كان بوسع الحياة ان تكون شجرة خضراء وارفة الظلال لولا ان الله سبحانه قد قدر لإنسانها العيش في كبد من مظاهره أو دلائله ما للقلق من منشار بطبيعة تؤهله لأن يقضم جيئة ويلوك ذهابا في أعمق أعماق كيان الإنسان، إنه منشار «رايح جاي» تماماً كما تبدو حقيقته اللغوية المنشارية هي الأخرى وذلك حين تُقرأ كلمة «قلق» معكوسة، وثمة في هذا المنحى حقيقة لم يتوصل إليها الإنسان إلا حديثاً وتتمثل قدرة القلق غير المحسوس على إحداث الضرر الجسدي المحسوس الملموس، ومن أدلة ذلك العديد من الأمراض ذات الجذور النفسية حيث أثبت العلم حديثاً أيضاً صحة فرضية تقاطع المرض الجسدي (Disease) مع المرض النفسي (illeness ) بل أثبت هذا العلم كذلك تحول الأمراض النفسية إلى أمراض عضوية/جسدية من ضمنها على سبيل المثال مرض «الهستيريا التحولية» الذي هو مرض نفسي في الأساس غير انه قد يتحول بمضي الزمن إلى أمراض جسدية مزمنة كالشلل والصمم وفقدان القدرة على النطق وما شابه ذلك، علاوة على ذلك فمن الثابت علمياً أيضاً ان مرض «ضغط الدم الجوهري» قد ينجم من شدة وطأة الحزن.. أو الغضب أو الغيظ لا سيما حين يلجأ الإنسان إلى التعامل معها بالكتمان.
وفي ضوء هذه الحقائق العلمية «المضغوطة!» يؤكد العلم الحديث أن القلق هو أنسب مقياس لمعرفة «من تكون».. فوفق معطيات النظرية المعروفة بنظرية «القلق الأساسي» طبيعة قلقك هي المفتاح السحري لفهم وتحليل شخصيتك.. وقد تبدو هذه الافتراضات غريبة بل هي بالفعل غريبة من حيث كونها تمنح أبغض ما لدينا: «القلق» القدرة على فك طلاسم ابهم واغمض ما فينا: «شخصياتنا». وعلى الرغم من كل هذه التطورات فهناك شيء واحد لم يتغير وذلك هو حقيقة ان علاج القلق لا يزال بيدك.. في جيبك.. فبمقدورك لا التخلص من وخزاته المؤلمة وحسب بل باستطاعتك أيضاً استغلال الفرصة لاستثمار الطاقة «القلقية» في كيانك وتسخيرها في صالحك وذلك حين تمنح القلق فرصة استحثات مهاراتك وشحذ قدراتك وتحفيز ملكاتك، عليه فعليك كبح جماح قلقك وترويض شراسته ومنح عقلك الفرصة لتعطيل «زر» سلبية الأحمر واضاءة الزر الأخضر الايجابي منه وهذا يعني بدء تشغيل مكينة «تدوير نفايات القلق» فيك لتحويلها من ثم إلى منتجات نافعة مفيدة، حاول ذلك بالاصرار على التعود على القراءة.. على الكتابة.. على التنطيش.. على الرياضة.. على الوقوف إلى جانب فرد مظلوم أنهكه القلق.. وحينها سترى كيف تستنسخ قلقك السلبي إلى النقيض الايجابي منه.. فقط جرب ذلك!..
|