قال الله تعالى: {إنَّ فٌي خّلًقٌ السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّاخًتٌلافٌ اللَّيًلٌ وّالنَّهّارٌ لآيّاتُ لأٍوًلٌي الأّلًبّابٌ} يقول ابن كثير في تفسيره هذه الآية: {لآيّاتُ لأٍوًلٌي الأّلًبّابٌ} اي العقول التامة الذكية التي تدرك الاشياء بحقائقها على جلياتها وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون، الذين قال الله فيهم: {وّكّأّيٌَن مٌَنً آيّةُ فٌي السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ يّمٍرٍَونّ عّلّيًهّا وّهٍمً عّنًهّا مٍعًرٌضٍونّ } .
فحري بالمسلم ان يراجع وظائف عقله، وينظر مكانه من اولي الالباب الذين تنفع فيهم الآيات، هل هو منهم، ام من الذين اجّروا عقولهم، حتى صارت ناقصة غبية، فصاروا يمرون على الآيات وتمر بهم وهم عنها في إعراض كالصم البكم الذين لا يعقلون.
ونحن في هذه الايام ودعنا عاما واستقبلنا عاما آخر، وهذه سنة من السنن الثابتة في هذه الحياة، اعوام تمضي، وازمنة تنقضي، وفي ذلك آيات لاولي الالباب، الذين يعتبرون بمرور الايام، ويتعظون بتعاقب الاعوام، فينشطون في العبادة، ويكثرون من الطاعة، ويبتعدون عن المعصية.
وسبحان القائل:{وّهٍوّ الذٌي جّعّلّ اللَّيًلّ وّالنَّهّارّ خٌلًفّةْ لٌَمّنً أّرّادّ أّن يّذَّكَّرّ أّوً أّرّادّ شٍكٍورْا }، فالعاقل يتدارك نفسه بحفظ اوقاته، وبالعمل على استثمار لحظاته، لان عمره مهما طال فانه قليل، واجله مهما بعد فانه قريب، سئل نوح - عليه السلام - وقد لبث في قومه داعيا الى الله تعالى الف سنة الا خمسين عاما، فقيل له: كيف رأيت هذه الدنيا؟ قال: كداخل من باب وخارج من آخر! اكثر من تسعمائة وخمسين سنة، وكأنه داخل من باب وخارج من آخر! فكيف بنا واعمارنا بين الستين والسبعين! نحن لسنا كنوح - عليه السلام - نحيا مئات السنين، انما المعمر فينا من يبلغ مائة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم «اعمار امتي» - يعني نحن وامثالنا «ما بين الستين والسبعين واقلهم من يجوز ذلك». يعني
|