* جدة خالد باطرفي:
اختتمت يوم أمس الأول الدورة التوجيهية الأولى التي نظمها فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة لمنسوبيه في محافظة جدة.
وكان قد افتتح الدورة التي استمرت خمسة أيام معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم بن عبدالله الغيث وذلك بمقر قاعة المحاضرات بالمعهد العلمي بجدة، وذلك بلقاء الأعضاء الميدانيين من منسوبي الهيئة.
وقد بدأ اللقاء بكلمة توجيهية لمعالي الرئيس العام شكر فيها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير المنطقة وسمو محافظ محافظة جدة ووكيل إمارة المنطقة تعاونهم مع هذا الجهاز، كما وجه شكره إلى فضيلة مدير عام الفرع الشيخ جابر الحكمي على إشرافه المباشر على هذه الدورة التوجيهية ولفضيلة رئيس هيئة محافظة جدة الشيخ علي آل حيان لسعيه الحثيث للتنسيق مع المحاضرين من المشايخ والمسؤولين لإنجاح هذه الدورة.
كما شكر جميع الحاضرين والمساهمين والداعمين لهذه الدورة من إدارة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومدير المعهد العلمي بجدة الذي تقام الدورة بمقره.
ثم بدأ معاليه لقاءه المفتوح مع الأعضاء الملتحقين بالدورة بكلمة أوضح فيها الأهمية الكبرى للتحديث والتطوير والإبداع والابتكار من قبل جميع العاملين بهذا الجهاز الحيوي الهام والذي يقيم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي هي صمام أمان المجتمع، وقال إن هذا التطوير مطلب ملح من شأنه ان يرفع مستوى الأداء لجميع العاملين في الجانب الإداري والميداني بما يحقق مصلحة عامة أفراد المجتمع والقطاعات العاملة فيه.
وأكد معاليه على أهمية الجانب الإعلامي لما له من دور في التعريف بالجهاز ومناشطه المختلفة وابراز هذه الشعيرة العظيمة وأهمية اقامتها في المجتمع علاوة على ايضاح الحقائق وتنفيذها وكشف الشبهات والأباطيل التي قد يروجها البعض للنيل من هذا الجهاز والعاملين فيه، أو الاساءة لهذه الشعيرة العظيمة بأي شكل من الأشكال، مؤكداً على ضرورة الاستفادة من مختلف وسائل الإعلام والاتصال لتحقيق ما سبق الإشارة إليه، كما نوه على أهمية الجانب الإعلامي والاستفادة من كل جديد من وسائله المتاحة.
بعد ذلك أوضح معاليه حاجة الرئاسة العامة للهيئة إلى التجديد والتطوير والابتكار والإبداع في أعمالها ومناشطها والوسائل المستخدمة بما يخدم هذا الجهاز في عمله المبارك.
بعد ذلك توجه معالي الشيخ إبراهيم الغيث بحديثه إلى أعضاء الهيئة موصياً الجميع بضرورة التخلق بأخلاق المحتسب من اخلاص النية لله عز وجل في جميع أعماله وتصرفاته وتجديد النية باستمرار وجعل الاخلاص نصب أعينهم دائماً وأبداً لقوله تعالى: {وّمّا أٍمٌرٍوا إلاَّ لٌيّعًبٍدٍوا اللهّ مٍخًلٌصٌينّ لّهٍ الدَينّ حٍنّفّاءّ}، ويقول صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى»، مشيراً إلى أهمية الرفق واللين وفق الضوابط الشرعية والنظر في المصالح والمفاسد واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم «ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع الرفق من شيء إلا شانه» أو كما قال عليه السلام وقول عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله يحب الرفق في الأمر كله» وغيرها من الأدلة الشرعية الأخرى في هذا الجانب من الكتاب والسنة المطهرة.
وأوصى معاليه جميع منسوبي الهيئة بالرفق لتلافي الضرر، وأوصى المسؤولين من رؤساء مراكز ورؤساء هيئات ومديري فروع ان يكونوا عوناً لزملائهم والعاملين معهم وتحت إدارتهم من أعضاء الهيئة في تحقيق هذا الخلق الفاضل النبيل في واقع حياتهم وممارساتهم وان يكونوا مساعدين لهم في ذلك، خاصة وان المحتسب يحمل شيئاً من صفات القاضي وله نصيب من ذلك موضحا بأن المحتسب يجري حكماً كما ان القاضي يجري حكما إلا ان المحتسب يُجري حكماً فورياً على خلاف القاضي والدليل قيامه أي المحتسب بالقبض على ذلك الشخص أو غيره بحد ذاته يعد تعزيراً، ولذلك فإن المحتسب أحوج ما يكون إلى الرفق واللين والحكمة والتي هي وضع الشيء في موضعه، قال تعالى: {يٍؤًتٌي الحٌكًمّةّ مّن يّشّاءٍ وّمّن يٍؤًتّ الحٌكًمّةّ فّقّدً أٍوتٌيّ خّيًرْا كّثٌيرْا}.
ودعا معاليه إلى تقبل النصح والتوجيه من الجميع لأن هذا من حسن الخلق وكذلك من الحكمة، مشيراً معاليه إلى أهمية التحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة الأخرى واستشهد بقصة الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم لأصحابه «يدخل عليكم رجل من أهل الجنة» قالها ثلاث ليال وكان يدخل عليهم نفس الصحابي، فذهب إليه أحد الصحابة وبات معه ثلاث ليال حتى يعلم سبب مقولة النبي صلى الله عليه وسلم عنه ثم لم يجد عليه ما يزيد عنهم من طاعات أو عبادات صارمة فأجابه ذلك الصحابي بشيء يفعله كل ليلة حيث قال: إني أُصبح وأُمسي وليس في قلبي حقدٌ على مسلم، فقال له الصحابي الذي بات معه: هذه سبقتنا بها ونعجزُ عنها»، ثم أكد معاليه ثانية على ضرورة ضبط النفس وتزكيتها أخذاً بهذا الحديث وغيره مما سبق وان على المحتسب ألا يغضب لنفسه أبداً بل يكون غضبه لدين الله وعند انتهاك محارم الله.
كما وجه معاليه حفظه الله العاملين بجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوصايا عدة أولها: البعد عن اليأس والقنوط والاحباط فهذه الصفات ليست من صفات المسلم على وجه العموم فضلاً من ان تكون صفة من صفات رجل الحسبة الذي ينبغي عليه ان يكون متفائلاً، ويتأتى له ذلك من الاكثار من ذكر الله تبارك وتعالى لأن في الذكر راحة للنفوس وطمأنينة لها وفيه كذلك نُصرة من الله للذاكر وتبصرة له.
وثانيها: الحفاظ على أركان الإسلام وأخصها الصلاة التي هي الركن الثاني بعد الشهادتين، وهي عمود الدين لقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»، مؤكداً ان المحافظة على الصلاة تكون بأدائها في أوقاتها المحددة شرعاً مع جماعة المسلمين في بيوت الله خاصة صلاة الفجر التي يعجز ويكسل عنها البعض من المسلمين ورجال الحسبة لابد ان يكونوا قدوة للناس في ذلك بالمحافظة عليها والصلوات المفروضة الأخرى، وهم إن شاء الله كذلك، وتكون كذلك بإقامتها على وجهها الذي شرعه الله وبيّنه رسوله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً لأن الله عز وجل قال: {وّأّّقٌيمٍوا الصَّلاةّ} وامتدح المؤمنين بقوله: {الذٌينّ يٍقٌيمٍونّ الصَّلاةّ وّيٍؤًتٍونّ الزَّكّاةّ }.كما أوصى معاليه رجال الحسبة بالتثبت وعدم الاستعجال في الأمور والتريث قدر الإمكان وبما يناسب المقام، فذلك أمر هام ومطلوب، كما انه على المحتسب ان يقصد من قبضه على المتهم الإصلاح وليس العقاب، وطالب ان تتم معاملة المقبوض عليهم معاملة حسنة، مع الحرص على مناصحته وإرشاده وتوجيهه وايضاح الخطأ الذي وقع فيه والزلة التي ارتكبها والبيان له بأن باب التوبة مفتوح وان الله يقبل التائب مهما غطت زلته وكبر خطيئته، لعل ذلك ان يكون نافعاً له وسبباً في توبته وأوبته ورجوعه إلى مولاه جل وعلا.ثم تطرق معالي الرئيس العام إلى نظام الإجراءات الجزائية الذي تم اقراره مؤخراً وأشار إلى مزاياه وتوافقه مع النسبة الغالبة من الأنظمة واللوائح والتعليمات التي تنظم عمل الهيئة.
وأكد معاليه على أهمية محافظة جدة واتساعها مما يستوجب بذل المزيد من الجهد والعمل الدؤوب والدقة والحكمة والالتزام في ذلك بالطرق الشرعية واللوائح والأنظمة والتعليمات وكذلك الاحتساب. ووجه معاليه إلى ضرورة التفقه في الدين وخاصة في مجال الحسبة.. كما تحدث معاليه عن نظام الهيئة ولوائحه.
|