Wednesday 12th march,2003 11122العدد الاربعاء 9 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سلطان بن عبدالعزيز وإنسانيته تجاه البيئة والحياة الفطرية سلطان بن عبدالعزيز وإنسانيته تجاه البيئة والحياة الفطرية
أ.د. عبدالعزيز بن حامد أبو زنادة (*)

لم تثن مهام وزارة الدفاع الجسيمة التي يتولاها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز عن الاهتمام بالمحافظة على البيئة والحرص على تحقيق الأمن البيئي واستعادة التوازن المنشود بين متطلبات عجلة التنمية المتسارعة وبين الأنظمة البيئية وما تحتويه من موارد طبيعية متجددة ولأن أمن البيئة جزء من أمن الوطن. فالدفاع عن البيئة جزء لا يتجزأ من الدفاع عن الوطن. وفي الحقيقة إن اهتمام سموه الكريم بالبيئة وهو ابن المؤسس العظيم كما ليس بالمستغرب أو الجديد على من نشأ وترعرع على تراب المملكة العربية السعودية وجال بين أحضان صحرائها المترامية التي تزخر بأنظمة بيئية متنوعة وأحياء فطرية نباتية وحيوانية فريدة.
لا شك أن المناخ الطيب الذي ساد ربوع المملكة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله، ثم أنجاله الكرام البررة من بعده الذين أكملوا المسيرة المباركة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والذين اتخذوا من الشريعة الإسلامية الغراء دستورا ونبراسا في كافة مجالات الحياة، كل هذه العوامل جعلت من سموه الكريم عاشقا للصحراء والطبيعة ومحبا للبيئة والحياة الفطرية وألهمت سموه في ظل هذه القيادة الواعية إلى ضرورة العمل جاهدا نحو استعادة التوازن الذي طال افتقاده بين الإنسان العربي السعودي وبيئته المحيطة لفترة من الزمن، إلى درجة ظن الكثير أنه من الصعوبة بما كان استعادته في بيئة صحراوية هشة. وأن الأمر قد وصل مرحلة اللاعودة.
وبفضل من الله عز وجل وعزائم الرجال وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وبتوجيهه تحقق ما كان مستحيلا في نظر الآخرين. فقد كان للتوجيهات السديدة لولاة الأمر في تكثيف الاهتمام بالعمل البيئي حيث تمثل في رئاسة سموه الكريم اللجنة الوزارية للبيئة، وقيام وزارة الزراعة والمياه بالاهتمام بالغابات والمراعي والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة للاهتمام بالبيئة ومكافحة التلوث، ثم جاء عام 1406هـ ليصدر المرسوم الملكي الكريم بإنشاء الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها لتتولى شئون المحافظة على الأنظمة البيئية المختلفة من خلال المحافظة على مكوناتها الطبيعية المتجددة من نبات وحيوان في البر والبحر. ولقد شرفت الهيئة بتولي سموه الكريم رئاسة مجلس إدارتها وكان ذلك بمثابة القوة الدافعة والمحركة لعجلة المحافظة وذللت كافة الصعوبات والعوائق مما أدى إلى تحقيق الإنجازات المتتالية وسار الركب في طريق النجاح المنقطع النظير، وسموه الكريم يرى دائما أنه جزء من البيئة وتشغله همومها، ولا يترك أمرا من أمورها دون توقف ودراسة وتوجيه بحلول صائبة، ولم يقتصر دور سموه الكريم على البيئة المحلية بل تعدي ذلك ليشمل البيئة العربية بل البيئة على المستوى العالمي، ولِمَ لا فهو يستمد ذلك من تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء التي تؤكد على الحفاظ على البيئة.
اعتماد البحث العلمي في الحماية
وإذا أوجزنا بعضا مما تحقق على يديه فلا بد أن نذكر أنه قد أصبح الآن في المملكة ست عشرة منطقة محمية تغطي نحو أربع بالمائة من المساحة الكلية للمملكة وما يوازي نصف المساحة المستهدف حمايتها وفقا لمعايير الاتحاد الدولي للمحافظة. بل هناك ثلاثة مراكز متطورة تقوم بإمداد هذه المناطق وغيرها بالأحياء الفطرية النباتية والحيوانية التي يتم إكثارها تحت الأسر. كما ساهمت تلك المراكز في استعادة العديد من أشكال الحياة الفطرية العربية التي كانت قد انقرضت تماما من بيئتها الطبيعية، ويأتي في مقدمتها المها العربي والغزلان العربية والحبارى والنعام والوعول والعديد من النباتات والأشجار البرية النادرة مثل اللبخ والآثاب وتوالت الجهود والدراسات لاستعادة الأزدهار والنماء لغابات العرعر.
اهتمام سموه بالشجرة
لقد كان لسموه الكريم أيضا الفضل بعد الله في توجيه المسئولين والعلماء والدارسين لدراسة مشكلة أشجار البرسوبس بعد أن تطاحنت الآراء واختلفت في بداية دراسة متأنية لاتخاذ القرار المناسب، وأيضا توجيهات سموه الكريمة بشأن الحفاظ على الأشجار المحلية والتي أثمرت في صدور الأمر السامي بمنع الاحتطاب، عقب ذلك الأمر السامي بإعفاء الحطب والفحم المستورد من الجمارك لتلبية حاجة المواطن منها. من أجل ذلك نرى سموه الكريم يواجه بحزم وإرادة صلبة لا تعرف المستحيل في التصدي لكارثة تلوث الخليج والتغلب على الآثار السلبية المدمرة لهذا التلوث، وقد أمكن بفضل الله ثم بفضل توجيهاته من إنقاذ هذه البيئة الفطرية الفتية للخليج وشعابها المرجانية ونظمها البيئية، وعادت البيئة لسابق ازدهارها، كما وجه سموه بإنشاء أول محمية للحياة الفطرية في الخليج العربي لتكون بمثابة نموذج يحتذى به من كافة الدول الخليجية الشقيقة.
سلطان والعمل التطوعي
وحتى يكون كل مواطن مسئولا عن بيئته ويسهم بحق في المحافظة عليها وحمايتها فقد أنشأ سموه الكريم صندوق دعم الحياة الفطرية، ليعطي الفرصة كاملة أمام أبناء هذا الوطن المعطاء للإسهام في الحفاظ على بيئتهم من أجل خيرهم وخير أبنائهم من بعدهم. وقد رعى سموه الحفل التشريفي الأول والثاني للصندوق ووجه بالإسراع في إقامة الحفل التشريفي الثالث بالمنطقة الشرقية إن شاء الله، ولأنه يعلم أن البيئة والحياة الفطرية لا تعرف الحدود بين الدول فقد كانت رؤية أشمل وأوسع بالنسبة للبيئة العربية والدولية فقد وجه سموه بالتعاون التام وتزويد عدد من الهيئات العربية بمجموعات من الكائنات الفطرية النادرة التي تم إكثارها في مراكز أبحاث الهيئة في خطوة لإعادة تلك الكائنات في بيئتها الطبيعية، وقد شملت العديد من الدول مثل سوريا والأردن والإمارات العربية المتحدة والمغرب وتونس وأنشأ مركزا متخصصا لأبحاث الحياة الفطرية في منطقة أغادير بالمغرب الشقيق.
أمير البيئة عربيا وعالميا
ولم تقتصر جهود سموه الكريم يحفظه الله على حماية البيئة والحياة الفطرية على المستوى الرسمي بل تعدتها إلى كثير من الأنشطة الخيرية التي يدعمها شخصيا ماديا ومعنويا، مما جعله ينال لقب رجل البيئة العربي الأول بل تم اختياره كأحد العشرة رجال العالميين الذين يعملون من أجل الحفاظ على بيئة كوكب الأرض من قبل وكالة وتنس الدولية.
التقدير الدولي
وتقديرا لجهود سموه الكريم في حماية الحياة الفطرية في المملكة والحفاظ على تراثها الفطري، تلقى سموه شخصيا، كما تلقت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها التكريم العالمي والدروع التالية:
1- درع البيئة العربي لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز 1996م.
2- اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ضمن العشرة رجال العازمين على حماية بيئة كوكب الأرض من قبل وكالة وتنس الدولية.
3- جائزة فريد باكاراد الدولية للمحميات الطبيعية والمتنزهات الدولية 1992م.
4- جائزة بنكاسيا الدولية للبيئة من استراليا عام 1992م.
5- درع فريد باكاراد الدولي «الاتحاد الدولي لصون الطبيعة».
6- شهادة تقدير جمعية أصدقاء الأرض الدولية 1991م.
7- شهادة تقدير جماعة السلام الأخضر الدولية 1991م.
8- شهادة تقدير من جامعة منيسوتا الأمريكية 1992م.
9- شهادة تقدير جمعية الحياة البرية الأمريكية 1992م.
10- شهادة تقدير المجلس الدولي لإدارة الحياة البرية 1993م.
11- شهادة تقدير النادي العلمي الكويتي 1995م.
12- شهادة تقدير المعهد العربي لإنماء المدن 1994م.
13- شهادة تقدير مجلس وزراء البيئة العرب 1997م.
جهود التوعية والتثقيف البيئي
14- شهادة تقدير موسوعة ماركوس للشخصيات العالمية المتميزة 1988م.
15- شهادة تقدير من معهد سنكن بيرج للبحث العلمي بألمانيا 1993م.
اهتمامه بالتوعية البيئية
وامتد نشاط سموه لدعم برامج التوعية البيئية من خلال تدشينه أول مركز للزوار والتوعية البيئية بمقر الأمانة العامة للهيئة عام 1410هـ.، كما وجه لإقامة أول مسابقة يجرى تنظيمها على مستوى المملكة لخدمة البيئة تحت مسمى مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لخدمة البيئة لتعطي الفرصة كاملة لكافة القطاعات الحكومية والأهلية والمواطنين من المساهمة العملية من خلال المشاركة في تنظيف بيئة الشعاب المرجانية، وتنظيف البيئة البرية، وتنظيف البيئة الساحلية، ومسابقة لأهل الفكر والكتاب والصحفيين من الإسهام في تكريس التوعية البيئية، وقد حققت المسابقة في عامها الأول نجاحا مبهرا في كافة الفروع، كما أن رعاية سموه الكريم لمشروع التوعية البيئية السعودي إضافة إلى العديد من الفعاليات العلمية يعد بمثابة النبراس الذي يضيء لجميع العاملين والمهتمين بمجال المحافظة على البيئة والحياة الفطرية طريق النجاح.
السياحة البيئية
وامتدت أيضا رعايته الكريمة لتشمل أنشطة السياحة البيئية من خلال ترؤس سموه الكريم مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة، وتفضل سموه بالموافقة على رعاية الندوة الدولية للسياحة البيئية التي نظمتها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بالتعاون والتنسيق مع الهيئة العليا للسياحة. لقد تبوأت المملكة بفضل من الله ثم رعاية ولاة أمر هذه البلاد خاصة دعم سموه الكريم لأنشطة المحافظة على البيئة والحياة الفطرية مكانة الريادة، وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، حتى أن العديد من المنظمات الدولية ذات العلاقة دعت اتخاذ تجربة المملكة الفريدة كنموذج يحتذى به في كافة أنشطة المحافظة على البيئة. وها نحن في الختام نسرد بإيجاز بعض ما تحقق من نجاحات حازت على تقدير الهيئات والمنظمات الدولية وهو غيض من فيض من أعمال سموه الكريم فقط في مجال البيئة الفطرية وحمايتها التي تعد جانبا واحدا من جوانب اهتمام سموه الكريم بشؤون البيئة يضاف إلى أعماله - حفظه الله - في مجال الأرصاد وحماية البيئة وغيرها من مجالات عديدة كثيرة تصب في هذا النهر العظيم. متطلعين في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها لتحقيق المزيد من النجاحات على يد سموه الكريم داعين الله العلي القدير أن يحفظه ويسدد خطاه.

(*) أمين عام الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved