مع التحية والتقدير
فيما يلي وجهة نظر متواضعة، نابعة من معايشة انجازاتكم في مختلف المجالات، ولست في معرض الحديث عن هذه الانجازات فهي واضحة وجلية.
لكني أود الاشارة الى أحد أهم انجازاتكم في القطاع الصحي، فقد عايشت مدى الاصلاح والتطوير الذي طال ليس الأجهزة الرئيسية في وزارة الصحة فقط، بل تجاوز ذلك وعم كل أجهزة وزارة الصحة بدون استثناء، ووصل الى المستوصفات والوحدات الصحية الصغيرة في مختلف أصقاع المملكة المترامية.وقد سعدت كما سعد الكثيرون ممن لمسوا هذا التقدم المميز في القطاع الصحي آنذاك، الذي اعتبره من وجهة نظري بصدق وأمانة، العصر الذهبي «نسبيا» للقطاع الصحي. ويكفي لتصوير هذا التقدم ان أصبح أصغر منسوب في أبعد نقطة صحية من المناطق النائية، يتصور الدكتور غازي القصيبي أمامه يتابعه في أدائه لمهامه.ولقناعتي التامة بسعة صدركم، وأنتم الموسوعة الشاملة في مجال التطوير الاداري، فتلاميذكم كثر يلهجون بالثناء والامتنان لكونهم تتلمذوا على أيديكم، سواء من كانوا في كلية العلوم الادارية أكاديمياً، أو من الأجهزة الحكومية المختلفة التي امتدت أياديكم الاصلاحية اليها عمليا وتطبيقيا، ولثقتي التامة أيضا بتقديركم «اعتباركم» لوجهة نظري المتواضعة هذه، التي استميحكم العذر بسردها دون مقدمات.
لاشك انه ليس المهم انجاز تقدم وتطور في وقت ما، في جهاز ما، إنما المهم المحافظة على دوام هذا التقدم والتطور، وتحديثه وتطويره باستمرار. ووضع آلية فعّالة لتحقيق ذلك. فالتنظيم الذي يعتمد على أشخاص، ولايعتمد على نظام مدون ومرن بحيث يتسنى تحديثه وفق تطورات العمل وظروفه، والسياسات التي تحكمه، والتطورات التكنولوجية الحديثة بحيث يواكبها ويستفيد منها، لا يعتبر انجازاً متكاملاً.وفي رأيي، أنه كان من الأحرى توثيق كل الاصلاحات والتطويرات التي تم انجازها آنذاك على المجال الصحي في أدلة شاملة ومتكاملة للتنظيم والاجراءات، بحيث تتم متابعتها بدقة تامة، وتطويرها وتحديثها باستمرار وفق حاجة العمل وظروفه، والسياسات التي تحكمه «وتكون واقعية تتناسب وتتفاعل مع الوضع الفعلي في كل مجال من مجالات العمل والخدمات - وليست مجرد مظاهر ونظريات مثالية، كما هو الحال في الكثير من الأجهزة، بينما المستفيدون والمتلقون لخدمات الأجهزة يعانون الكثير من هذه الخدمات».ومن المهم ألا يكون الهدف من هذه الأدلة ان تكون مثالية بقدر ما تكون خادمة للواقع المعاش وظروفه المتباينة، حتى لو حققت نجاحاً أقل مما هو متوقع، فذلك أفضل من أن تكون مجرد مجلدات تعرض في الخزائن، حيث إن تحقيق قدر مناسب وليكن 60% مثلا من الهدف المتوقع،يعتبر أفضل من عدم تحقيق شيء أو تحقيق نسبة ضئيلة. فتحقيق النسبة المفترضة 60% تؤكد أننا في الطريق الصحيح وسوف تزداد بالتأكيد، إذا كان هناك تفاعل بين الأجهزة المطورة والأجهزة التنفيذية، وسوف تصل الى ما نطمح إليه بإذن الله.ومما يساعد على فاعلية هذه الأدلة كونها من المرونة بمكان بحيث يمكن تحديثها وتعديلها والاضافة اليها حسب حاجة العمل، وتحفيز القائمين على التنفيذ مهما صغرت مرتبتهم على المساهمة في عملية التطوير والتفاعل معها كلما كان ذلك ممكنا.ما سبق، يحدونا الى التفكير في الجهة الفعالة التي يمكنها القيام بهذه المهام الحساسة والضرورية، ألا وهي «إدارة التطوير الاداري» في الجهاز.فقبل التفكير في تطوير هذا الجهاز نفسه، أرى ضرورة تطوير وتفعيل دور «إدارة التطوير الاداري» في الجهاز نفسه، ليتسنى لها القيام بدورها الذي رسم لها. وبذلك تكون قادرة على أداء ما سبق قوله بكل كفاءة واقتدار وتفاعل.
وبمناسبة تكليف معاليكم بوزارة المياه، فإنني أقترح ضرورة دراسة انشاء «أو تفعيل» ادارة فعالة للتطوير الاداري والمتابعة، لتواكب وتتفاعل مع التنظيمات والتطويرات التي ستطال قطاع المياه، «من المؤكد ان مثل هذا الجهاز الحساس سيكون من ضمن التنظيم الجديد لوزارة المياه،
وفي هذه الحالة يقترح أن يتم التركيز على تفعيل دور هذا الجهاز «التطوير الاداري» بحيث يستطيع مواكبة طموحاتكم من حيث الكفاءة والخبرات التطبيقية، ليس فقط بالوقت الحالي وإنما تهيئته أيضا ليضطلع بدوره مستقبلا في المحافظة على المكتسبات التنظيمية والتطويرية التي سيتم تحقيقها بإذن الله وتحديثها كما سبق القول «ومعاليكم خير من يرى ضرورة ذلك من عدمه».
واستميح معاليكم العذر في تجاوزاتي هذه، فهي مجرد خواطر راودتني، واحساسي بسعة صدر معاليكم شجعني على ذلك.
ولمعاليكم خالص تحياتي وتقديري
معاذ بن رشاد السقا
|