سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
قرأت يوم الاحد الموافق 6/1/1424هـ في عدد الجزيرة «11119» في صفحة عزيزتي الجزيرة مقالاً بعنوان «هل طموحكم الكتابة على الجدران للاخ/ سليمان المطلق» ويتحدث عن الكتابة على الجدران وهذه الكتابات والخربشات والرسوم قد اقلقت الجميع «التربويون والمعلمون والمهتمون بالبيئة والمحافظون على نظافتها» وحول الكتابة على الجدران والمجسمات الجمالية يدور كلامي هذا فالكتابة والنقش على الجدران والاحجار ليست وليدة اليوم بل منذ القدم، ولعلنا نستهجنها اليوم لانها شوهت المدن والمجسمات والجدران، ولان اليوم هناك الكثير من البدائل يمكن ان تقوم هذا المقام وليس الجدران والمجسمات الجمالية هي محلها، فقد يقال ان سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام خرج في رحلة تحمله الريح حتى انتهى الى قصر عليه نسر واقف فسأل سليمان عليه السلام النسر منذ متى وانت هنا فقال النسر: منذ سبعمائة سنة - وبالمناسبة فالنسر من الكائنات او الاحياء التي يمتد بها العمر حتى تصل الى 1000 سنة وهو من الطيور القوية الذي يمكنه ان يحمل ويطير بصغير الفيل وله القدرة ان يطير من الشرق الى الغرب في مسيرة واحدة دون توقف وانثى النسر تسمى ام قشعم - والمهم ان سليمان دخل الى القصر فوجد على احد حيطانه نقشاً:
خرجنا من قرى اصطخر
الى القصر فقلناه
فمن يسأل عن القصر (*)
فمبنيا وجدناه
فلا تصحب اخا الجهل
واياك واياه
فكم من جاهل اردى
حكيما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء
إذا ما المرء ما شاه
وللناس من الناس
مقاييس واشباه
وللقلب على القلب
دليل حين يلقاه
وللعين غنى للعين
ان تنطق افواه
ويقال ان الحجاج بن يوسف الثقفي وجد على منبره يوما مكتوبا {قٍلً تّمّتَّعً بٌكٍفًرٌكّ قّلٌيلاْ إنَّكّ مٌنً أّصًحّابٌ النّارٌ} فكتب تحته {..قٍلً مٍوتٍوا بٌغّيًظٌكٍمً إنَّ اللهّ عّلٌيمِ بٌذّاتٌ الصٍَدٍورٌ }.
ويقال ان الراوية الاصمعي كان يمشي في البادية فوجد حجرا مكتوبا عليه:
ايا معشر العشاق بالله خبروا
اذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟
فكتب تحته الاصمعي:
يداري هواه ثم يكتم سره
ويخشع في كل الامور ويخضع
ثم رجع في اليوم التالي فوجد مكتوبا:
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفي كل يوم قلبه يتقطع؟
فكتب تحته الاصمعي:
اذا لم يجد بداً لكتمان سره
فليس له شيء سوى الموت انفع
ثم عادالاصمعي في اليوم الثالث فوجد شابا ميتا تحت الحجر وقد كتب:
سمعنا اطعنا ثم متنا فبلغوا
سلامي على من كان للوصل يمنع
هذه مقتطفات من كتابات الاولين على الجدران والاحجار وارى اننا لكي نعالج هذه المشكلة ان تتظافر الجهود وتحاربها ويكون هناك يوم لمحاربة الكتابة على الجدران، وارى ان تقوم المدرسة بتوعية الطلاب بعدم تشويه المدن والمجسمات الجمالية بهذه الكتابات كما ان تكون هناك سبورات بالمدرسة منتشرة يكتب عليها الطلاب ويمارسون هواياتهم في الكتابة.. كما ان على الاسرة ان توعي ابناءها بأخطار هذه الكتابات والتشويه الحاصل لجمال المدن كما ان على خطباء وائمة المساجد دورا كبيراً في ضرورة التوعية والنصح لهؤلاء الذين يمارسون تشويه المدن بهذه الكتابات..
وارى ان تقوم البلديات بتزويد الحدائق والمنتزهات بعدد من السبورات والطباشير، ليقوم هواة الكتابة بممارسة هواياتهم اثناء تواجدهم بها ومن ثم تنظيفها بعد الاستعمال.ويمارس البعض الكتابة على الجدران اما للتعبير عن ذواتهم وابراز هواياتهم وموهبتهم، واما يقع ذلك من اعداء البيئة والنظافة واما لوجود ضغوطات نفسية وحالات كبت فلا يجدون متنفسا للتعبير الا عن طريق تلك الكتابات، أو لعداوة مع بعض الاشخاص.. هذا والله اسأل ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
(*) قرى اصطخر تقع في بلاد فارس وبناها احد ملوك الفرس القدامى ويدعى اصطخر بن طمهورث
ضيف الله مهدي/ بيش/رئيس قسم البحوث التربوية بادارة التعليم بمحافظة صبيا
|