طَرقَات في الفؤاد.. وهَمَسات في الضمير يا للهول!! إنها لأول مرة تجتاحني مثل هذه الأمور.. ضاق الصدر وكمد القلب.. فتَّشْتُ عن سبب هذه الأعراض.. ويا للعجب؟! وجدتها من قلمي، الملامس لفؤادي.. أخذته برقَّة وحنان.. سألته.. يا صغيري ما شأنك؟ أجابني وهو غارق بدموعه: صديقي.. إنني عليل صرخت من هول الفاجعة.. عليل!! قال بكل بؤس: نعم عليل.. إن علَّتي هي جفاف حبري.. فلقد طُفْت الأرجاء لأجد طبيباً حاذقاً يشفي علتي ولكن هيهات هيهات.. قلت له: لا تحزن سنجد الفرج بإذن الله..
ومع إشراقة شمس الصباح.. جدَّفنا في زورق الحياة وشققنا عباب الماء.. كنت هائماً على وجهي لا أعرف أي طريق أسلك.. ولا أي منحى أصبو إليه.. سرنا أياماً وليالي.. ونفد كل شيء.. وكدنا نفقد الأمل.. وبينما نحن على هذه الحال إذ سمعنا من بعيد صوتاً شجياً جميلاً ينادينا.. ذهبنا حيث الصوت فإذا هو رجل باسم الثغر بهي الطلعة حسن الترحاب قال لنا بصوت حنون ما الذي أتى بكم هنا!! لم يتمالك قلمي العبارات.. وبعدها شكا حاله إلى ذاك الشيخ طمأنه الشيخ الوقور بقوله: لا عليك أيها القلم اللطيف.. علاج سهل يسير.. استبشر القلم وقال بصوت يحدوه الأمل.. ما هو يا شيخي الموقَّر.. فقال: إن علاجك أن تكتب في أرض هذه الجزيرة الوارفة الظلال طالما حبرك لا يكتب إلا الحسن ولا يحيد إلى غيره ولا يسلك مسلكاً وعراً.. تقافز القلم في لهو ولعب حتى وقع بين يديَّ لأكتب لكم ومن «جزيرتي» الغنَّاء هذه السطور وتلكم العبارات..
أعرفتم هذه الجزيرة؟ بل أعرفتم هذا الشيخ الذي وجدناه فيها.. لن أقول الجواب إذ لا يخفى القمر.
|