ظل أحد المكاتب مغلقاً لأكثر من عام، مع أن صاحبه لم يمارس العمل فيه لأكثر من ثلاثة شهور، اختفى بعدها تماماً، وخلال الشهور الثلاثة التي كان المكتب فيها مفتوحاً، كان هناك العديد من الناس الذين يطرقون على بابه، بحثاً عن علاج طبيعي لمرض السكر، ويبدو أن مروج هذا العقار اختفى عن الأنظار، حين اكتشف بعض الناس أن عقاره يحتوي من التهديد لصحة مرضى السكر أكثر، مما يحتوي من العلاج، لذلك فقد أغلق مكتبه وفر، لكن الناس ما زالوا يتقاطرون بحثاً عن الترياق، في الوقت الذي كان صاحب العمارة يبحث عن حقوقه لدى بائع الأعشاب الطبية!
وقد استمرت معاناة صاحب العمارة مع مستأجر هذا المكتب أكثر من عامين، حتى ألقي القبض على المستأجر الفار، من أصحاب الحقوق، وفي نفس العمارة ظل أحد المعارض مغلقاً لنفس المدة، لامتناع مستأجره عن السداد.. أما في المنازل فهناك المئات من الذين يستأجرون فيلا أو شقة، ويدفعون القسط الأول، وهو يمثل إيجار نصف عام، ثم يبدؤون في المماطلة، فهناك من يسدد بالكاد العام الأول، في الوقت الذي يكون العام الثاني على وشك الانتهاء، وهو يرفض باصرار الخروج من السكن، وليس أمام المالك في هكذا حالة إلا اللجوء للحقوق المدنية، والحبال هناك طويلة ومتشعبة، لكن لا يوجد حل آخر، إلا بأن يمتنع صاحب العمارة عن تأجير عمارته!
وحتى بيع العمائر فإن هناك العديد من المحتالين الذين يبيعون عماراتهم، ثم بعد اتمام البيع يمهلون المشتري شهراً أو شهرين لتسليمه ما اشترى، لكن هذه المدة تتحول إلى أشهر مجانية، حتى يحمل البائع أغراضه ويرحل، غير مأسوف عليه، وأبقى مع المستأجرين، فقد قص عليّ أحد أصحاب الشقق المفروشة في المدينة قصصاً عديدة، عن محترفي السكن المجاني، مستغلين في ذلك طول الاجراءات في الحقوق المدنية، وخوف أصحاب الشقق من أن يفوتهم الموسم، لذلك فهم جاهزون لتقديم التنازلات للعديد من هؤلاء النصابين، وقد حكي لي عن شخص استأجر شقة مفروشة، بعد رحيل الحجاج، ولمدة شهر واحد، لكن هذا الشهر تحول إلى ستة أشهر مجانية، مع تبرع صاحب الشقة بتزويد المستأجر بطقم كنب وغاز وثلاجة مجاناً ليخلي الشقة، حدث هذا في اللحظة التي تمكن فيه من صيده وهو يدخل العمارة، وكان بإمكان هذا الشخص ان يقضي حياته كلها من شقة إلى شقة ومجاناً، لأن الشكوى تأخذ أشهراً حتى يبدأ البحث عن مثل هذا النصاب، وبعدها قد تستمر أشهراً أخرى حتى تؤخذ منه الحقوق التي التهمها أو حاول التهامها!
وقائمة النصابين في السنوات الأخيرة أصبحت طويلة، ولديهم من الحيل الكثير، التي تمكنهم من العيش مجاناً، على قفا خلق الله، ربما دون أن يتعرضوا للعقاب، بسبب زهد البعض في الوقوف طويلاً أمام أبواب الحقوق المدنية، وهو ما قد يكلفهم تقييد حريتهم وخسارتهم لوقتهم وأعمالهم، بسبب كثرة القضايا وبطء الاجراءات!
كل هذه الأمور تجعلنا نطرح السؤال: ألا توجد حلول عملية وسريعة، للقضاء على المتهربين من سداد ايجارات المساكن والمحلات؟ ألا توجد حلول لقضايا الشيكات التي تدفع دون أن يكون لها رصيد؟ ألا توجد حلول لمن يماطل في الخروج من مسكن أو محل لامتناعه عن دفع الايجار أو لإساءته استخدام المكان؟ ألا توجد حلول لمن يقفل مسكناً أو محلاً بالأشهر ثم يختفي عن الأنظار فلا هو سلم المكان لصاحبه ولا هو دفع مستحقات المالك!
وحيل النصابين ومشاكلهم كثيرة وكلها الآن في تزايد، ومعها أصبح كل انسان يعد أصابعه وهو يصافح الناس خوفاً على أصابعه أو يده أن ينزعها نصاب ويهرب بها؟!
فاكس: 4533173
|