نزع أسلحة الدمار من الجميع

يحتاج العالم بأجمعه إلى قدر من الاستقرار والتقاط الأنفاس والسلام النفسي والاحساس بالعدل لكن ذلك لن يتوفر في ظل اللهث الشديد نحو الحرب والصراعات والأزمات التي تطال كل شؤون الحياة.
ولعلَّ العدل هو الوصفة المناسبة لما يحدث من اضطراب فعندما يتعلق الأمر بأسلحة الدمار الشامل ترتفع الآمال عالياً بأن تختفي من على وجه الكرة الأرضية وليس فقط عن بعض أجزائها.
وبينما تبيح دول لنفسها أن تمتلك السلاح النووي فإنها على النقيض من ذلك ترى أن وجود هذا السلاح في حوزة الآخرين يهدد بمخاطر جمة..
فالعراق متهم الآن بامتلاك الأسلحة النووية والجرثومية والكيماوية.. ولم تفلح سنوات عديدة من التفتيش في العثور على أيٍّ منها، لكن مجرد هذا الاتهام تم اتخاذه كبيِّنة وكدليل لضرب العراق.
وفي ذات الوقت فإن اسرائيل لا تخفي أنها تملك السلاح النووي ويقول الخبراء إن لديها على الأقل 200 قنبلة نووية جاهزة للاستخدام.. ومع ذلك فإن إسرائيل تبقى بمنأى عن أيِّ ملاحقات دولية، أو مطالبات بنزع هذه الأسلحة أو تدميرها كما ترفض أن تخضع منشآتها النووية للتفيش.
ولا تقبع الأسلحة المحرمة دولياً في اسرائيل داخل الأقبية والمستودعات، بل هناك استخدام يكاد يكون يومياً للقنابل والقذائف التي تحرمها الاتفاقيات الدولية مثل القنابل المسمارية وغيرها من الأسلحة التي يجري استخدامها ضد شباب الانتفاضة.
وهذا مثال صارخ لعدم العدل الذي يسود العالم، حيث لا تتورع الدول الكبرى في تجسيد هذه الأمثلة كأفعال حقيقية على أرض الواقع.. ومع ذلك فإن هذه الدول الكبرى تريد من الآخرين أن يؤيدوا مساعيها الانتقائية في التعامل مع هذا الطرف أو ذاك ونزع أسلحة العراق وترك إسرائيل تعيش في سلام بكل ما تملك من مخزون نووي وجرثومي وكيماويات محرمة دولياً، هذا رغم أن إسرائيل تستحوذ على كل ذلك وهي قائمة على أرضٍ سرقتها من الفلسطينيين.
وعندما تدعو المملكة إلى نزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة دون استثناء فإنها إنما تطالب بالعدل الذي من شأنه أن يؤدي إلى الاستقرار وإبعاد شبح الحروب لأن امتلاك دولة لهذه الأسلحة دون الآخرين يعني أنها تخلُّ بعوامل الاستقرار والسلام في المنطقة، وأنها، خصوصاً في حالة إسرائيل، تهدد السلام بطريقة مباشرة وترفض الانصياع للقرارات الدولية التي تطالبها بالانسحاب من الأراضي العربية ووقف بناء المستعمرات.