Tuesday 11th march,2003 11121العدد الثلاثاء 8 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

17-1-1390هـ 24-3-1970م العدد 285 17-1-1390هـ 24-3-1970م العدد 285
مدينة جدة شهدت أمس اللقاء التاريخي لوزراء خارجية الدول الإسلامية
جلالة الفيصل يقول في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية:
في هذه اللحظة نرجو أن نكون عند حسن ظن شعوبنا وأمتنا - أعداء الإسلام ينظرون إلى هذا المؤتمر بكل توجس وخيفة

لقد كان يوم أمس يوماً مشهوداً في تاريخ الاسلام والمسلمين، حيث اجتمع مسلمو العالم ممثلين في وزراء خارجيتهم، بمدينة جدة، على مقربة من مكة المكرمة.
فكانت المرة الثانية التي يعقد فيها مثل ذلك الاجتماع، كنتيجة مباشرة لمؤتمر القمة الاسلامي العتيد الذي عقد في مدينة الرباط.
هذا وقد ألقى جلالة الملك فيصل كلمة سامية في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية، الذي بدأ اجتماعاته في جدة يوم أمس نورد نصها فيما يلي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحييكم تحية الاسلام.
انه لمن دواعي فخري واعتزازي ان أنوب عن شعب وحكومة هذا البلد لأرحب بكم ولاشك أنكم لستم في وطن غريب عليكم فهذا وطن كل مسلم. إننا اليوم أيها الاخوان في هذه اللحظة التاريخية نرجو ان نكون عند حسن ظن شعوبنا وأمتنا، وان نستهدف في كل ما نعمله الصالح العام الذي يقتضيه علينا واجبنا ومسؤولياتنا. قبل ستة أشهر عقد المؤتمر الاسلامي في مدينة الرباط وإننا لن ننسى ما قوبلنا به من قبل اخواننا في المغرب العربي من حفاوة وحسن استقبال وتسهيل لأداء مهمتنا التي خرجنا من أجلها، وقد لاقينا كل ترحاب وكل عناية من قبل اخواننا في المغرب العربي شعبا وحكومة وملكا، وبهذا المؤتمر تقرر أيها الاخوان أن يعقد اجتماعكم هذا، ولاشك أنني لست بحاجة إلى أن أتعرض الى جدول أعمالكم فهو بين أيديكم ولكنني أحب أن ألفت النظر الى ان اجتماعكم هذا هو محط أنظار العالم أجمع فان اخواننا المسلمين في كل أقطار العالم وأصدقاءهم ينتظرون من الجميع ما يبهج صدورهم ويطمئن نفوسهم فيما تتخذونه من مقررات وما تعملونه من أعمال تكون نتائجها بحول الله وقوته خيراً للجميع ومحققة لكل آمالهم، وفي نفس الوقت فإن أعداء الاسلام ينظرون الى هذا المؤتمر بكل توجس وخيفة ويسعون جاهدين لاحباط كل ما تنوون ان تعملوه وان يظهروكم بمظهر الفاسدين المتخاذلين، وأرجو الله سبحانه وتعالى ان يبطل كيدهم وألا يحقق آمالهم، ولا شك أن ما اتخذ في الرباط من مقررات هو يهدف قبل كل شيء الى ربط الأمة الاسلامية وتعاونهم جميعا لما فيه صالحهم وكذلك لرفع الضيم عنهم، ولرد العدوان الذي تعرضت له الأمة الاسلامية من أعداء الاسلام، وأعداء السلام وأعداء العدل والانصاف، ولما تعرضت له الأمة الاسلامية من استهانة بكرامتها وامتهان لمقدساتها، ولم يسبق في التاريخ أيها الاخوان ان تعرضت أمة من الأمم الى ان تحطم كرامتها وتمتهن مقدساتها حتى ولو تعرضت لشيء من الحروب أو القتال أوالخصام، ولكننا مع الأسف في هذا اليوم نتعرض في أوطاننا ومقدساتنا لكل امتهان وكل استفزاز ولسوء الحظ أننا نجد من العالم من لا ينظر الى هذا الأمر بجدية أو من يسعى لتبرير بعض الأعمال التي يقوم بها أعداء الاسلام وأعداء البشرية ويجدون لها بعض المبررات، فنحن أيها الاخوة يجب علينا ألا ننتظر من أعداء الاسلام أي انصاف أو أي اصغاء لحجتنا أو لمنطقنا ولكننا يجب علينا قبل كل شيء ان نعود الى ربنا سبحانه وتعالى وان نستعيد ايماننا بالله وتمسكنا بعقيدتنا والسعي باخلاص للدفاع عن أنفسنا وعن كرامتنا وعن مقدساتنا بكل ما أوتينا من قوة، فنحن لسنا معذورين ونحن لسنا ولله الحمد من الضعف الى الدرجة التي تعجزنا عن أن نقوم بواجبنا ولكننا في حاجة فقط لقوة الايمان والاخلاص في العمل والعزيمة على التنفيذ.
لا أجدني في حاجة الى ان أشرح لكم أيها الاخوان شيئا مما نحن فيه اليوم، فالكل يعلم ذلك، والكل يشعر بعظم النكبة، والكل يرى بعينيه ويلمس ما تتعرض له اليوم الأمة الاسلامية من عدوان فظيع لم يسبق أيها الاخوة في التاريخ ان اعتدى به على أمة أو على شعب في عقر داره وطرد من بيته ومن أرضه ومزق شر ممزق ومع ذلك يستنكر عليه ان يدافع عن أرضه وعن نفسه وعن أهله وعن حرماته. لم يسبق أن اعتدى على أي ديانة من الديانات يمثل ما اعتدي به على الاسلام اليوم، فانتهاك المقدسات ليس فقط بالتهجير والاحراق والتخريب، ولكن بامتهانهم وما يجري فيها من أفعال مخزية حتى أنهم اتخذوا من حرم القدس الشريف مكانا لاستعمال الفواحش ولاظهار التحلل الخلقي وكل هذا امعانا منهم أيها الاخوان في مهانتنا ودوس كرامتنا فلهذا لا أجد اليوم لنا أي عذر أو أي مبرر أن نتقاعس أو نتأخر عن ان نعمل ونعمل بجد وألا تكون اجتماعاتنا ولقاءاتنا هي عبارة عن خطب أو كلمات رنانة أو قرارات تتخذ، ولكن يجب أن تكون أعمالا وأفعالا يراها القريب والبعيد ويحس بها الصديق والعدو وألا ينطبق علينا قوله سبحانه وتعالى: )وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) (آل عمران:167)
فإنني أربأ بنا جميعا ان شاء الله أن نكون من هذا الصنف فإذا قلنا يجب أن نفعل وإذا قررنا يجب أن ننفذ، لا يجب ان ننتظر من أعدائنا أعداء الاسلام أي انصاف أو أي مساعدة حتى ولو أحد منهم أنهم يساعدوننا أو يؤيدوننا فهذا لا يتعدى اللفظ فقط ولكن في الحقيقة هم ليسوا معنا واننا في العشرين سنة الماضية رأينا ولمسنا ماذا كانت مواقفهم معنا وماذا كانت أعمالهم بالنسبة إلى قضيتنا.
أيها الأخوة: اسمحوا لي اخواني إذا أطلت في هذه النقطة، فإن هذه النقطة اليوم هي محك أو شبه اختبار لنا فيما نعمله أو ما نقوم به من أعمال ولكننا يجب ألا نقتصر كذلك على هذا الأمر وأن يكون هدفنا هو ارتباطنا دائما وتعاوننا دائما وتماسكنا فيما بيننا على أساس من الايمان والاخلاص والعقيدة والتعاون، ونحن في عملنا وفي تعاوننا وتعاضدنا، نحن لا نقصد شرا بأحد ولا نريد لأحد إلا كل خير ولكننا في نفس الوقت لا يمكن أن نقر الشر فينا، ولا أن يعتدى علينا، فالدفاع عن النفس مشروع في كل الشرائع والله سبحانه وتعالى قال: {فّإن قّاتّلٍوكٍمً فّاقًتٍلٍوهٍمً } وهذا ما فيه شك ان الواجب ان ندافع عن أنفسنا وأن ندافع بكل ما أوتينا من قوة. فأرجو أيها الاخوان أن يكون اجتماعكم هذا فاتحة خير لتعاون المسلمين وألا نكتفي بهذا الاجتماع فقط بل أن تستمر لقاءاتنا واجتماعاتنا وتعاوننا لما فيه خيرنا وصلاح أمورنا في ديننا ودنيانا وإنني لأرجوكم إن شاء الله كل توفيق وان يهيىء لكم ربكم من الأمر رشدا لتخرجوا من هذا الاجتماع بنتائج مثمرة يفرح بها الصديق ويغتاظ بها العدو وأن تكون نتائج فعالة لا مجرد قرارات وتصويت..
وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يرضي الله الكريم، وأن يهدي قلوبنا جميعا لما فيه خير ديننا ودنيانا وإنني باسمكم ايها الاخوة افتتح هذا الاجتماع الذي أرجو له كل خير وكل نتائج خيرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved