لم تكن القوة المادية وحدها في يوم من الأيام عاملاً وحيداً للنصر في الحروب، ليست هذه حقيقة دينية عربية أثبتها التاريخ بوقائع عدة منذ عصر صدر الإسلام إلى عصرنا الزاهر في الأندلس، بل تاريخ البشرية كلها يثبت ذلك، إن القوي الذي يذهب إلى ساحة الحرب وهو يعرف أنه ذاهب ليعتدي ويغتصب يشعر دائماً أنه ضعيف ويكون أحرص الناس على حياة.
ويكمن السر في ما يسمى بالروح المعنوية التي هي بحق القوة الاساسية الدافعة للنصر في معظم الحروب التي شهدها التاريخ الإنساني، لم تنهزم ألمانيا في الحرب العالمية الثانية بسبب تفوق قوة الحلفاء المادية عليها، بل - حقيقة - انهزمت بعدما ركب الغرور رأس الفوهرر هتلر واعتقد أنه القوة الوحيدة في هذا الكون ويستطيع أن يسيطر على العالم، في حين كانت الروح المعنوية لدى جنوده ضعيفة بعدما أدركوا أنهم قد بدأوا الخوض في الباطل، وبدأوا بالتالي يفقدون القناعة بما يفعلون.
علم النفس يؤكد ان «الدافع» هو الذي يصنع الحدث وبقدر ما يكون الدافع قوياً يستند إلى إيمان وقناعة بصحة الفعل، وانه على حق ومن أجل حق، فإن صاحب هذا الدافع لا يبالي بالكسب أو الخسارة لأنه منتصر في كلا الحالين، وما أكثر الشعوب والقادة الذين خسروا معركة ولكنهم لم يخسروا الحرب التي لا يمكن الانتصار فيها بالأساطيل والجيوش وحدها.
|