العالية حول المدن العراقية الكبيرة مثل البصرة وبغداد.
وتتكلف عملية ارسال أو استقبال رسائل الكترونية داخل احد مراكز الانترنت العراقية ما يعادل 15 سنت لكل رسالة اما الدخول على الانترنت لتصفح الويب فيكلف دولاراً واحداً، علما بأن متوسط دخل الفرد العراقي العادي حوالي 120 دولاراً شهريا.
وبالرغم من حظر استيراد اجهزة الحاسب الآلي طبقا لقرارات الامم المتحدة الا ان اجهزة الحاسب الآلي متوفرة في العراق بصورة شبه طبيعية، ويتكلف الحصول على جهاز كمبيوتر معقول حوالي 500 دولار امريكي اي ما يقرب من اجمالي رواتب أربعة أشهر كاملة.
|