ربما يكون أنسب تعبير يمكن إطلاقه على عصرنا الراهن هو زمن انقلاب المفاهيم، حتى يبدو لك أن اليمين هو اليسار، والغرب هو الشرق، والاسود هو الابيض، وينطبق ذلك على كل مجالات الحياة، كبيرها وصغيرها، عظيمها ومستصغرها، ولا عجب في ذلك كون العقول قد قلبت، والافئدة قد تغيرت.
وبالطبع لا يمكن لي الخوض في كل مجالات الانعكاس الحاصلة، وانما ما اردت الوصول اليه هو اشياء محدودة في تعاملنا، فمهما بلغت الامور، لا يجوز ان نجعلها تسيطر حتى على سلوكنا وتصرفنا وعاداتنا وتقاليدنا بحيث نتصرف بشكل يتنافى مع جوهرنا، واذا لم ننسب الامر لانفسنا وجب ان نقول كي لا يتنافى الامر مع مبادئ ديننا الحنيف واخلاقنا الفاضلة.
فكم من دعوة نسمعها في الليل والنهار لوليمة او حفل او مناسبة، وكم يرد منها وكم منها يستجاب، وفي كل مرة يكون الفضل لمن يلبي الدعوة وليس الداعي، والعكس هو المفترض ان يحصل، ولكنها الحياة التي جعلت النفوس تتغير.
في قضية الدين والاقتراض - وهو كرم ولطف من الدائن، او المقرض قبل كل شيء - ولكننا على الدوام نسمع قصصاً من صعوبة تحصيل الدين او القرض والمماطلة فيه، وعند تسديده او حتى تسديد جزء منه نجد ان الجميع ينظرون لمن سدد الدين - بعد طول الوقت - وكأنه بطل ومحترم وانسان نبيل والحقيقة هي شكر الدائن والمقرض الذي اعطى ثم انتظر حتى حصل على دينه او قرضه، اوبعضه.
الاتصال بين البشر صار عادة وليس عبادة وفي هذا كل الخطورة على الحياة الاجتماعية والبنيان السليم للاسرة والاضرار والخطورة لا يسلم منها احد، ولعله من الجائز، القول انه علينا تدارك الامر قبل فوات الاوان والا صرنا الى ما صار اليه غيرنا والله المستعان.
|