* جدة - خالد الفاضلي:
استقبلت السعودية عام 1359 أول بعثة فنية لاجراء مسح شامل لمصادر المياه أتت من الولايات المتحدة الأمريكية واستمر شأن المياه غير مستقل إداريا الى حين إنشاء وزارة الزراعة والمياه عام 1373ه ثم وجّه الملك عبدالعزيز رحمه الله باستيراد جهازي تكثيف وتقطير لمياه البحر (نواة تحلية مياه البحر المالحة) في العام 1385ه وعندها أنشئ مكتب خاص بتحلية المياه تمخض عن إنشاء مؤسسة عامة لتحلية المياه المالحة بمرسوم ملكي في عام 1394ه ذات شخصية اعتبارية لمؤازرة المصادر الطبيعية في مناطق المملكة ومدنها المختلفة الشحيحة المصادر ودعمها.
بدأ مشروع تحلية المياه بارساء القواعد الأساسية ووضع البنى التحتية وإقامة مشاريع لتحلية المياه وشبكات نقلها الى المناطق الداخلية فوصل تعدادها الى (25) محطة، تبلغ طاقتها الانتاجية المصدرة قبل المرحلة الثانية من مشروع الشعيبة (يوم الثلاثاء القادم) قرابة مليوني متر مكعب في اليوم إضافة الى (2700) ميجاواط من الطاقة الكهربائية، وباكتمال المشاريع الجاري تنفيذها سترتفع الطاقات التصديرية اليومية الى ما يقارب ثلاثة ملايين متر مكعب من المياه و(3400) ميجاواط كهرباء، وتثبت التجربة السعودية ان تحلية المياه المالحة من أهم الخيارات المتاحة لايجاد مصادر إضافية للمياه، يمكن الاعتماد عليها لضمان تلبية الاحتياجات السكانية، كما سعت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة لتوطين هذه الصناعة في الكثير من مقوماتها واستطاعت ايصال خدمات المؤسسة الى أكثر من أربعين مدينة وقرية وارتفاع طاقتها الانتاجية، إضافة الى تولي المؤسسة التشغيل الذاتي لجميع مشاريعها.
ميناء الشعيبة
كانت الشعيبة ميناء رئيسياً للجزيرة العربية قبيل العصر الإسلامي الى حين قيام الخليفة عثمان بن عفان عام 26هـ/ 616م بتأسيس ميناء جدة الحالي لاستقبال قوافل الحجيج، ثم لبست الشعيبة مؤخراً حلة المياه المحلاة وتوليد الطاقة رغم انها نامت مئات السنين بجوار البحر على بعد 110 كيلومترات جنوب جدة شبه منسية الى ان امتدت لها أيادي التنمية السعودية مراراً عدة كان أجملها عندما وضع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عام 1997م حجر أساس لمشروع توسعة المرحلة الثانية بهدف استدرار 25 معمل تحلية لجلب 100 مليون جالون من صدر البحر الأحمر يوميا.
ويأتي اليوم الثلاثاء الموافق 15 محرم الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الى الشعيبة للمرة الثانية من أجل اثبات أن حجر التأسيس الذي وضعه قبل خمس سنوات تحول الى ماء يذهب منه 40 مليون جالون الى مكة والطائف يوميا، بينما جدة تمتص 60 مليون جالون تغسل بها أفئدة سكانها وأشجارها يوميا، ويدرك الانسان والمكان ان نقل قطعة من البحر الأحمر المالح الاجاج وتحويلها الى ماء عذب ينساب خلال أنهر من حديد تتسلق الجبال صعداً يحتاج لمنظومة من البشر والآلات محاطة بفكر مؤسسي يضمن استمرارية العمل وكأنه من نواميس الطبيعة.
استنبتت الدولة على سطح البحر 5500 مليون ريال وأكثر من أجل نحر العطش تحت أقدام 4 ملايين مواطن ومقيم يعيشون بين قمة هضبة الطائف وساحل جدة، ومن أجل سقيا ملايين الحجاج والمعتمرين المنشغلين بعبادتهم سنويا تكريماً دون المرور بمآزق شح ماء كان يجفف حلوق أسلافهم وربما تسبب في وفاة بعضهم عطشا، كما انها شقت كبد الصحراء ومزقت أحشاءها بثلاثة أنهر من حديد، ينغرس أولها في جسدها مسافة 122 كيلومتر من الشعيبة حتى تستقبله خزانات مياه في جدة، وكذلك نهر آخر يأمم وجهه نحو البيت الحرام، ليس ببعيد عن نهر ثالث يتسلق الجبال بشقاوة ومهارة يتلمس قمم جبال الطائف وكأنه يتحدث عن هجرة معاكسة للماء من البحر الى الجبل.
بيان يوضح تفاصيل المرحلة الأولى:
- المرحلة الأولى بدء التشغيل والانتاج عام 1409هـ.
- عملية التحلية المستخدمة: تبخير وميضي.
- التصدير التصميمي من المياه للجهات المستفيدة: 780 ،191 متر يوميا.
- القدرة التصديرية من الكهرباء: (157) ميجاوات.
- المدن المستفيدة: مكة المكرمة والطائف.
|