* جازان- سميرة عبدالله:
من منا لا يعرف هذه الكلمات، من منا لم يعض اصابعه ندماً، من منا لم يتمن إعادة الوقت كله أو بعض السويعات؟ إنها الحياة إنها الوقائع أو قد يكون التتابع السريع للأحداث، احتقان الدماء ووصولها لدرجة الغليان، التسارع العجيب لخروج الكلمات.. تبث بها الظروف فتصبح كلها عاصفة.. يشتعل فتيل القنبلة.. تنفجر يصبح من السهل أخذ أفضل القرارات الخاطئة وننفث السموم في وجه من نحب ومن نكره وينتهي المشهد ليبدأ المشهد الثاني من مسلسل الندم وذلك بظهور أبطال المشهد السابق كل على حدة كل منهم في محاكمة صارمة لذاته.
ولمعرفة تأثير الغضب وسرعة التصرف في حياتنا كان لنا بعض اللقاءات عن أثر الموقف في حياة بعض من سألنا والتي اختتمناها برأي ديني..
ندمي بعمر ولدي
تحدثت المعلمة«فاطمة علي» وهي حاليا مطلقة ولديها ولد في السابعة من عمره بدأت حديثها مترددة بعض الشيء يعكر ملامح وجهها الحزن.. حيث قالت إن الأخطاء والعواقب كانت الوسيلة الوحيدة التي اتخذتها لهدم حياتي ولي مع الندم عشرة طويلة فهي بالضبط بعمر ولدي وبتحديد بعد شهرين من ولادته وذلك لسبب تافه جداً تفجرت وثرت على زوجي كالبركان واتهامي إياه بعدم الرجولة والأنانية.. فاستحققت الطلاق مع مرتبة الشرف..
وها أنا أحصد ثمار جهدي بالندم والحسرة ولكن هل تفيدني نفسي وما وسيلتي لمعاقبتها..
طعنت أختى:
وعند سؤال منال إبراهيم عن قطار الغضب ومحطات الندم في حياتها أجابت بأنها معاناة لا تنتهي فأنا يتيمة الأب والأم توفيت أمي بعد ولادتي بدقائق قليلة وتوفي والدي بعدها بعدة أشهر ومن هنا بدأت حياتي ولا أعلم أهي بدأت أم انتهت وقامت بتربيتي أختي الكبيرة والله يشهد لقد قاربت أن تكون أحن من أمي وربما فاقتها فقد غطتني بحنانها وأغرقتني بعطفها ورقتها ولم أستطع أن أرد جميلها، فقد غرست خنجري المسموم في قلب «أمي» وتتلعثم وتقول«عفواً أختي» وقلت لها أنت لست أمي وهي أكثر من ذلك وخسرت ساعتها كل شيء جميل في حياتي فقد قاطعتني ولم تعد تعاملني بنفس المعاملة السابقة ولا ألومها في ذلك ولكنني أتجرع مرارة الندم كل يوم من أيام هذه القطيعة متمنية من الله أن يعجل بإفراج هذه الضيقة.
أما السيدة آمنة سلطان فكانت لها قصة مع الغضب وسوء التصرف قالت فيها: تزوجت منذ 14 سنة قضيت منها 3 سنوات في القفص الذهبي مع زوج طيب حتى ظننت أن سعادتي لا يمكن ان تنتهي وبعد هذه السنوات الثلاث فوجئت بزوجي يتعاطى المخدرات فكانت الصدمة القاضية لي فاتجهت إلى بيت أهلي أريد حلاً وأنا مازلت لا أفهم معنى المسؤولية بحق وللأسف كان الحل لديهم هو الفراق، وهذه غلطتي أنا لأنني لم أفكر بإصلاح أمري أبداً فطالبه أهلي بالطلاق فرفض واستمر الوضع كما هو وأنا مقيمة عند أهلي لمدة خمسة أشهر إلى ان رزقه الله ببنت الحلال فكانت ليلة دخولها في حياته ليلة خروجي منها فقد ارسل ورقة الطلاق في نفس الوقت، فقد كانت زوجته أفضل مني لأنها حاولت أن تغيره وصبرت وكسبت نعم الرجل الذي اصبح اليوم وكل فتاة تتمناه..
نار التفرقة
وتدلي نوال أحمد بحديث معاناتها مع الغضب فتقول دائماً أشعر بالتفرقة في منزلنا فمنا من يلاقي العناية والحنان، ومنا من يلاقي الذل والهوان فأنا لي أخت واحدة فقط وهي الصغرى والمفضلة في المنزل في كل شيء حتى في الأكل وشربة الماء وفي الكلام وقد نبع في قلبي ينبوع وليس ينبوع الاخوة والمحبة وإنما ينبوع الحقد والكراهية ووصل إلى العدوانية..
وتتلعثم الأخت في حديثها وتتساقط دموعها حسرة على نفسها التي تحاسبها كل يوم على ما فعلته بها وحولتها من زهرة ندية إلى زهرة ذابلة حتى ولو تساقط عليها الندى لا يزهيها.. وتقول لقد قضيت على نفسي وحطمتها وجعلتها عبرة لمن اعتبر فأنا أشعلت النار في ثيابي وأصابت بعضا من جسدي بجروح دامت طويلا وشفيت وبقيت آثارها جروحا في قلبي لن تختفي أبدا إلا إذا اختفيت من الحياة..
الشيخ زيد مدخلي الداعية الإسلامي المعروف.. أرشد الفتيات برأي قال فيه: إذا ضاقت الأمور وترادفت الضوائق وتعقدت الحبال فالصبر هو الذي ينير للمسلم الطريق بما فيه من المصائب والأحزان وهو يقضي على كل ضائقة وهو فضيلة يحتاج إليها المسلم في دينه ودنياه وقد اخبرنا الله عز وجل بأن المحن ابتلاء وامتحان لقوله تعالى{وّلّنّبًلٍوّنَّكٍمً حّتَّى" نّعًلّمّ المٍجّاهٌدٌينّ مٌنكٍمً وّالصَّابٌرٌينّ وّنّّبًلٍوّ أّخًبّارّكٍمً} وقوله تعالى{وّإن تّصًبٌرٍوا وّتّتَّقٍوا فّإنَّ ذّلٌكّ مٌنً عّزًمٌ الأٍمٍورٌ}.
فلابد أن يقيد الإنسان نفسه بالصبر ليستطيع أن يتغلب على أمور الحياة وألا يتسرع في الغضب ويتخذ القرارات التي تعود عليه بالندم والحسرة.. وقد أباح لنا ديننا التسرع في بعض الأمور وحثنا على ذلك وهو التسرع المحمود دون ترتيب مثل التسابق إلى فعل الخير أو التسابق إلى الصلاة والصدقة وزيارة المريض وغيرها من الأمور ونهانا عن بعض التسرعات المنبوذة مثل التسرع في ضرب اليمين أو الطلاق أوالظن أو قطيعة الأرحام مما يعود على صاحبها بالندم والخسران في الدنيا والآخرة.
فيجب على كل مسلم ومسلمة كظم الغيظ وتلافي الأسباب أو تجاهلها وقد بشر الله عز وجل المؤمنين الصابرين بالجنة حيث قال:{وّسّارٌعٍوا إلّى" مّغًفٌرّةُ مٌَن رَّبٌَكٍمً وّجّنَّةُ عّرًضٍهّا السَّمّوّاتٍ وّالأّرًضٍ أٍعٌدَّتً لٌلًمٍتَّقٌينّ الذٌينّ يٍنفٌقٍونّ فٌي السَّرَّاءٌ وّالضَّرَّاءٌ وّالًكّاظٌمٌينّ الغّيًظّ وّالًعّافٌينّ عّنٌ انَّاسٌ وّاللَهٍ يٍحٌبٍَ المٍحًسٌنٌينّ}، فيجب على المؤمن التريث في الأمور وعدم اتباع الغضب والتسرع فيه لأن معظمه لا
|