* واشنطن - براد كينكربوكر(*):
من المرجح أن تشهد الأيام الأولى للحرب ضد العراق أسلحة وتكتيكات جديدة مثل صواريخ كروز اكثر دقة، طائرات بدون طيار، و«قنابل تعتيم» تطلق رذاذا من الشعيرات الكاربونية تقطع خطوط الكهرباء، دفعات كهرومغناطيسية قوية - قنابل الكترونية- تعطل أجهزة الحاسوب ومجموعة دوائر الاتصال وأجهزة المايكرويف.
الغاية هي إعاقة قدرة العراق على المقاومة وذلك عن طريق إغلاق الأنظمة الإلكترونية الحيوية لا سيما تلك الموجودة في مخابئ أرضية محكمة.
وقد تكشف الأسلحةالجديدة أيضا متى قام صدام حسين بإخفاء أسلحة بيولوجية أو كيماوية طالما كانت هذه الأسلحة ستتلف في حال تعطل وحدات التبريد.
في الواقع ربما تكون الحرب مع العراق أكبر اختبار حتى الآن لمدى تأثير العديد من أسلحة الجيش الأمريكي الجديدة المبهرة للمرة الأولى منذ غزو بنما في عام 1989.
قد تجد الولايات المتحدة نفسها في حرب مدن كبيرة من ثم سوف تكون التكتيكات والتقنية التي تقوم باستخدامها أمرا حاسما في تحديد مستوى الخسائرالبشرية وربما أمد الحرب نفسها.
على سبيل المثال قد يكون أحد أنواع الأسلحة التي يمكن استخدامها هي أدوات السيطرة على القلاقل وتشتمل على مواد كيماوية غير قاتلة مثل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل- لإخراج مقاتلي العدو أو إخماد ثورات أسرى الحرب .
لن يفصح مسؤولو الجيش الأمريكي بالكثير عن هذا الأمر مؤخرا قال القائد العسكري تومي فرانكس قائد عموم القوات الأمريكية في منطقة الخليج يوجد بالقطع إمكانية لاستخدام أسلحة غير قاتلة تحت بعض الظروف، وأضاف ستكون الإلكترونيات الهجومية أحد الأمثلة ومضى هانكس قائلا: إن تفاصيل تلك الظروف لن تكون بالشيء الذي نرغب في الحديث عنه بشكل علني.
ظل آخرون يتحدثون عن مزايا ومخاطر مثل هذه الأسلحة لعقدين من الزمان غير أن تطويرها ظل مستمرا لمدة تقارب تلك الفترة، جرى بالفعل اختبار بعض هذه الأسلحة في ميادين القتال.
يقول دان سميث العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي: في كوسوفو وعلى خلاف حرب الخليج الأولى قمنا بإسقاط شعيرات كاربونية قامت بتعطيل المحطات الكهربائية لما بين 4-6 ساعات وذلك بدلا من قصف هذه المحطات.
وأضاف العقيد سميث ذلك هو الجانب الإيجابي للأمر الجانب السلبي هو أنه ما لم يتم التقاط هذه الشعيرات حال وصولها للأرض فقد يمكن للرياح أن تلتقطها وتقوم بإعادتها للأسلاك معيدة تكوين دوائر قصيرة.
ويحذر خبراء آخرون من أن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تكون قاتلة في الحقيقة تقول لورين ثومبسون من معهد لكسينغتون في ارلينغتون بولاية فيرجينيا التي أكملت مؤخرا دراسة حول أسلحة الطاقة الموجهة يتوجب ملاحظة أن عدم الخطورة هو أمل أكثر منه نتيجة مؤكدة وتضيف قد يقتل بعض الناس بسبب مباشر أو غير مباشر للأسلحة (غير القاتلة).
الأكثر إثارة للجدل سيكون استخدام كيماويات مصممة لهزيمة جنود العدو دون قتلهم -بصفة خاصة في ما يسمي بالعمليات الحربية في المناطق المدنية. حيث يمكن للمدنيين الأبرياء أن يقعوا في نطاق تبادل إطلاق النار أو أن يستخدموا كدروع بشرية.
تسمح الاتفاقية الدولية الخاصة بالأسلحة الكيماوية لقوات الشرطة ولكن ليس للوحدات العسكرية باستخدام مثل هذه الأسلحة، غير أن الاستخدام العسكري في حالات تبدو أقرب لتطبيق القانون أمر مبهم وغير واضح في القانون الدولي كما يقول المسؤولون الأمريكيون، وجرى استخدام الغاز المسيل للدموع ضد الحشود الصربية المعادية في البوسنة.
ذكرت التقارير أن وحدات سلاح البحرية في منطقةالخليج تملك في ترسانتها الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل.
وتقول بربارا هاتش روزنبيرغ وهي عالمة أحياء جزيئية في جامعة نيويورك للدولة، تترأس مجموعة العمل الخاصة بالأسلحة البيولوجية والكيماوية في اتحاد العلماءالأمريكيين تقول: اتفاقية الأسلحة الكيماوية تحظر بشكل واضح استخدام وسائل السيطرة على الاضطرابات في الحرب.
تقول الدكتورة روزنبيرغ: للولايات المتحدة تاريخ من استخدام الأسلحة غيرالقاتلة لزيادة فاعلية الأسلحة الأخرى القاتلة جرى في فيتنام استخدام الغاز المسيل للدموع بصورة مكثفة لإجبار المقاتلين المتوارين على الخروج حتي يمكن قتلهم.
حتى إذا لم يحدث ذلك في العراق فإن واحدة من الأمور المجهولة العديدة التي يكررها الوزير رامسفيلد هي الأمد، الضراوة، وإمكانية الأضرار المصاحبة (بما فيها الخسائر البشرية المدنية) في حرب المدن - حتى وإن أطلق عليها اسم أسلحة غير قاتلة- وهي تعتبر عناصر رئيسية يقول مايك اوهانلون المحلل العسكري في معهد بروكينز في واشنطن لا أعتقد بأننا نملك أي شيء يجعل من حرب المدن أمرا سهلا سواء أكانت المعدات العسكرية غير القاتلة تمثل أسلحة حماية جماعية كما يقول بعض المدافعين عنها أو خطوة خطرة محتملة في عالم جديد ومظلم في القتال فإن ذلك أمر يتعين علينا أن ننتظر تبيانه.
تقول الدكتورة روزنبيرغ: أشك في أن العلماء المستقبليين سينظرون لمفهوم الحرب غير القاتلة باعتباره أمرا وثيق الصلة برقمية الحرب. وتضيف: بينما تصبح القوات العسكرية معتمدة أكثر فأكثر على المحسسات الإلكترونية، أجهزة الاتصالات والملاحة للنجاح في ميدان القتال فإن إمكانية تحقيق النصر من خلال إنكار سبل الوصول للطيف الكهرومغناطيسي يصبح جذابا بشكل متزايد، حيث إن معظم التقنية في هذا المجال متوفرة جدا، فمن الممكن أيضا أن يتعين على الولايات المتحدة نفسها مواجهة التشويش على وسائل الاتصالات، فيروسات الحاسبات الإلكترونية ونبضات مايكرويف في مرحلة ما.
تقول ثومبسون قد يكون هذا أسلوبا أكثر تمييزا وإنسانيا لشن حرب.وتضيف غير أنه يبرز أيضا نقاط ضعف جديدة بدأ المخططون الأمريكيون بالكاد النظر فيها.
(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب«الجزيرة»
|