عندما بشرت الولايات المتحدة الأمريكية بحل القضية الفلسطينية حلا عادلاً يتيح للفلسطينيين التمتع بوطن مثلهم مثل باقي الشعوب في إبان الإعداد لحرب تحرير الكويت، لم تكن بحاجة ماسة كوضعها الآن في جمع الحلفاء لشن حربٍ على العراق.
في عام 1990 كان هناك شبه إجماع للاشتراك في الجهد التحالفي لطرد القوات العراقية من دولة الكويت التي غزيت من قبل قوات صدام حسين وكان هناك أغلبية عربية وإسلامية تساند جهد تحرير دولة الكويت، بل إن المعارضين كانوا من القلة بحيث أصبحوا يطلق عليهم «دول الضد» ولهذا لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة لاغراء الدول العربية والإسلامية للاشتراك في التحالف لطرد القوات العراقية من الكويت بل الصحيح أن كثيراً من العرب عملوا على إشراك الولايات المتحدة في التحالف، ولكن مع هذا حاولت واشنطن تقديم تحفيز للدول العربية المترددة للاشتراك في التحالف بتقديم وعد بعزمها على إيجاد حل للقضية الفلسطينية وبعد انتهاء حرب تحرير دولة الكويت، أوفى الأمريكيون بنصف الوعد فدعوا لعقد مؤتمر مدريد الذي تمخض عنه، بفعل فاعل أوباستعجال من الفلسطينيين، اتفاقيات أوسلو التي منحت الفلسطينيين «قشرة دويلة» وفرضت عليهم تقديم آلاف الشهداء بانتظار إنجاز إقامة الدولة الحقيقية.
الآن ورغم أن أمريكا بحاجة ماسة جداً لتكوين تحالف يقف معها في حربها المرتقبة ضد العراق، فليس خافياً أن جميع الدول العربية ليست راغبة في مشاركة أمريكا حربها ضد العراق، وكان مفترضاً أن يقدم الأمريكيون «رشوة سياسية» للعرب، مثلما قدموا رشاوى اقتصادية لدول انضمت وستنضم إلى تحالف أمريكا الجديد، فحتى «خطة الطريق» التي أرادها الرئيس بوش بأن تكون «الرشوة السياسية» للعرب والتي أراد من إطلاقها مبكراً قبل المضي قدماً في تأكيد الحرب على العراق قطع الطريق على أي قول من أن أمريكا تكيل بمكيالين في تعاملها مع القضية الفلسطينية من جهة والأزمة العراقية من جهة أخرى..
إلا أن الرئيس الأمريكي نسي كل هذا أو تناساه بشأن الدولة الفلسطينية أو خريطة الطريق.. ففي خطاب إنتر برايز الذي ألقاه بوش مزق الرئيس خريطة الطريق واشترى من دون مساومة الألغام الإسرائيلية الصنع التي ستنسف خطة بوش وتجعلها أشلاء متناثرة. يقول المحرر السياسي لصحيفة «هآرتس» عكيفا الدار، إن خطاب بوش في إنتربرايز قد أزال القلق من قلب كبير المستوطنين الإسرائيلي أفيفدو ليبرمان إذ حول بوش «خارطة الطريق» إلى أسطورة ستظل تذكر في «أحاديث المقاهي» دون أن ترى النور.
فإذا كان الرئيس الأمريكي يكيف موقفه مع موقف المتطرفين الإسرائيليين عشية حربه على العراق في الوقت الذي تحتاج فيه واشنطن دعم العرب بصورة ماسة، فمتى إذاً سيقوم الرئيس بوش بفرض الدولة الفلسطينية على شارون..؟ يتساءل الكاتب الإسرائيلي: فهو إذا أغفل هذا الأمر غداة الحرب وهو بحاجة، دعم العرب، فمتى يتذكر ذلك؟ هل في وقت الانتخابات الرئاسية في أمريكا عندما سيحتاج إلى أصوات اليهود؟
سؤال يوجهه كاتب إسرائيلي للعرب ربما ليتيقنوا أنهم أصبحوا خارج الحسابات الأمريكية!!
|