Thursday 13th march,2003 11123العدد الخميس 10 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رئيس التحرير في محاضرة عن «الصحافة اليومية في المملكة: الواقع والطموح» بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة رئيس التحرير في محاضرة عن «الصحافة اليومية في المملكة: الواقع والطموح» بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة
خالد المالك: متى سنعثر على المفاتيح المفقودة لتعزيز مكانة الصحافة اليومية في بلادنا بأكثر مما هي عليه الآن؟
العمل الصحفي يقوم على التجديد ويعتمد على الابتكار
لدينا نماذج مشرفة من الاقلام النسائية وهي بكل المقاييس ثروة يجب استثمارها

  الرياض - علي سعد القحطاني/تصوير -حسين حمدي :
أقامت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض لقاءها الشهري العاشر بعنوان «الصحافة اليومية في المملكة: الواقع والطموح» وذلك مساء يوم الثلاثاء 8 محرم 1424هـ الموافق 11 مارس 2003م بقاعة المحاضرات بالمكتبة الرئيسية وذلك ضمن نشاطها الثقافي لهذا العام 1424هـ وكان ضيف اللقاء سعادة الاستاذ خالد بن حمد المالك رئيس التحرير وأدار هذا اللقاء سعادة الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر الذي رحب في البدء بالضيف والحضور وبين أن اللقاء الشهري .. نشاط منبري ثقافي تحرص مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من خلاله على توثيق العلاقة فيما بينها وبين المتلقي ويرتبط بزمن محدد كما يرتبط بعدد من الجلسات، وطرح الأفكار والمحاور لموضوع واحد ينطلق من رؤى معاصرة لبحث القضايا المستجدة على الساحة المحلية من خلال نقاش غير رسمي يحضره ويتفاعل معه صفوة من الأكاديميين والمثقفين والأدباء الذين يدركون ما تحتاجه إليه الحركة الثقافية والفكرية في بلادنا من آراء وتوصيات تعود فوائدها على المهتمين والمتخصصين وصناع القرار.
وقد ألقى سعادة الاستاذ خالد المالك الضوء على الاطار المؤسسي للصحافة السعودية بوجه عام وموقع الصحافة اليومية داخل هذا الاطار وابراز السمات العامة للصحافة اليومية وأنظمتها وأجهزتها ومدى تعبيرها عن الخطاب الوطني خاصة والخطاب العربي بوجه عام وكذلك ابراز النشاط الصحفي للمرأة السعودية وحجم هذا الدور ثم استشرف آفاق المستقبل للصحافة اليومية في مواجهة التحديات.
هذا ما جاء في نص ورقته التي ألقاها عن الصحافة اليومية في المملكة: الواقع والطموح وقال:
ما جئت هذا المساء لألقي على مسامعكم دروساً في الصحافة..
أو لأسمعكم ما لا تعرفونه عنها..
وإنما جئت لأتعلم منكم ما فاتني أن أعرفه وأتعلمه وأفهمه عن الصحافة على مدى أعوام أمضيتها من أحلى سنوات عمري قريباً منها..
أقول - صادقاً - بأني ما جئت إلى هنا إلا لأستزيد من علمكم وأستفيد من آرائكم، بما آمل أن يساعدني ويساعد الزملاء في صحيفة الجزيرة والصحف اليومية الشقيقة في الارتقاء بصحافتنا إلى المستوى الذي يرضيكم ويستجيب لتطلعاتكم..
***
أعود ثانية، إلى التأكيد على أن الهدف الذي قصدته في هذا اللقاء، إنما يتمثل في رغبتي بأن أسمع منكم من الآراء ما يفضي بزملائى وبي إلى الأخذ بها، على أمل الاحتفاء ذات يوم بمولد نماذج لصحافة سعودية تتفق مع طروحاتنا ووجهات نظرنا وتتوافق مع آمال كل منا..
فقد طال بنا هذا الانتظار، مع ما صاحبه من تراجع مخيف في بعض المؤسسات الصحفية مالياً وإدارياً وتحريرياً وتسويقياً، مما أثار ويثير خوف المحبين على ما يخفيه المستقبل القريب، رغم كل المهدئات والمسكنات المؤقتة التي وظفت لمعالجة أوضاعها الصعبة..
***
أعلم أن ما نتمناه من نجاح حقيقي لصحافتنا حلم جميل..
وأننا سنكون سعداء بمثل هذا المشروع الصحفي الناجح..
وأنه هاجس يومض مع كل قراءة لنا لأي من صحفنا..
وأمل يتردد على أسماعنا صباح مساء بمضامينه الداعية إلى مزيد من الخطوات التصحيحية منذ عقود من السنين..
ضمن حماسنا لتقديم صحافة تليق بمستوى خبراتنا وامكاناتنا.. امتداداً لما حققته في السنوات الأخيرة من تطور ملموس..
***
وبين هذه الآمال التي لم تختف إشعاعاتها من عقولنا ومشاعرنا أبداً..
بين هذه التمنيات التي نرددها بانتشاء كما لو أنها طوق نجاة لمساعدتنا في الخروج من النفق الطويل والشاق والممل الذي لم نبلغ منتهاه بعد..
بين كل هذه الأوجاع..
ومع لحظات الانتظار والترقب التي طالت بأكثر مما يجب..
أقول لكم بأمانة: إن هناك مسافة، وإن لم تكن كبيرة بين ما هي عليه صحافتنا اليوم وهذا الذي نتمناه لها..
***
بعض أسباب هذا التباعد في تأرجح صحافتنا اليومية بين النجاح الكبير والفشل المحدود، يمكن علاجه من دون أن يكلفنا إلا القليل من العناء..
وبعضه الآخر لا يستعصي علينا حله، لكنه يحتاج إلى جهد أكبر وزمن أطول..
فأين هي المشكلة إذاً في ذلك..؟
وأين هو الحل..؟
إنه كما يتراءى لي، الجرس الذي لم يعلق بعد..
فمن يعلقه..؟
والسؤال بعد ذلك وباختصار..
متى سنعثر على المفاتيح المفقودة لتعزيز مكانة الصحافة اليومية في بلادنا بأكثر مما هي عليه الآن..؟
متى..؟
***
ولكي نكون موضوعيين في نظرتنا إلى واقع الصحافة.. وهذا -بنظري- هو مدخل المعالجة الحقيقية لأوضاعها فعلي أن أسرع لأذكركم بأننا عندما ننحاز إلى الأخذ بالرأي الموضوعي في تقييمنا وتقويمنا للصحافة اليومية، فلا يمكن عندئذ أن نغفل جوانب ايجابية كثيرة فيها..
وعندما يفتش أي منا عن أسباب يتكئ عليها لتفنيد هذا الزعم بوجود مثل هذه الايجابيات، فإنه سوف يجد الكثير مما سوف يساعده على ذلك، غير أنه سيضع بذلك هذه القضية على أهميتها خارج المعالجة، ويبقيها في غرفة الانعاش تموت أو تحتضر إلى حين..
***
لكن وفي المقابل، أريد أن أسأل، من منا على يقين بأن الطرف الآخر لا يملك حجة على سلامة رأيه بوجود إيجابيات كثيرة في صحافتنا - على ما فيها من ملاحظات - وأنها قد حققت نجاحات لا يمكن إخفاؤها..؟
وبالنتيجة إذاً، فلابد من حوار عقلاني موضوعي متجرد عند تشريحنا للصحافة..
يقوم على عدم إخفاء جوانب القصور فيها عند الحديث عن التميز الإيجابي في هذه الإصدارات..
وعلى القناعة بأن المعالجة الحقيقية لجوانب القصور فيها تبدأ حين تكون صدورنا وعقولنا مفتوحة لتقبل الآراء وإن تباينت في توجهاتها..
***
أقول ذلك وأنا أعلم أن مثل هذا اللقاء بزمنه المحدود لا يتسع لإغناء موضوعنا بكل ما تريدون وأريد..
وأن تكراره مع ضيوف آخرين..
ومشاركين جدد..
مع تناول جاد لنقاط أخرى لم نتعرض لها..
ربما بلور الموقف من الصحافة بأفضل مما تحدثنا به وعنه هذا المساء..
***
لكني من باب التطمين..
وبنظرة متفائلة..
وبعد كل ما قلناه..
فإن الاعتقاد يقودني إلى القول: إن صحافة المملكة مقبلة على نقلة نوعية في المستقبل المنظور..
وهذا الاعتقاد يعتمد على قراءة متأنية مني لإمكاناتها وغوص في أعماق أوضاعها..
مع عدم تجاهل أو إغفال للأجواء المتاحة للعمل فيها والتحرك في فلكها..
وهذا الاعتقاد يكون بالتأكيد في مكانه الصحيح حين تتفاعل القيادات الصحفية مع الرأي الآخر..
وبخاصة حين تستجيب لكل فكرة بناءة تنسجم مع هذا التوجه الجميل..
بالإصغاء والاستماع لها..
يليه التنفيذ الفوري ودون إبطاء لكل ما هو صالح منها.
***
وينبغي أن يتم كل ذلك..
في تظاهرة علمية واعية..
تقودنا في النهاية إلى ما نريد..
وفق تخطيط مسبق..
يدرس المشكلة..
ويحدد العلاج..
في الزمن المناسب..
على أن يستفاد من كل الآراء والرؤى الصائبة..
وأن تتم مراجعة مراحل التطبيق لمعالجة ما قد يتبين لنا لاحقاً من خطأ في أثناء التنفيذ..
في حوار لا يستثني رأي أحد..
ولا يغيب وجهة نظر على حساب أخرى..
ويحرص على عدم تهميش أي صوت اصلاحي جاد..
***
والصحافة كما هو متفق عليه هي مهنة المتاعب..
وأرجو ألا يسمعني أحدكم قولاً مؤداه أنها مهنة لمن لا مهنة له..
وهو تعب لذيذ ومطلوب..
بدليل أن من يعمل في بلاطها لا يستطيع أن يضبط ساعات عمله فيها..
أحياناً يبحث الصحفي عن مزيد من تعبها..
وأحياناً أخرى يتمنى لو لم يكن ضمن عالمها..
مع أنه عالم مضيء ومحاط بكثير من «الفلاشات» الجميلة.
***
قلت عن صاحبة الجلالة ذات يوم في كلمة نشرت لي، ولا بأس من أن أضمنها هذه الورقة: إن الصحافة رسالة، ولهذا ينبغي للقيمين عليها والعاملين فيها أن يمارسوها على النحو الذي لا يخل بأهدافها..
وإن الصحافة سلطة، وفي زعمي أن على المنتسبين لها أن يتوخَّوا الحذر والخوف من تأنيب ا لضمير في كل كلمة تصدر منها وعنهم، وأن يتذكروا أنها السلطة الرابعة لا الأولى ولا الثانية أو الثالثة..
مثلما أن الصحافة علم، ولو لم تكن كذلك لما درستها الجامعات والكليات والمعاهد في مختلف دول العالم..
والصحافة فن، ومن المؤكد أنه لا يحسن العمل فيها إلا من أعطاه الله ذائقة فنية تمكنه من توظيفها واستثمارها في تقديم صحيفة مخدومة مهنياً بما يرضي القارئ ويستجيب لتطلعاته..
والصحافة ثقافة، وبدون تحصين الصحفي لنفسه بالحد الأدنى من العلوم والمعارف، ضمن الحرص على أن يأخذ من كل فن بطرف، فعليه أن يبحث عن عمل يناسب قدراته في غير بلاطها..
والصحافة مهنة، ولكنها ليست ككل الحرف ولا ككل المهن، والقائمة للتعرف على متطلبات العمل فيها كثيرة وكبيرة
وتطول لو أردنا استعراضها..
والصحافة هواية إلى جانب أنها مهنة، والذين أحبوا الصحافة حب العاشقين لها ضمن إطارها الصحيح وحدودها المطلوبة، هم الذين ترجموا هذه الهواية إلى إنجازات جعلت منهم ومن أسمائهم قيمة في ذاكرة القراء لم ولن تنسى..
والصحافة شهرة، ولكنها قد تحرق من يختار هذا الباب للدخول إلى عالمها متناسياً أن الشهرة والنجومية يمكن أن تطارده وتسلط الأضواء عليه بالممارسة الصحيحة لهذا العمل وليس العكس..
والصحافة خير وشر، وهذا يتوقف على نوايا وتوجهات وأهداف من اختارها دون غيرها للعمل فيها، فقد يدمر وقد يبني عن علم أو عن جهل، عن حسن تقدير أو سوء تقدير، فهي من ينطبق عليها القول: سلاح ذو حدين..
والصحافة ورق وحبر، والمطلوب تبييض ورقها الأبيض الناصع بالأفكار ذات البياض الأنصع، حتى وإن استخدمت كل الألوان حبراً وورقاً في إصدار الصحيفة..
وباختصار فإن الصحافة هي الصحافة ببريقها وأضوائها وارتباط الناس بها، حتى مع تقدم التقنية في وسائل الإعلام الأخرى، وعلى المنتسبين لها أن يقدموا لقرائهم العمل الأمثل والأفضل والأبقى في ذواكر القراء..
***
والعمل الصحفي من وجهة نظر شخصية يقوم على التجديد ويعتمد على الابتكار، وبذلك فإن تفوق هذه الصحيفة على تلك يتحقق حين تتميز إحدى الصحيفتين على الأخرى بكل شيء، من صياغة المادة الصحفية وكتابة عناوينها إلى تبويب الصحيفة وإخراجها، من اختيار الصور وتوظيفها، إلى تقييم المادة الصحفية ونشرها في حدود المساحة التي تستحقها، ومن الحضور في قلب الأحداث وعدم الغياب عنها، إلى التفرد بكل ما يخطر وما لا يخطر في أذهان قرائها..
وحين تتشح أي صحيفة بهذه الملامح الجميلة لصحافة العصر، ضمن عمل مدروس تتوافر فيه كل هذه المواصفات، وبفعل الخطط المدروسة التي تقود الصحيفة إلى ما يعزِّز بقاءها سليمة ومعافاة من كل جوانب القصور، فإن دائرة الاهتمام بها سوف تتسع ضمن ما هو متاح من مساحات..
***
ولأن عنصر المنافسة بين الصحف يقوم في جزء منه على التميز والابتكار والتجديد الذي أشرنا إليه..
ضمن جهد يفترض أنه يستند إلى أصول المهنة وأخلاقياتها..
وبالاعتماد على آليات وأدوات تستثمرها الصحيفة لإنجاح برنامجها في إنجاز ما تخطط له..
وصولاً إلى تحقيق ما هو مطلوب لكسب السبق في المنافسة مع رصيفاتها..
فإن القارئ يلحظ التباين أحياناً بين هذه الصحيفة وتلك..
في إخراجها..
ومستوى الطباعة..
في مادتها..
وتوجهاتها..
وبخاصة في أسلوبها لمخاطبة القراء..
والمحصلة أن كل صحيفة موعودة بشيء من النجاح أو الفشل بقدر ما تبذله من جهد وتقدمه من عطاء..
***
أقول ذلك وأنا أعرف أن الصحافة اليومية السعودية لا تزال تفتقر إلى بعض المهارات الصحفية في التحرير والطباعة والتصوير والأقسام الفنية وكل ما يتعلق بصناعة الصحيفة..
وأعزو ذلك إلى أن الصحفي الجديد تحديداً يحتاج إلى مزيد من التدريب، لصقل موهبته وإعطائه ما يعزز مقدرته على أداء مسؤولياته على النحو الذي يثير إعجاب القارئ ويجسِّر تواصله مع هذه الصحيفة أو تلك..
لهذا فإنه من المهم، أن تسعى الجامعات مع وزارة الإعلام، وبالاشتراك مع المؤسسات الصحفية، وربما جهات أخرى، في ايجاد معاهد تدريب للصحفيين الأكاديميين وغير الأكاديميين، إذ إن الموهبة دون جرعات تدريبية كافية لا تفي بالغرض، كما أن الشهادة الجامعية من غير تدريب عملي وميداني ستظل قاصرة وغير قادرة على إيجاد الصحفي بالتأهيل المطلوب.
***
ومسؤولية الصحافة ضمن كثير من مسؤولياتها أن «تُفَلْتِرَ» كل ما ينشر فيها لقرائها..
وعليها ألا تنأى بنفسها جانبا عن القيام بواجب كهذا..
وأن يكون هاجسها دائما العمل على بناء الثقة بينها وبين القراء.
من خلال نزاهتها في الطرح..
ومصداقيتها في القول..
ونبلها في الهدف..
بما في ذلك سلامة مقصدها في تبني هذا الموضوع أو ذاك..
وهذا لا يتأتى إلا من خلال استيعاب الصحفي لدوره..
واحترامه لمهنته..
واستثماره لموقعه الصحفي في إشاعة الخير والحبّ في مجتمعه وبين قرائه..
وما لم يقم الصحفي ضمن أمور أخرى كثيرة بمثل ذلك، فإنه سينظر لصحيفته على أنها إصدار بلا قيمة وبلا هدف..
***
ما سبق، حرصت على أن أبوح به توطئة لما طلب مني أن أتحدث به عن الصحافة اليومية في المملكة..
وهو وإن كان خارج سياق المحاور التي حددت لي، فقد رأيت أن من المناسب أن أصارحكم به حتى يتاح لهذا اللقاء أن يتجاوز في نقاشه المدى الذي حددته محاور موضوعنا الى نقاط أخرى..
في فضاء نظيف يتسع لاستيعاب الآراء الأخرى ويستجب لها..
باستخدام كل ما هو متاح من أدوات لتحريك هذه المنابر الصحفية الى مواقع أفضل...
***
يقول الدكتور محمد الشامخ في كتابه «نشأة الصحافة في المملكة العربية السعودية»: إن السنوات الست عشرة التي سبقت توحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز وقيام الدولة السعودية يعتبر الطور الأول من أطوار الصحافة منها..
لكنه يرى أن النشأة الحقيقية للصحافة في هذه البلاد قد بدأت في أواخر 1924م حين أنشئت صحيفة أمّ القرى، وذلك لأن صدور هذه الصحيفة قد أذن ببدء عهد صحفي جديد اتسم بالاستقرار والاستمرار وقام فيه أبناء البلاد بالدور الأكبر في ميدان العمل الصحفي..
وكانت صحيفة أم القرى قد صدرت بعد دخول الملك عبدالعزيز الى الحجاز بفترة وجيزة، وقد رأى جلالته أهمية الصحافة وأنها من الأولويات التي يجب عليه الاهتمام بها..
ويذكر الدكتور الشامخ أن مكة المكرمة تعد ثاني مدينة من مدن الجزيرة العربية تعرف فنّ الطباعة عندما أنشأت الحكومة التركية فيها مطبعة رسمية في العام 1883م، وتعد الجريدة الأسبوعية «حجاز» التي صدرت في العام 1908م أول جريدة تصدر في ولاية الحجاز، وكل هذا كان قد تم قبل قيام الدولة السعودية الحديثة الثالثة.
***
وبعد سنوات ليست بالكثيرة من صدور صحيفة أم القرى، صدرت في العام 1932م صحيفة أخرى كانت النواة الأولى فيما عرف بعد ذلك بصحافة الأفراد وهي صحيفة «صوت الحجاز» وتوالت الإصدارات الصحفية الفردية لتشمل كل مناطق المملكة الى أن صدر نظام المؤسسات الصحفية في العام 1964م الذي بموجبه أصبحت المؤسسات الصحفية الأهلية صاحبة الحق في تبني هذه الإصدارات بعد إلغاء الامتيازات الفردية..
***
لقد كان صدور أول نظام للمؤسسات الصحفية نقلة نوعية ولا شك، إذ إنه خدم الصحافة في المملكة من خلال ممارسة العمل الجماعي في إدارتها تحت مظلة من الأنظمة والتنظيمات الإدارية التي فصلت بمقاسات تناسبها بعيدا عن الاجتهادات الفردية أو الاعتماد على الصوت الواحد في توجيه سياسة الصحيفة ورسم منهجيتها..
***
ومع مضي قرابة الأربعين عاماً على صدور هذا النظام وما شهدته المملكة والعالم خلال هذه الفترة من متغيرات ومستجدات ألقت بظلالها على كثير من أمورنا، كان لا بد من مواكبة ذلك بإصدار نظام جديد للمؤسسات الصحفية يفعِّل من دور الصحافة ويتناغم مع متطلبات الفترة الراهنة ودون إخلال بالثوابت أو مسّ بخصوصية هذه البلاد وسياستها عند تناول صحافتنا لشأن من الشؤون الداخلية أو الخارجية..
***
ففي عام 2001م صدرت صيغة جديدة لنظام المؤسسات الصحفية، أبرز ما فيه ضمن أمور أخرى كثيرة تخفيف سلطة وزارة الإعلام على الصحف وتبنيه لإنشاء هيئة للصحفيين لأول مرة في تاريخ المملكة.
وقد تلا صدور هذا النظام:
صدور اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الصحفية الجديد.
وصدور اللائحة الأساسية لهيئة الصحفيين السعوديين.
***
ومع كلّ ما قيل عن هذا النظام منذ صدوره ..
من أنه صدر دون أن يلبّي طموح العاملين في المؤسسات الصحفية كما كان منتظراً.
ومن أنه قد خلا ممّا كان يتوقعه البعض بعد أربعين عاماً من الانتظار..
مع كلّ ما صاحب صدوره من همز ولمز وتباين في وجهات النظر..
تمثّل في عدم الرضا أو الرضا النسبيّ المحدود وهذه ظاهرة صحية..
فإن ما قيل في جزء كبير منه ربما كان صحيحاً ولا يمكن تهميشه عند تقييمنا لهذا النظام..
وبخاصة أنّ النظام نفسه قد أخذ حقّه من الوقت لدراسته وتمحيصه من وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للإعلام ومجلس الشورى وقبل أن يوافق مجلس الوزراء عليه..
***
وعادة، فكلّ الأنظمة وليس هذا النظام فقط..
تقابل بوجهات نظر متباينة عند صدورها..
وتستقبل بين مؤيد ومعارض ومتحفظ..
أحياناً يكون الموقف منها إيجابياً وأحياناً أخرى سلبياً..
وفي بعض الأحيان يكتفي نفر منّا بالتعبير عن موقفه مختصراً إياه بكلمة لا تعليق...
والموقف الأصح كما أراه..
والرأي الأكثر إيجابية من وجهة نظري المتواضعة..
هو ذلك الذي يعتمد على التعامل مع نظام كهذا بموضوعية وتجرد ونظرة مستقبلية متفائلة..
من يعطي نظاماً كهذا حقّه من الوقت للتطبيق واستخلاص النتائج ضمن تجربة جديدة تقوم على مبدأ التغيير الى ما هو أفضل ثم يبدي وجهة نظره..
عندها يمكن معالجة ما فيه من قصور وترسيخ ما يضمه من إيجابيات لتفعيل الأداء وصولاً الى الهدف المنشود..
***
وفي نظامنا هذا..
وبعد أن صمت الجميع..
وربما نسيه من يعنيه ومن لا يعنيه أمره..
لا بد من القول: إن فيه الكثير مما يمكن أن يقال نقداً وتحليلاً وبما يؤكد سلامة رأي منتقديه..
وفيه من الإيجابيات ما لا يمكن إغفالها، ومن الضروري أن يشار إليها وأن يتوقف عندها للتأكيد على أنّنا أمة تحتفي بكل ما هو جميل..
غير أنّ الأمر يتطلب من المسؤولين ضرورة التأمل لكل ما يقال عن هذا النظام باستعداد نفسيّ وذهنيّ ورغبة جادة في بناء الثقة مع غيرهم من خلال تصحيح ما يتبين أنه خطأ في هذا النظام..
وبمثل هذا الموقف، فإن بناء الثقة أولاً سوف يقودنا الى تجسيد الصورة الأمثل لمثل هذا النظام..
بإضافة..
أو حذف..
أو تعديل..
بعد أن يأخذ تطبيقه ما يكفيه من الزمن..
***
من المهم أن نتذكر..
أن نظاماً كهذا..
فيه ما فيه من القصور والسلبيات..
ولكنه مع هذا يحمل تباشير أملٍ جديدٍ..
لبناء قاعدة مستقبلية جيدة نحو صحافة أفضل..
من خلال مؤسسات صحفية أكثر تطوراً واطمئناناً للمستقبل المنظور..
ضمن أطر نظام صحفيّ جديدٍ وشاملٍ قابلٍ للتطوير...
***
لنعد الى قراءة هذا النظام من جديد..
قراءةً تمنحه المزيد من القدرة على تفعيل العمل الصحفيّ بالمملكة..
وهذا لا يتحقق إلا من خلال التفتيش بين سطوره على ما يمكن أن يضاف إليه أو يحذف منه أو يعدّل فيه لبلوغ ما نتمناه..
وهذه مسؤولياتنا جميعاً..
* * *
وتقتضي الأمانة أن أقول لكم: إن في نظام المؤسسات الصحفية الجديد جوانب إيجابية كثيرة، مع ما فيه من جوانب القصور وربما كانت كثيرة أيضاً..
فالنظام الجديد يرسّخ في مادة من مواده نصاً لقيام مجلسٍ لإدارة المؤسسة الصحفية، وهو ما أغفله النظام القديم..
والنظام الجديد يلغي لجنة الإشراف على التحرير «الوصاية!!» التي وردت في النظام القديم، وهذا الإلغاء جاء على ما يبدو لتعذّر قيام لجنة الإشراف بمسؤولياتها بسبب ازدواجية صلاحيّاتها مع مسؤوليّات وصلاحيّات رئيس التحرير..
النظام الجديد أعفى المؤسسات الصحفية من شرط عضوية المؤسسة لكل من المدير العام ورئيس التحرير بخلاف ما كان يشترطه النظام السابق..
كما أنّ النظام الجديد أجاز تعيين المدير العام دون الحاجة الى موافقة وزارة الإعلام، وهو ما كان سائداً من قبل..
والنظام الجديد اكتفى بالرفع عن رئيس التحرير المرشح الى وزارة الإعلام لأخذ الموافقة عليه، بديلاً عن الرّفع للوزارة بأسماء ثلاثة مرشّحين مثلما كان ينصّ عليه النظام السابق..
في النظام الجديد نصوص تحمي الصحفي من إجراءات الفصل التعسفي، إذ إن فصله من عمله أصبح لا يتم إلا بتوصية مسببة من رئيس التحرير وموافقة من مجلس الإدارة..
وفي ظل النظام الجديد أصبحت المؤسسات الصحفية القائمة حالياً تملك حق إصدار صُحُف إضافية بقرار من وزارة الإعلام ومن دون أن تكون هناك حاجة الى الرفع بذلك الى مجلس الوزراء بخلاف ما كان ينص عليه النظام السابق..
والنظام الجديد عالج موضوع الازدواجية في عضوية المؤسسات الصحفية بأن منع الجمع بين أكثر من عضوية في أكثر من مؤسسة صحفية للعضو الواحد، أي أن تقتصر عضويته على مؤسسةٍ صحفيةٍ واحدةٍ وذلك تعديلاً لوضع كان قائماً..
ويلاحظ في النظام الجديد اهتمامه بتنظيم المؤسسات الصحفية وفق أسسٍ علميةٍ، وذلك بأن ألزم المؤسسات بوضع الهياكل واللوائح المنظّمة لسير العمل فيها، وهو ما لم يطالب به النظام السابق..
في النظام الجديد لوحظ عنايته بشؤون الصحفيين وخدمة مصالحهم وحقوقهم والرفع عنها لدى مختلف الجهات، يتضح ذلك من تبنيه لإقامة هيئة للصحفيين تمثل نشاطهم، وهي بمثابة جمعية أو اتحاد وإن اختلفت المسميات، وهو ما أغفلته اللائحة السابقة..
النظام الجديد صاحبته لائحة تنفيذية، فسرت بعض بنوده وأضافت مايتمشى مع أهدافه، فيما كان النظام السابق وحيداً وبلا لائحة تنفيذية.
هذا عرض سريع لبعض إيجابيات النظام الجديد، وقد تعمدت أن أؤجل الحديث عن الثغرات فيه، وهي ثغرات لا يمكن ان نخفيها، او نفقد القدرة على وضع اليد عليها، غير انني آثرت تأجيل الحديث عنها إلى حين، فمن حق هذا النظام ان يأخذ فرصته من الوقت للتجربة والتطبيق قبل اصدار الحكم عليه، فقد اعطينا النظام السابق أكثر من اربعين عاماً، ومن حق النظام الجديد ان تتسع له صدورنا ولو لبعض الوقت.
وإذا ما سمح وقتكم وكانت هناك رغبة منكم في التطرق الى شيء من هذه الملاحظات فلا بأس في ذلك، إذ إن أي نظام هو اجتهادات افراد تقابله آراء أخرى يجتهد اصحابها في سد هذه الثغرات، وهذا هو المؤمل والمنتظر من جمعكم الطيب.
***
يسألني الإخوان ضمن المحاور التي حددوها إطاراً لهذه الورقة عن دور الصحافة اليومية في المملكة في قضايا المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً، ومهمة الصحافة كما أفهمها تتمثل في نقل الاخبار الى متلقيها، وهذا هدف اساسي ضمن اهداف اخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم، وأرجو ألايخونني سوء التقدير او البعد عن الفهم حين اقول ان هذا التصور هو السائد الى اليوم في عقول الكثيرين منا، والامر في هذا لايحتاج الى استحضار ادلة او البحث عن مسوغات لتأكيد سلامة وجهة النظر هذه، وصحة مثل هذا الاعتقاد..
***
نعم، هناك الرأي في الصحافة وله أهميته..
وهناك دور الصحافة في تثقيف قرائها وله من الاهمية ماله..
ولايجوز إغفال مهام الصحافة في نشر المعلومة لما تمثله من عنصر جذب للقراء..
كما لا يصح تجاهل رسالتها في خلق الوعي بضوابطه الاخلاقية..
ونخطئ في كل حساباتنا لو لم نلق بالاً لما ينبغي أن تقوم به في قضايا ساخنة وحساسة..
***
لكن هذا الفهم شيء، وتجاهل الصحافة لدورها في خدمة المجتمع شيء اخر..
ودون حاجة الى تعميق جرح الصحافة في تأكيد صحة الانطباع عن تدني مستوى تعاملها مع هذه القضايا الساخنة، سأختار لكم حالةواحدة غابت عن الصحافة او غيبت عنها وهي زيارة سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز التفقدية للفقراء في الأحياء الأشد فقراً في مدينة الرياض..
كان من ضمن دلالات الزيارة..
كما افهمها..
ومع كل ما حملته من مؤشرات كثيرة..
توجيه رسالة إلى الصحافة..
الى العاملين في بلاطها..
وإلى القيادات فيها..
كما لو كان نقداً مهذباً من سموه على تقصيرها في دور أُوكِل اليها..
***
انها رسالة بصيغة سؤال من سموه: أينكم مما رأيته؟..
نعم، أين الصحافة من هذه الحالة وحالات أخرى كثيرة؟..
ومتى تمارس دورها في خدمة المجتمع؟..
بعد ان فتح سمو ولي العهد الطريق امامها نحو آفاق رحبة لممارسة دورها المسؤول؟..
***
أريد باختصار ان اقول ان خدمة المجتمع تبدأ من اقتحام الصحافة لمثل هذه الاحياء التي بلغها البؤس وتعوز قاطنيها الحاجة الى لقمة العيش ويسكنها صوت من لا صوت له في جهد أمين ونزيه وصادق يُقْدم على كشف المستور ونقل واقعه الى القيادة للوصول الى حل، ليمتد ايضا نحو المعالجة لمشكلة البطالة ووضع التعليم والصحة وكل ما يمس حياة المواطن من خدمات اخرى..
***
ان الدور الذي ينبغي ان تؤديه الصحافة في المجتمع السعودي يجب ان يعتمد على رؤية صحيحة وشاملة وموثقة، وهذه حالة فجرها عبدالله بن عبدالعزيز وهناك مثيلات لها على المستوى المحلي والعربي، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية وغيرها.
***
في جانب آخر وانا اتحدث عن الصحافة اليومية في المملكة في ملامسةٍ لشيء من محاور هذا اللقاء، اريد ان اقول لكم انه ليس مصادفة ان تفرد صحافتنا المحلية اليومية المساحة الكبرى من صفحاتها للقضايا العربية والاسلامية.. باهتمام يغلب عليه دائماً التعاطف مع هذه القضايا باعتبارها قضايا هذا الوطن..
تأكيداً على ان ما يمس أمنها واستقرارها ومصالحها انما يمس امن ومصالح هذه البلاد في الصميم..
في ظاهرة لاتستطيع ان تستثني صحيفة سعودية واحدة من هذا الاهتمام المكثف والمتواصل..
ماتفسير ذلك..؟
إنه الانتصار للمبادئ التي نؤمن بها..
والتجاوب مع ما تعلمناه من هذا الدين الخالد..
وبذلك فإن هذه المساندة الصحفية لقضايا الأمة العربية والاسلامية لم تأت من فراغ..
ولم تكن عملاً طارئاً أملته مشاعر شخصية او مصلحة آنية..
وإنما جاءت ترجمة لقناعات هذه الامة ونزولاً عند رغبتها..
في عمل صحفي متواصل تحرص الصحيفة بأن تؤديه ضمن اولويات اهتماماتها..
***
وهذا الاهتمام..
لاينبغي اسقاطه من قائمة المؤشرات فيما يسمى بالخطاب العربي العام الذي تسهم فيه صحافتنا السعودية اليومية مساهمة جلية ضمن منظومة الصحف العربية الاخرى..
ولكي اكون منصفاً فلابد لي من ان اشير الى ان تكوين الخطاب العربي على مافيه من ضعف وتردد وانكفاء في كثير من الاحيان، كان للصحافة السعودية ضمن صحف عربية أخرى التأثير الايجابي الذي لايمكن اغفاله عند الحديث عن مساندة الصحافة لقضايا هذه الأمة..
وان هذا التأثير ما كان له ان يتبلور على النحو الذي ترونه في صحافتنا العربية دون مشاركة من الصحافة السعودية وانفتاح منها على هذا الموضوع واستيعابها لمتطلبات الدفاع عن حقوق الأمة العربية والاسلامية..
***
غير ان هذا الخطاب الاعلامي ينبغي مراجعة صياغته من جديد ليكون مواكباً للتحدي الذي تواجهه دولنا في المرحلة الحالية من تاريخها..
وما لم يكن هذا الخطاب متناغماً مع ما تتطلبه المستجدات في الساحة السياسية والعسكرية، فإنه عندئذ سوف يفقد تأثيره، وبالتالي لن تكون هناك فائدة مرجوة من ترديده..
***
وربما كان من المناسب ان اشير الى ان الصحافة السعودية والعربية مع ما قدمته من تأثير في اتجاه الرأي العام، إلا انها تحتاج الى مزيد من الجهد لتكون في وضع افضل لإيصال صوتها ورسالتها الى الآخرين في جو مزاجي غير متقلب، لأن الخطاب الاعلامي العربي يضعف أكثر لو أخلي من قيمته بعدم ملاءمته للواقع ضمن تهميشه وتعريته من كل مضمون، وبالتالي فإن هذا لا يساعد الصحافة على اداء هذا الدور العاقل الذي ينبغي ان يتنامى نحو الأفضل، وبخاصة في ظل التحديات والمستجدات الجديدة التي تواجهها الأمة، ولا سيما حين نستذكر ماهي عليه الصحافة الأجنبية من مستوى متميز أهلها لكي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام ورسم السياسات لحكوماتها ضمن استراتيجية بعيدة المدى هدفها تفكيك تماسك امتنا واسقاط كل ما تم انجازه عربياً واسلامياً على مدى سنوات طويلة من عمر هذه الشعوب..
***
ولاشك عندي ان الخطاب الاعلامي العربي حين يفرغ من كل ما يشير الى دفاعه عن هموم الامة، سواء قيل عن طريق الصحافة اليومية او بيح به من خلال وسائل الاعلام الاخرى، هو خطاب لا يعوِّل عليه ولا يُعتد به ولا ينتظر منه فائدة لخلق جيل اعلامي متمرس وقادر على مواجهة العدو بذات السلاح الذي ترشنا به وسائل الاعلام الاجنبية صباح مساء..
***
إن على المؤسسات الصحفية العربية بما فيها السعودية، ان توازن بين ما تؤديه من دور يشوبه الحذر والتردد مع ما حققته من نجاحات نسبية في مقابل دور منهجي وفاعل وقوي ومؤثر يرسم من خلاله الاعلام الغربي خريطة العالم المستقبلية..
***
وأنا لا أزعم ان الصحافة السعودية بخاصة والصحافة العربية عامة تملك كل الادوات والآليات بما في ذلك العناصر البشرية المؤهلة للقيام بمثل هذا الدور على النحو الذي نتمنى، وأعرف ان احداً منا لا يملك كل القدرات القادرة على ايصال صوته وفكره وثقافته مثلما يفعل الآخرون، غير اننا نرتكب خطأ كبيراً إذا ما استسلمنا لمثل ذلك دون محاولة منا لمواجهته بما ينبغي، لأن الشعور بالدونية بانتظار هذه الوجبات الاعلامية اليومية التي يقدمها الإعلام الاجنبي بعناية فائقة للقضاء على طموحاتنا وآمالنا في هذه الحياة، إنما يؤصل بذلك هذا التوجه الاستعماري ويجسد نجاحاته ضمن الحرص على حرمان الشعوب الصغيرة من حقها في حياة كريمة..
وبهذا لابد من منهجية صحفية سعودية وعربية أفضل..
ومن خطاب إعلامي فاعل..
في الطريق إلى خلق موقف عربي قوي وموحد..
***
ضمن محاور هذا اللقاء..
طلب مني أن أتحدث إليكم عن النشاط الصحفي للمرأة السعودية..
ومن باب التذكير ليس إلا..
أقول لكم عن نشاطها..
صحفية..
وكاتبة..
وشاعرة..
وقاصة..
ومبدعة..
استقراء من زمالتي لها..
بأنه نشاط كمي ونوعي مثير للانتباه..
وأزيد على ذلك، بأن لبعضهن ريادة في العمل الصحفي الأكثر تميزاً..
وأنهن تفوقن به وبأعمال أخرى على كثير من رجال الصحافة..
وأن تلك الأعمال الصحفية الكبيرة التي ظهرت لهن متسمة بقدرٍ هائلٍ من التميز قد أهل الكثير منهن لأخذ مواقع قيادية مهمة في الصحافة اليومية..
بما في ذلك اختيار الاماكن الأهم والأفضل في صفحات الصحف لنشر نتاجهن..
وقد كن ومازلن شركاء مؤثرين في النجاح الذي حققته الصحافة المحلية..
مع ان علاقتهن بالصحافة..
وبزملاء المهنة..
علاقة هاتف وفاكس وبريد..
بمعنى أنهن لم يمارسن العمل الصحفي ممارسة فعلية وعن قرب..
أي أنهن لم يعشن دورة العمل اليومية..
كما هو حال زميلهن الرجل..
وهو ما يعفيهن من تهمة المشاركة في عدم تطور الصحافة اليومية إلى ما هو أفضل..
إنني باختصار، اعتقد ان لدينا نماذج مشرفة من الاقلام النسائية، وهي بكل المقاييس ثروة يجب استثمارها افضل استثمار..
بتوسيع فرص العمل امامها في مجال الصحافة..
للإفادة من قدراتها الخلاقة..
ومواهبها المتميزة..
بما يفيد هذا المجتمع الطيب..
ويخدم هذا الوطن الغالي..
***
أيها الإخوة والأخوات:
لقد ترددت كثيراً بين ان ألتزم في حديثي لكم بمحاور اللقاء كما حدد لي..
وبين ان اقوم بسياحة صحفية مفتوحة بحيث تلامس ما طلب مني عن بعد ولا تركز عليه..
ولقد كان الخيار الثاني هو ما استقر الرأي عليه..
ومبرري في ذلك ان الحديث عن نشأة الصحافة وتطورها وقوانينها وأنظمتها وتعريفها وهو ضمن ما طلب مني سيكون من باب التكرار لمعلومة لا يستعصي على أي منكم الحصول عليها من مصادرها بما لا أجد حاجة الى استعراضها في مثل هذا اللقاء..
ولهذا فقد آثرت ان اتحدث عن اشياء في الصحافة، مبقياً الباب مفتوحاً امام اشياء اخرى للنقاش والمداخلات..
ولا ادري ان كان هذا يستوجب مني ان أعتذر لأخي الكريم الاستاذ فيصل المعمر ولزملائه ولكم..
***
** أشكركم جميعاً على هذا الإصغاء الجميل..
فالحديث عن الصحافة فيه سحر وجاذبية وجمال..
وارجو ان يكون كلامي قد جاء ضمن هذا الجو المفعم بكل هذه الجماليات..
كما اعتذر لكم عن الإطالة بأكثر مما كان يجب..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved